نشرت مجلة Spectator مقالا للكاتب Roger Scruton» حول ضرورة الحفاظ على الجمال المعمارى، والعمل على حل جميع المشكلات الجمالية والتى تتطلب الإبداع والخيال.
يبدأ الكاتب حديثه بالإشارة إلى لجنة الإبداع البريطانية « Britain’s creation of a commission» المشكلة من أجل فحص الجمال فى المبنى الجديد الذى أثار ضجة إعلامية، مع تعرض رئيس اللجنة إلى حملات كراهية. والجدير بالذكر أن تلك الحملات تزداد عندما يتم تهديد المصالح الكبرى. نادرا ما تجد شخصا فى المملكة المتحدة ليس على دراية بما قاله «ميلان كوندريا» عن «قبح عالمنا uglification of our world »، وعدم وجود أمل فى فعل شىء حيال هذا الفعل. لا أحد ينكر الحاجة إلى عدد كبير من المنازل الجديدة. لكنهم جميعا يأملون فى أن تكون هذه الحاجة قادرة على التصالح مع رغبتنا العميقة فى الجمال.
ويضيف الكاتب أنه من خلال الحكم الجمالى، نسعى جاهدين من أجل عالم يدل على إنسانيتنا. ويزعم الكاتب أن الحكم الجمالى متأصل فى الشعور بجيراننا. ويقول إن: «الوصية الخاصة بأن تحب جارك مثلما تحب نفسك انتهكت بشكل واضح من خلال انتشار المبانى القبيحة بشكل كبير فى المدن البريطانية. ولا بد أن يقوم نظام التخطيط planning system بإنقاذ المنازل والبنية التحتية التى نحتاجها؛ ولا بد أيضا أن تقدم هذه المؤسسة ما يريد الأفراد رؤيته، أى تقديم الشىء الذى يمتع الأفراد ويسعدهم كما لو كان الأمر متعلقا بمنازلهم.
إن حاجتنا للانتماء هى جزء من ما نحن عليه كما هى الأساس الحقيقى للحكم الجمالى. نفقده ونحن نخاطر ببناء بيئة تقوم بالانتصار على جميع القيم الأخرى، بما فى ذلك القيم الجمالية. لا يمكن للمعمار التقليدى ــ رغم المغامرة فى استخدام المواد والأشكال والتفاصيل ــ الاعتماد على حجة «الترخيص الفنى» للتسلل عبر عملية التخطيط. فى الفن، هناك محاولة لتقديم التعبير الأكثر تمجيدا للحياة ومعناها. نحن نحاول أن نقوم بفعل ما يبدو أنه صحيح. كلتا الحالتين تنطوى على السعى وراء الجمال. لكن هذين النوعين من الجمال يمسان مساحات مختلفة منه. لخلق فن تحتاج إلى توافر الخيال والموهبة، وهذا ما أطلق عليه الرومانسيون اسم «الموهبة»، فلخلق الجمال اليومى تحتاج فقط إلى التواضع والاحترام. أما فى الفن، فنحن أحرار فى استكشاف الحياة بمختلف أنواعها، لكى ندخل فى العوالم المتخيلة. يتمثل قمة ما نسعى إليه فى الوصول إلى الجمال الفنى. ويتطلب الارتقاء بالحس الجمالى إلى وجود شخصية فنية متميزة واستخدام النماذج المتاحة بشكل مبدع.
فى الحياة اليومية، على النقيض من ذلك، الجمال هو مسألة تعديل ترتيباتنا بحيث تتلاءم مع حاجتنا واهتماماتنا العادية كما هو الحال عندما نرتب الصور على حائط؛ فجميع الأفراد يمتلكون ملكة الجمال اليومى فى حين قلة من الأفراد يمتلكون ملكة الجمال الفنى. ولا بد من التأكيد على أن كثيرا من الفن المعمارى يقع فى مكان ما بين الاثنين ــ وهو إلى حد كبير أمر هام للقيام به ــ ولكن التغلب على المشكلات الجمالية يتطلب الخيال والإبداع لحلها.
يختتم الكاتب حديثه قائلا إن: «دورنا كأعضاء فى تلك اللجنة هو استكشاف المزايا التى يقدرها الأفراد فى المبانى المحيطة بهم. أملى هو أن أجد الطريقة التى يمكن بها للأفراد العاديين أن يسمعوا آراءهم من خلال عملية التخطيط، بحيث يشعرون بالاستقرار فى مكان يمكن أن يكونوا فخورين به. هذه المهمة ليست سهلة. ولكن على أحدهم أن يفعل ذلك، ولا بد من اهتمام الجميع بالجمال.
إعداد: زينب حسنى عزالدين
النص الأصلى: من هنا