نتنياهو فى الكونجرس.. القاتل يعظ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 25 نوفمبر 2024 12:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نتنياهو فى الكونجرس.. القاتل يعظ

نشر فى : السبت 27 يوليه 2024 - 6:30 م | آخر تحديث : السبت 27 يوليه 2024 - 6:30 م

إذا كان بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، قد قتل نحو ٤٠ ألف فلسطينى، وأصاب نحو مائة ألف وشرد حوالى مليونين آخرين منذ بدء عدوانه على قطاع غزة فى ٧ أكتوبر الماضى.

وإذا كان كيانه قد سرق بلدًا اسمه فلسطين منذ عام ١٩٤٨، فهل نستغرب ونندهش إذا خطب نتنياهو يوم الأربعاء الماضى أمام الكونجرس وارتكب مجموعة من الأكاذيب؟!
نتنياهو يكذب على شعبة طوال الوقت، وأحزاب المعارضة الإسرائيلية هى التى تقول ذلك، وليس العرب، وهم يضيفون أنه كذاب أشر ومحتال ومخادع ولا يهمه إلا مصلحته، وأن جزءًا كبيرًا من سياساته منذ بدء العدوان هدفها الأساسى هو البقاء فى السلطة، لأن خروجه منها يعنى المساءلة والمحاسبة وربما المحاكمة والسجن.
ذهب نتنياهو إلى الكونجرس الأمريكى من دون رغبة البيت الأبيض والرئىس جو بايدن، ذهب إلى هناك مستقويًا بأغلبية من النواب فى الحزبين الجمهورى والديمقراطى تؤيده أكثر مما تؤيد الرئيس بايدن.
أكاذيب نتنياهو فى الكونجرس لا تعد ولا تحصى وسوف نتوقف هنا عند القضايا الأساسية التى ركز عليها رئيس الوزراء الإسرائيلى فى خطابه الذى استمر نحو الساعة، وقاطعه أعضاء الكونجرس مرارًا وتكرارًا بالتصفيق المتواصل لدرجة أنه قال لهم: «توقفوا عن التصفيق وأنصتوا».
إيران كانت المحور الأساسى فى خطاب نتنياهو، واحتلت الجانب الأكبر من كلمته. هو حاول شيطنتها بكل الطرق وصور الصراع معها ومع المقاومة الفلسطينية باعتباره صراعًا بين التحضر والهمجية. الكذبة الكبرى هنا أن علاقة إيران بإسرائيل كانت قوية جدًا حتى سقوط الشاه فى فبراير ١٩٧٩، وبالتالى فالمشكلة ليست إيران بل الاحتلال الإسرائيلى الذى بدأ عام ١٩٤٨ ثم ترسخ وتوسع عام ١٩٦٧.
إذن لم تكن إيران موجودة قبل الاحتلال، وحماس نفسها لم تكن موجودة حتى الانتفاضة الأولى عام ١٩٨٧، وكذلك الجهاد الاسلامى بل كان هناك الاحتلال فقط.
هذه هى الكذبة الكبرى ويتفرع عنها أكاذيب أخرى من قبيل أن إيران تمول المتظاهرين فى الجامعات الأمريكية بل وخارج الكونجرس الذين استقبلوه بلافتات الاحتجاج، وأنهم أصبحوا لعبة فى يد إيران. كذبة نتنياهو هدفها نزع الإنسانية والتضامن مع الطلاب النبلاء وتصويرهم مجرد مرتزقة يهتفون مقابل المال.
هو وصف إيران بأنها منبع كل الشرور والفوضى وفرض الإسلام الراديكالى، على المنطقة بأكملها. تقديرى أن إيران تريد الهيمنة فعلًا على المنطقة، وارتكبت العديد من الأخطاء والخطايا بحق المنطقة لكن ما علاقة كل ذلك بالاحتلال الإسرائيلى الظالم لفلسطين؟! فلتنسحب إسرائيل من الأرض المحتلة وتتصارع مع إيران كيفما تشاء!
حاول نتنياهو إقناع الأمريكيين بأن يشاركوه شن الحرب ضد إيران وبرنامجها النووى، لأن فى ذلك ليس فقط حماية لإسرائيل بل أمريكا أيضًا، ثم خطا نتنياهو خطوة أخرى بالدعوة لتحالف بين دول المنطقة هدفه ضرب المشروع الإيرانى، لكنه يقترح ذلك، ويستمر فى احتلال الضفة وغزة وعدم تقسيم القدس، والسؤال الذى نسى أن يسأله لنفسه، وما هو الثمن الذى سيحصل عليه العرب إذا وافقوه على هذه الأوهام؟!
من الأكاذيب الكبرى فى خطاب نتنياهو أن إسرائيل لا تقوم بحصار أو تجويع سكان غزة، بل إن المساعدات تتدفق لكن حماس تسرقها، وهى كذبة كبرى يصعب حتى على الشيطان أن يفكر فيها، فلو أن حماس تستولى فعلًا على بعض المساعدات، فالمنطق يقول إنها لو كانت تتدفق فسوف تذهب للشعب، لأن بعض قطاعاته غاضبة أيضًا من حماس وما تسببت فيه.
كذبة كبرى أيضًا أن عدوان إسرائيل على رفح لم يتسبب فى أى أذى للمدنيين، وأن الضحايا المدنيين فى الحرب هم الأقل على الإطلاق فى حروب المدن، هى كذبة فاجرة، لأن كل التقديرات الدولية تقول إن الضحايا الفلسطينية هم الأكبر تاريخيًا مقارنة بعدد السكان.
الشىء الوحيد الصادق الذى قاله نتنياهو إن الحرب سوف تنتهى غدًا إذا القت حماس السلاح وأعادت الأسرى، وأن تستمر إسرائيل عسكريًا فى الإشراف على غزة. وأن يكون هناك جيل فلسطينى جديد لا يريد تدمير إسرائيل، وأن يتوقف عن كراهيتها بل العيش معها بسلام. كلام نتنياهو يعنى أن الاحتلال والعدوان مستمر حتى يتغير الشعب الفلسطينى بدل أن ينتهى الاحتلال.
لم ينسَ نتنياهو سلاحه المفضل، وهو الاستعراض والدعاية والبروباجندا فأحضر معه جنديًا مسلمًا من بدو فلسطينى، ليكذب مدعيًا أن الجيش الإسرائيلى يضم فى صفوفه كل الأديان والقوميات.
كذب نتنياهو كثيرًا وهو يقول إننا سوف ننتصر، فى حين أنه لم يحقق أى هدف مما وعد به منذ بداية العدوان خصوصًا تحرير الأسرى وتفكيك المقاومة، التى لا تزال تسجل بطولات مهمة رغم عنف العدوان ورغم الدعم الأمريكى المفتوح.
السؤال: كيف تحول الكونجرس ليكون أكثر تأييدًا لنتنياهو من الكنيست فى إسرائيل، هل هذا منطقى، وكيف نفهم هذه المفارقة الكبرى؟

عماد الدين حسين  كاتب صحفي