تمنيت دائما صباح كل اثنين من أيام الاسبوع ان ينسحب العنوان «صباح الصحة والسعادة» على ما أخاطب به قراء صفحتنا صحة وتغذية، لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن. اصابنا التلوث فى مقتل هذا الاسبوع. حوادث تلوث مياه الشرب فى منوف وتداعيات حادث استيراد لحوم حيوانات استرالية تم حقنها بالهرمونات، تلوث المياه أمر يكاد يكون مألوفا فى مصر فالأمر لا يقف عند حد تلوث مياه الشرب انما الى انعدام المياه الصالحة للشرب فى المئات من قرى الريف المصرى وصعيده، فى المقابل ايضا انعدام خدمات الصرف الصحى فى المئات من قرى مصر بل وفى اماكن قد لا يخطر ببال أحد انها تعانى من صعوبة الحصول على مياه نقية للشرب أو تفتقد لمشروع صرف صحى وانها تقوم بالصرف فى آبار تحت الارض وتهدد بكارثة بيئية اقصد الطريق الصحراوى وعشرات المشروعات السكنية على جانبيه.
القارئ الجيد لجميع ما نشر عن القضية يجد نفسه فى مأزق فليست هناك جريدة واحدة نشرت اخبارا مؤكدة لها وقعا لصدق او سمة الحقيقة انما كلها تصريحات متناقضة واقوال متضاربة ومعلومات تجافى المنطق والعقل فى الوقت الذى نشرت الصحف العديد من صور المصابين فى المستشفيات وهم يتلقون العلاج من النزلات المعوية التى ألمت بهم وفيما اعلنت وزارة الصحة عن اعداد المصابين أكد السيد محافظ المنوفية بثقة بالغة أنه وعلى مسئوليته جميع محطات المياه نقية وخالية تماما من التلوث وان الداعين الى مظاهرات الجمعة الماضية 24 اغسطس انما هم وراء تلك الاشاعة وانهم افتعلوا هذه الازمة وخططوا لها وقاموا بترويع المواطنين لإثارة البلبلة وتهييج الرأى العام ضد حكومة قنديل والرئيس مرسى.
من نصدق: المحافظ الذى ينفى الخبر من اساسه ام معامل الشركة القابضة التى تصر على ان مواصفات مياه الشرب فى المنوفية قياسية ام طبيب الوحدة الصحية الذى عالج فى يوم واحد (الدكتور عادل عبدالراضى) مائتى مواطن من اهالى قرية صنصفط بمحافظة المنوفية من نزلات معوية حادة وارتفاع فى درجة الحرارة عزاه لتلوث مياه شربوها؟ ام ننتظر التقرير النهائى الذى يعده الفريق الوقائى الذى انتقل الى مصادر المياه الملوثة من وزارة الصحة والذى اعلن علاج عدد من الحالات فى الوحدة الصحية ومستشفى حميات منوف.
ألا يذكركم هذا بالماضى القريب؟
أين الجديد فى موقف السيد المحافظ او تصريحات وزارة الصحة أو مسئول الشركة القابضة؟ وقائع تلوث مياه الشرب واضحة للعيان وضوح شمس الحقيقة والمحافظ ينفى والصحة تتحرك فى دوائر مفرغة بينما الشركة القابضة تتحدث عن مواصفات قياسية هى عاجزة عن توفيرها لسكان العاصمة ومنهم رئيس الجمهورية نفسه، هل قرأ احدكم بعض المعلومات المهمة التى يطلبها السياح قبل مجيئهم بحثا عن متعة مشاهدة معالم الحضارة المصرية القديمة والتى تفتنهم ويسعون اليها رغم المشقة والمصاعب؟
أولى تلك الملاحظات: ألا تقربوا مياه الحنفية فى مصر ولا تطلبوا الإسعاف إذا ألم بكم طارئ ولا تلجأوا للمستشفيات العامة.
التلوث امر وارد فى اى مكان فى العالم لكن الواقع ان ما نعانى منه الان هو تلوث سياسى اكثر خطورة من التلوث البيئى وابعد اثرا فى حياة الناس والشعوب.