خليفة خامنئي.. سباق يهدد استقرار النظام الإيراني - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 6:36 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خليفة خامنئي.. سباق يهدد استقرار النظام الإيراني

نشر فى : الأحد 28 مايو 2023 - 8:35 م | آخر تحديث : الإثنين 29 مايو 2023 - 12:06 م

نشرت مجلة فورين أفيرز مقالا للكاتب على ريزا إشراغى، يقول فيه إنه ولو كانت التظاهرات الأخيرة، احتجاجا على مقتل مهسا أمينى على أيدى الشرطة، لم تؤدِ إلى إسقاط النظام الملالى فى إيران، إلا أن الخطر مازال يحدق به، وسيظهر ذلك جليا عند اختيار خليفة المرشد الأعلى الحالى، على خامنئى. الكاتب شرح حالة التمزق التى تعانى منها النخب الإيرانية فى مجلس الخبراء، المنوط بها دستوريا اختيار المرشد، مما يعنى أنها ستكافح للوصول إلى توافق على مرشح بعينه، باختصار، الخلافات بينهم شخصية لا مؤسسية... نعرض من المقال ما يلى:

خلال معظم الأشهر التسعة الماضية، نُظر إلى احتجاجات إيران، بعد مقتل الفتاة مهسا أمينى، والمطالبات بالديمقراطية ومجتمع أكثر انفتاحا، على أن البلاد قد تشهد تغييرًا سياسيًّا، وأن الجمهورية الإسلامية قد تنهار.
للأسف، لم يحدث ذلك. إذ لجأت طهران إلى القوة المفرطة لقمع المظاهرات، واعتقلت آلافا، وقتلت مئات آخرين. واليوم، لا يزال السخط العام فى إيران يتصاعد، لكن المظاهرات هدأت إلى حد كبير، لدرجة لا تشكل خطرا وشيكا على النظام.
ومع ذلك، الخطر يأتى من النظام نفسه، فالمرشد الأعلى لإيران، على خامنئى، يبلغ من العمر 84 عامًا وله تاريخ من المشاكل الصحية. وبحسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز، فإن حالة خامنئى الصحية كانت متدهورة فى سبتمبر الماضى. وعندما سافر لزيارة ضريح أحد الأولياء فى عام 2022، أخبر الوفد المرافق له أنها قد تكون زيارته الأخيرة. صحيح قد يكون بصحة جيدة الآن، لكنه لن يعيش إلى الأبد، والنخب الإيرانية قلقة بشأن ما سيحدث بمجرد رحيله.
نظريا، لا ينبغى أن يكونوا قلقين للغاية: فالنظام الرسمى للجمهورية الإسلامية لاختيار المرشد الأعلى واضح تمامًا. إذ وفقًا للدستور الإيرانى، سيجتمع أعضاء مجلس الخبراء البالغ عددهم 88 عضوًا ويعينون مرشحين (مجلس خبراء القيادة الإيرانية يعتبر الهيئة الأساسية فى النظام الإيرانى الذى عهد إليه الدستور بمهمة تعيين وعزل قائد الثورة الإسلامية فى إيران). مجلس الخبراء لم يكشف مطلقًا عن القواعد الداخلية لإجراءات اختيار المرشحين، لكن المجلس يتناقش ويقوم بعد ذلك باستثناء مرشحين حتى يفوز شخص ما بصوت الأغلبية.
عمليا، الأمر ليس بهذه البساطة. فهذه النخبة ممزقة بالانقسامات وسيكون من الصعب عليها الوصول إلى توافق. فأعضاء المجلس فى صراع شبه دائم. والخلاف والتنافس الشرس يميز العلاقات بينهم، وحاليًا ليس لديهم قواعد أو مؤسسة قوية أو وسيط مؤثر لإدارة نزاعاتهم.
إذن، من غير المرجح أن يكون الصراع على خلافة خامنئى منافسة منظمة بين الفصيلين الرئيسيين فى النظام، المعتدلين والمحافظين المتشددين. على العكس، من المرجح أن تكون المعركة شبيهة بتلك التى جاءت بخامنئى إلى السلطة فى عام 1989: إذ كانت هناك منافسة وتعاملات مريرة وتصفية حسابات. باختصار، الشيء الوحيد المؤكد هو أن موت خامنئى سوف يجلب الكثير من عدم اليقين والفوضى.
• • •
على عكس الأنظمة الثورية الأخرى، لم تنجح الجمهورية الإسلامية مطلقًا فى إنشاء حزب أو منظمة يمكنها إدارة علاقات النخبة. حيث تم حل أهم حزبين سياسيين بعد الثورة فى الثمانينيات، حزب الجمهورية الإسلامية ومنظمة مجاهدى الثورة الإسلامية، بسبب الخلافات الداخلية. وأبرز منظمة دينية، وهى جمعية رجال الدين المتشددة، انقسمت إلى جهتين من قبل فصائلها اليمينية واليسارية.
