يوميات الحزن العادى الحق فى «موتة طبيعية» - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 1:35 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يوميات الحزن العادى الحق فى «موتة طبيعية»

نشر فى : الإثنين 28 يناير 2013 - 8:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 28 يناير 2013 - 8:40 ص

العنوان «يوميات الحزن العادى» لأحد دواوين الشاعر الفلسطينى المتفرد محمود درويش رحمة الله عليه ورضوانه. لم أجد خيرا منه ليعبر عن حال تلك الأيام التى نعيشها بعد انحسار السعادة وغلبة كل ما يهدد الصحة ويشى بالخوف من أيام قادمة تحمل نذر الخطر.

 

داهمنى إحساس بالقهر مباغت وأنا أتابع أحد تحقيقات التليفزيون عن الاستعداد للتعبير عن مشاعر المصريين قبل ما حدث فى يناير 2011 من وقائع على أرض الوطن. تحدث الكثيرون لكن الصدمة باغتتنى حينما اندفع أحدهم فى صدق لا شك فيه يصل إلى قلبك بصورة مباشرة. رجل يناهز الخمسين من عمره مثل واقعى لمصرى عادى لا تخطئه عين. ملامح لوحتها شمس البحث عن لقمة العيش، ممصوص القد متوسط الطول رث الهيئة والملابس تخرج الكلمات من فمه مختلطة ببخار مكتوم فى رئتيه وجدله متنفسا أخيرا!. «خرجت اليوم لأهتف خبز وحرية. عدالة اجتماعية» تمهل للحظة قبل أن يفجر قنبلة القهر والمرارة فى وجوه كل المشاهدين ومنهم بالطبع أنا.. «وموتة طبيعية».

 

كانت المرة الأولى التى أسمع فيها هذا الهتاف المر وأظنكم أيضا! الحق فى ميتة طبيعية؟! إلى هذا الحد تراجعت الحقوق فى بر مصر حتى صار الأمل أن يحصل الإنسان على صك يضمن له أن يلقى ربه بصورة طبيعية فلا عنف يدق عنقه أو فقر يقعده عن طلب العلاج إذا مرض؟

 

أصابنى هتافه المر فى مقتل فقد كنت أعانى من مدى أثر وفاة غادة مريضتى التى أشركتكم فى وقائع قصتها الإنسانية على مدى الأسابيع الماضية. لقيت غادة عناية فائقة من زميلتنا الفاضلة الدكتورة زينب عاشور فى وحدة الحمل الحرج بقصر العينى حتى جاء للدنيا وليدها. كان لغادة رغبة فى أن تسميه رياض إذا جاء ذكرا. حينما سألتها لماذا رياض قالت من رياض الجنة لكن غادة وإن منحها سبحانه فرصة السعادة بوليدها الذى ضمته لصدرها سليما معافى فإن أهل زوجها ضنوا عليها بالحق فى اختيار اسمه فسجلوه فى الوثائق الرسمية «عُدَى»!

 

ذهبت غادة وبقى عدى فقد هاجمت غادة جلطة شرسة سدت فى وجهها كل نوافذ الحق فى الحياة. نعم لكل أجل كتاب واللهم لا اعتراض لكن لو كان لدينا امكانيات رعاية غادة التى واتاها الأجل فى مستشفى بنى سويف العام بعد أن باغتتها الجلطة وهى فى منزلها فى إجازة قصيرة طلبتها قبل البدء فى الاستعداد لإجراء عملية القلب المفتوح لكنا بلا شك أفضل حالا.

 

هى بالفعل يوميات الحزن العادى الذى يعاصره طبيب يعرف حق قدر رسالة اختار أن يؤديها. لا تنقصه خبرة ولا تعوزه قدرة إنما يقهره عجز الإمكانات وسوء التخطيط. وسياسة حكومة. ويعانى منه أى انسان يبحث عن حق فى «موتة طبيعية».

التعليقات