كان للأسماء دلالة وأهمية كبرى فى مصر القديمة. وسار الفراعنة على النهج الذى نتبعه الآن فى تسمية المواليد وفقًا لاعتبارات خاصة بالأبويين خصوصًا فيما يخص المواليد المميزة كالمولود البكر، والولد بعد إناث، والبنت بعد ذكور.
تضمنت أسماء الأشخاص من حيث المحتوى مدلولات دينية الطابع وأخرى دنيوية. وتضمنت من حيث التركيب أسماءً بسيطة التركيب وأخرى مركبة. وكانت الأسماء الشخصية مختلفة فى اللفظ والتركيب عن الأسماء الحالية، غير أن الخلفيات المعنوية تتشابه فيما بينها إلى حد ما.
وظهرت بعض الأسماء المصرية القديمة وكان هدفها تمنى الخير للمولود أو صاحب الاسم نذكر مثل «سنب» أى سليم، و«مرى» أو «مرو» و«حسى» والتى بمعنى محب ومحبوب وممدوح، و«نختى» أى شديد، و«عنخ تيفى» أى سوف يعيش طويلا.
وكان يسمى الطفل باسم يميزه عن إخوته مثل «نبسن» أى سيدهم، و«باسر» أو «باحرى» أى الريس، و«إيتسن» أى رئيسهم. وما تزال أسماء سيدهم وزينهم وأمير وحسن مستخدمة فى مصر إلى الآن.
وظهرت مجموعة أخرى من الأسماء وكانت تحمل صفات جسمانية مثل الأسود أو الأحمر بناءً على لون البشرة أو الشعر. أو تسميات بما يعنى الصغير، أو الطويل، أو جميل الوجه، وأبورأسين، وأبوكف. وكان يُنسب المولود إلى بلدته أو محل ولادته مثل المنفى والطيبى كما يقال الآن طنطاوى وشبراوى وغيرها. أو يُنسب إلى حرفة كالنجار، أو الجندى، أو البدوى، أو الفلاح.
وظهرت فى مصر القديمة أسماء مشتقة من ظروف وضع الطفل أو عبارة نطقت بها الأم أو الداية أثناء الولادة مثل «إيمحتب» أى الآتى فى سلام، و«إيمسخ» أى جاء مسرعًا. وقد كان يُسمى المولود عرضًا باسم حيوان أو نبات أو شىء مثلما يقال إلى الآن تمساح، وديب، ونخلة، وصقر، والقط، والنمس، وفيروز.
وظهر فى مصر القديمة أشخاص باسمين أو ثلاثة. فقد كان للشخص اسم عادى واسم كنية أو اسم دلع، أو اسم يختاره أبوه إرضاءً لأهله وآخر تختاره أمه إرضاءً لأهلها.
وغلبت النزعة الدينية على أسماء كثيرة فى مصر القديمة تأثرًا بروح التدين ورغبة فى الإشادة بالمعبودات والإقرار بفضلها مثلما يحدث إلى الآن حين نقول خير الأسماء ما حُمد وعُبد. فكانت هناك أسماء مثل «حسى رع» أى مداّح رع، و«باك إن آمون» و«حم رع» أى عبدآمون وخادم رع، وعبارات التنزيه مثل «أمنمحات» أى آمون فى الصدارة. وكان الإنسان يحمل الاسم نسبةً إلى المعبود الحورى الإله «حورس»، أو «سيتى» نسبة إلى الإله «ست». أو كان يحمل استخارة الإله فى مولده مثل «جد بتاح أيو إف عنخ» أى قال بتاح إنه سيعيش.
ويختلف تأثير هذه الكنيات أو الأسماء عن كنيات وأسماء أخرى ربما أرادت الأمهات أن يدفعن بها الحسد وعين الشر عن أطفالهن مثل «جار» أى العقرب، و«بنو» أى الفأر، و«سنحم» أى جرادة، و«نرخيسو» أى ما أعرفهوش، و«بورخف» أى العبيط؛ كما نقول الآن خيشة وشحته وشحات.
ولم يكن المصريون القدماء ينادون أطفالهم بأسمائهم كاملة دائمًا، وإنما كانوا يختصرونها ويحورونها وينغمونها مثل اسم الملك خوفو صاحب الهرم الأكبر والذى كان اسمه الكامل «خنوم خوفوى». وظهرت أسماء للتدليل أمثال إيبى، وبيبى، وتى، وتيتى، وشرى.
واشتركت أسماء الإناث فى مصر القديمة مع أسماء الذكور فى بعض خصائصها وانفردت عنها ببعض آخر. ودلت أسماء الإناث أن الأسر كانت تتقبل مولد الأنثى بقبول حسن يقرب من الرضا بمولد الذكر. وقد اتسعت أغلب التسميات بالعذوبة والإعزاز والتدليل مثل «نفرت» أى الجميلة، و«نفرو» أى الجمال، و«بنرت» أى طعمة، و«سشن» أى سوسن، و«جحست» أى غزالة، و«نفرتارى» أى حلوتهم أو حلاوتهم، و«مررت» أى محبوبة.
وشأنها شأن أسماء البنين كانت تقرن كثيرًا بأسماء معبودات. وكانت أسماء البنات تختصر وتحور مثلها مثل أسماء البنين. وقد كان للأوساط الشعبية تعبيرات تنم عنهم فيما يخص التدليل مثل «تاميت» أى قطيطة، و«أوبت» أى فتفوتة، بل قد ظهرت بعض الأسماء التى ربما حملت خشية الأم من الحسد مثل «جمت موتس» أى التى لقيتها أمها، و«نرختوسى» أى ما حدش يعرفها، و«ستا إرت بينت» أى اكفها شر العين.
وليس من المستبعد أن روح التوسط النسبى فى تقبل الأبناء والبنات ظل أثرها باقيًا فى ترانيم الهدهدة التى ترحب بالمولود والتى ترددها الأمهات الشعبيات.
مصر القديمة باقية فى مصر المعاصرة معبرة عن عظمة التواصل الحضارى بين الماضى والحاضر فى مصر أرض التاريخ والحضارة ومعلمة البشرية.