الجمهورية الإسلامية، بالطبع، لديها مؤسسات الدولة المختلفة التى تمثل من الناحية النظرية الدولة بأكملها. لكن من الناحية العملية، فإن هذه الهيئات فى صراع دائم تقريبًا. على سبيل المثال، وعلى مدار العقدين الماضيين، تقاتلت وزارة الخارجية وفيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى حول من سيتولى شئون أفغانستان وباكستان وملف الشئون الخارجية فى الشرق الأوسط. المعركة مستمرة، رغم أن كلا من الوزارة وفيلق القدس يديرهما شخصيات متشددة! فى أبريل الماضى، شجع نائب رئيس وكالة تنظيم التأمين الإيرانية البرلمان علانية على عزل وزير الصناعات الإيرانى. ووزارة الثقافة الإيرانية على خلاف مع خدمة البث الوطنية الإيرانية حول من لديه سلطة فرض الرقابة على محتوى خدمات البث عبر الاشتراك.
تحتدم صراعات أخرى داخل المؤسسات الإيرانية. ففى أوائل عام 2021، أدى الاقتتال الداخلى داخل المكتب السياسى للحرس الثورى الإيرانى إلى إقالة رئيس التكتل التجارى للحرس الثورى الإيرانى. كما أدى الاقتتال الداخلى داخل شركة إذاعة جمهورية إيران الإسلامية إلى العديد من التغييرات فى قيادتها العليا. ظهرت نزاعات داخلية مماثلة بين المتشددين المسئولين عن القضايا النووية. إذ اختلف كبير المفاوضين النوويين فى البلاد، على باقرى كانى، مؤخرًا مع سعيد جليلى، رئيسه السابق، حول مسودة الاتفاقية التى أيدها كانى. ردا على ذلك، أبعد باقرى أحد مؤيدى جليلى من فريق التفاوض.
• • •
باختصار، كانت قوة النخب الإيرانية دائمًا أكبر من القوة التى تتمتع بها المنظمات البيروقراطية الرسمية، مما يجعل الخلافات شخصية أكثر منها نزاعات مؤسسية. لكن هذه المعارك الشخصية نادرًا ما تدور حول الانقسامات السياسية أو الأسباب الأيديولوجية. بل بسبب طموحات الوصول إلى السلطة والسيطرة على الموارد العامة. وهذه الطبيعة الأنانية للنخب فى إدارتهم للخلافات تعنى أنهم سيقاتلون بعضهم البعض حتى لو أدى ذلك إلى تقويض قدرتهم على الحكم.
كان هذا واضحًا بشكل خاص خلال الانتخابات الرئاسية فى يونيو 2021. حيث قاطع بعض القادة الإصلاحيين الانتخابات. ونشر العديد من المرشحين المحافظين شائعات تفيد باستبعاد إبراهيم رئيسى من المنافسة. زعموا، على سبيل المثال، أن خامنئى منعه من الترشح.
لكن فاز رئيسى فى النهاية. إلا أن الخلافات داخل النخبة المحافظة كانت شديدة لدرجة أن الرئيس لم يتمكن من اختيار نائب له إلا بعد شهرين من فوزه. كما استغرق الأمر عدة أشهر أخرى لتسمية محافظ البنك المركزى حيث تنافست مجموعات المصالح المختلفة داخل معسكره على المقعد.
• • •
جوهر القول، الفوضى فى السياسة الإيرانية سبقت خامنئى. لكن المرشد الأعلى الحالى لم يفعل الكثير للمساعدة فى ترسيخ الاستقرار فى نظامه. على العكس من ذلك، أنشأ خامنئى نوعًا من الحكم الشخصى لم يتح للنخبة أبدًا فرصة لتطوير كيانات قادرة على التوسط فى صراعاتها. النخبة لا تنظر إلى مؤسسات الدولة على أنها أماكن لتحقيق رؤى سياسية منظمة، بل على أنها إقطاعيات مؤقتة يمكن من خلالها استغلال الموارد العامة وتحقيق أهدافهم الفردية.
العملية التى يتم من خلالها اختيار خليفة خامنئى ستكون فوضوية إلى حد ما، مع وجود العديد من المفسدين وقلة من الوسطاء المخلصين. المرشحين الذين يبدو أنهم المرشحون المفضلون الآن، بما فى ذلك رئيسى ونجل المرشد الأعلى، مجتبى خامنئى، يمكن أن يفشلوا. بينما ستتحرك النخب التى يرفضها النظام السياسى الحالى للاستفادة من أكبر فراغ فى السلطة فى إيران منذ عام 1989.
والحقيقة أن الشىء الوحيد الواضح هو أن النخبة الإيرانية المعاصرة ليست مستعدة لهذه اللحظة. ونادرا ما تكون مستعدة لأى اضطراب ــ كما ظهر بوضوح فى الرد العنيف للغاية على الاحتجاجات الأخيرة.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
http://bitly.ws/FJi8

التعليقات