تتواصل الجهود المصرية لإعادة عدد مهم من الآثار المصرية الشهيرة فى الخارج مثل رأس نفرتيتى وحجر رشيد لمصر. وتأتى فى المقدمة جهود عالم الآثار الدكتور زاهى حواس فى المطالبة باسترداد عدد كبير من كنوزنا المصرية. ونؤكد على ضرورة دعم جهود الدكتور حواس فى هذا الملف الحيوى وهى جهود عظيمة وعلى الجميع دعم نداءات الدكتور حواس فى هذا الملف المهم.
إن سرقة الآثار المصرية كانت منتشرة فى مصر القديمة؛ فقد قام بعض اللصوص بسرقة مقبرة الفرعون الذهبى توت عنخ آمون وقام حراس الجبانة بالقبض عليهم ولولا هذا لما نجت مقبرة الفرعون الصغير وما اكتشفها هوارد كارتر فى عام 1922 لتصبح أهم اكتشاف أثرى فى القرن العشرين فى العالم كله، وكذلك هناك بردية سرقة المقابر من عصر الرعامسة والتى تتحدث عن سرقات بعض مقابر الفراعنة فى البر الغربى لمدينة الأقصر فى مصر الفرعونية. وبعد عصر الفراعنة زادت سرقات الآثار بشكل ليس له مثيل؛ وذلك نظرًا لأهمية آثار الفراعنة ومدى السحر والغموض والجمال الذى تحتويه هذه الآثار الساحرة. وصارت هناك عصابات دولية تقوم بسرقة الآثار وتهريبها والاتجار بها فى الخارج، غير أن القبضة الأمنية لأجهزة الأمن المصرية مع وحدات المنافذ الأثرية فى كل المنافذ المصرية والجمارك المصرية تحبط عددًا كبيرًا من كل هذه المحاولات التى تحاول استنزاف آثارنا المصرية الغالية. وتقوم الدولة المصرية من خلال التنسيق الكامل بين وزارة الآثار ووزارة الخارجية وعدد كبير من أجهزة الدولة المعنية بجهود كبيرة لاسترداد الآثار المصرية من الخارج وتتخذ عددًا كبيرًا من الإجراءات التى تحقق لها ذلك. وقام المجلس الأعلى للآثار فى عهد الأمين العام الأسبق له الدكتور حواس باسترداد عدد كبير من الآثار المصرية من الخارج وذلك من خلال تأسيس الإدارة العامة للآثار المستردة وقامت باسترداد عدد كبير من الآثار تبلغ حوالى ستة آلاف قطعة من عدد كبير من الدول فى عهده. وقام الدكتور حواس بتأسيس اللجنة العليا لاسترداد الآثار المصرية والتى كانت تضم عددًا كبيرًا من عمالقة الآثار والقانون الدولى والدبلوماسية والقانون وقامت بدور عظيم، وتوقفت بعد أحداث ثورة 25 يناير 2011 ثم عادت إلى العمل منذ فترة قريبة. وقد شرفت بالعمل فى استرداد عدد من القطع الأثرية حين كنت أعمل مديرًا عامًا لإدارة المنظمات الدولية واليونسكو، وكنت أساهم فى العمل فى الإدارة العامة للآثار المستردة.
ويمكننا الاستفادة من آثارنا فى الخارج من خلال التفاوض مع المتاحف والمجموعات الخاصة التى بها آثارنا للحصول على نسبة من مبيعات التذاكر والنماذج الأثرية التى يتم بيعها فى الخارج من خلال تطبيق قانون حماية الملكية الفكرية عليها، ومن خلال هذا القانون فلابد من الحصول على موافقة مصر أولا على الإنتاج ثم الاتفاق على نسبة من بيع النماذج المطابقة للأصل فى الخارج، فضلا عن الاستفادة من عوائد المعارض الأثرية التى تقوم بها هذه المتاحف فى الخارج، مع ضرورة وجود ممثلين لوزارة الآثار المصرية فى هذه المتاحف والهيئة التراثية وتمثيل الأثريين المصريين بشكل عادل فى مجالس إداراتها.
إننا قادرون على استعادة آثارنا من الخارج. وقامت الإدارة العامة للآثار المستردة باسترجاع عدد كبير من الآثار من متاحف مهمة مثل متحف المتروبوليتان فى نيويورك، وهى تقوم بدور مهم وفعال وتراقب كل صالات المزادات وتطالب بعودة آثارنا المسروقة بها من خلال التعاون الوثيق مع وزارة الخارجية المصرية وكل الجهات المعنية فى مصر.
وكم أنا سعيد جدًا بتغليظ العقوبات ورفع قيمة الغرامات المالية على من يقوم بسرقة الآثار المصرية وتهريبها وبيعها فى الخارج، غير أنى أدعو إلى اعتبار سرقة الآثار خيانة عظمى حتى يتم ردع كل من تسول له نفسه بسرقة آثارنا الغالية. حفظ الله مصر وآثارها الخالدة.. وجعلها فخرًا لنا ولتاريخنا.