الحد الأدنى للأجور أصبح «هبل إعلامى» من وجهة نظر جلال الزربا رئيس اتحاد الصناعات ــ بحسب ما ذكره فى مؤتمر صحفى له الأربعاء الماضى.
هذا كل ما رآه المسئول الأول عن أكبر منظمات القطاع الخاص المصرى فى أول خطوة رسمية شديدة التواضع على طريق تحقيق العدالة الاجتماعية بعد الثورة ــ ورغم ذلك لم يبادر القطاع الخاص بتطبيقها فى الموعد الذى حددته الحكومة وهو الشهر الماضى ــ لم يخف الزربا ضيقه واستياءه الشديدين من وزارة القوى العاملة التى تعتبر الحد الأدنى هو أساس الأجر بينما يريد القطاع الخاص أن يكون مبلغ الـ700 جنيه شاملة كل مليم يحصل عليه العامل ــ وفوق ذلك كله يضع شروطا للقبول بذلك وهو خفض التأمينات من 40% إلى 15% ولا مانع من تعديل قانون العمل أيضا ــ وبلغ الامر بالزربا بمطالبة الدكتور أحمد البرعى وزير القوى العاملة بأن «يلم اللى بشتغلوا معاه وكفاية تصريحات غير مدروسة تثير الرأى العام» بحسب ما قاله تعليقا على تصريحات وزير القوى العاملة ومسئولى وزارته حول الحد الأدنى للاجور وزيادة الحد الاقصى لتوزيعات الأرباح.
وبينما يتهم الزربا الحكومة بالتناقض والتضارب فى تصريحاتها فيما يتعلق بالحد الأدنى ونكوصها عن اتفاقات الغرف المغلقة مع القطاع الخاص يتناسى الزربا الحديث شديد الصراحة والوضوح «للبرعى» فى إحدى ندوات المركز المصرى للدراسات الاقتصادية حول العدالة الاجتماعية والحد الأدنى للاجور ــ قال البرعى إن الظروف الحالية لا تتحمل تأجيل اتخاذ الخطوات الكفيلة بتحقيق بعض جوانب العدالة الاجتماعية مثل قضية الأجور وزيادتها والالتزام بالحد الأدنى الذى قررته الحكومة وقال البرعى إن السيناريو الأسوأ لعدم الأخذ بهذه السياسة هو الخروج إلى ميدان التحرير وهذه المرة ستكون ثورة جياع.
لم يتفهم القطاع الخاص ورموزه ما قاله وزير القوى العاملة رغم تأكيده أن الحد الأدنى المقرر «700 جنيه» يكفى بالكاد متطلبات الحياة الاساسية ولايسمح بتجاوزها «حتى ولو كانت مجرد فسحة على الكورنيش وشراء كوزين ذرة أو زجاجة بيبسى».
مازال القطاع الخاص يساوم الحكومة على تنفيذ الحد الأدنى ليحصل مقابله على أية مكاسب كعادته دائما دون أن يعى أن الظروف اختلفت والبلد تغيرت وأصبح العامل يعرف حقه جيدا ومستعدا أن يدافع عنه باستماتة.
بقيت فزاعة الاستثمار الأجنبى التى يستخدمها القطاع الخاص حاليا لإرهاب الحكومة فلم ينس الزربة فى مؤتمره الصحفى أن يقول إن التصريحات المتضاربة للحكومة تؤثر على الاستثمار الأجنبى بل والمحلى والمتوقف حاليا لحين اتضاح الرؤية السياسية للحكومة.
والحقيقة أن الاستثمار الأجنبى لا يفزعه دفع الأجر المناسب للعمال ولكن يفزعه عدم الاستقرار الذى ينتج عن عدم حصول العمال على حقوقهم وهذا ما لم يدركه القطاع الخاص المصرى بعد.