جورجيا ميلوني وقضايا القارة السمراء - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الإثنين 1 يوليه 2024 10:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جورجيا ميلوني وقضايا القارة السمراء

نشر فى : الثلاثاء 28 مايو 2024 - 8:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 28 مايو 2024 - 8:20 م

أثبتت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلونى أن مخاوف العديد من القادة الغربيين تجاهها فور توليها منصب رئاسة الوزراء فى إيطاليا فى عام 2022 مبالغ فيها. وسبب هذه المخاوف هو تشابه آراء حزبها اليمينى المتشدد (إخوة إيطاليا) مع آراء حزب التجمع الوطنى اليمينى المتطرف الفرنسي.
مزيد من التفاصيل، أطلقت ميلونى، خلال حملتها الانتخابية، النار ضد العديد من القيم العزيزة على الاتحاد الأوروبى، بما فى ذلك حقوق المثليين و«البيروقراطيين فى بروكسل» أنفسهم. كما أعربت عن تعاطفها، مثل غيرها من اليمينيين، مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
لكنها أثبتت فى منصبها أنها مواطنة نموذجية فى الاتحاد الأوروبى ومجموعة السبع ومنظمة حلف شمال الأطلسى (الناتو). ولم تقلد ميلونى شخصية فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، المنحرف فى الاتحاد الأوروبى (لدعمه الصريح للرئيس الروسى فلاديمير بوتين)، كما توقع كثيرون. لقد دعمت بشكل كامل بروكسل وحلف شمال الأطلسى فى دعم أوكرانيا ضد روسيا وعززت تحالف إيطاليا مع الولايات المتحدة. ويبدو أنها تتشارك مع الاتحاد الأوروبى بعض وجهات النظر بشأن الهجرة.
• •
وفى يوليو الماضى، وقعت ميلونى، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس الوزراء الهولندى مارك روتى مذكرة تفاهم مع الرئيس التونسى قيس سعيد. ووافق الاتحاد الأوروبى على دعم الميزانية المباشر وتسريع تمويل الاتحاد الأوروبى فيما يتعلق باستقرار الاقتصاد الكلى والتجارة والطاقات المتجددة والاتصالات بين الشعوب.
ووافقت تونس على التعاون مع الاتحاد الأوروبى فى مجال مراقبة الهجرة. وهذا الاتفاق ينص على منع الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر، ومعالجة قضية المهاجرين والاتجار بهم، والمساعدة فى إعادة الأجانب فى الوصول إلى أوروبا من تونس. وفى المقابل، وعد الاتحاد الأوروبى بتعزيز تنقل المواطنين التونسيين إلى دوله الأعضاء.
على الجانب الآخر، أثارت هذه الاتفاقية الجدل فى الاتحاد الأوروبى لقول بعض الدول الأعضاء أنه لم يتم التشاور معها قبل التوصل إليها. وتخوف البعض من عقد فون دير لاين صفقة مع سعيد، بسبب سياساته الاستبدادية فى تونس.
قول آخر، ركزت ميلونى الكثير من الاهتمام على تونس، حيث زارتها للمرة الرابعة الشهر الماضى، لسببين رئيسيين. الأول هو جعل إيطاليا مركزا للطاقة الإفريقية. والسبب الآخر هو أن تونس تعد نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، وخصوصا إيطاليا. على الرغم من أنه فى عام 2024، كانت ليبيا هى نقطة المغادرة وإسبانيا نقطة الوصول الرئيسية، إلا أن العديد من المهاجرين غير الشرعيين يصلون إلى إيطاليا. ومؤخرا، قال لوسيو مالان، عضو مجلس الشيوخ الإيطالى: «صقلية أقرب إلى تونس من صقلية إلى روما».
ربما يكون التحكم فى الهجرة أحد المحركات الرئيسية لسياسة ميلونى فى إفريقيا. ومن بين مفاجآتها الأخرى القمة الإيطالية الإفريقية الأولى التى عقدت فى روما فى يناير الماضى، تحت شعار «جسر للنمو المشترك». اجتذبت هذه القمة 20 من قادة الحكومات الإفريقية وممثلى 46 دولة – بما فى ذلك الرئيس التونسى. كما حضر الاجتماع زعماء الاتحاد الإفريقى وبنك التنمية الإفريقى والاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى.
• • •
تزامن افتتاح القمة مع عام رئاسة إيطاليا لمجموعة السبع مما سمح لميلونى بطرح ما يسمى بخطة «ماتى» لإفريقيا، والتى تستند ظاهريًا إلى مبدأ «التعاون على قدم المساواة». وتقوم الخطة على ست ركائز ــ التعليم والصحة والطاقة والمياه والزراعة والبنية التحتية.
وفى كلمتها أمام القمة، شددت ميلونى على أهمية التعاون فى مجال الطاقة، قائلة إن هدف إيطاليا هو «مساعدة الدول الإفريقية المهتمة بإنتاج ما يكفى من الطاقة لتلبية احتياجاتها الخاصة ومن ثم تصدير الفائض إلى أوروبا، والجمع بين حاجتين: حاجة إفريقيا إلى تطوير هذا الإنتاج». وتوليد الثروة، وحاجة أوروبا إلى ضمان طرق جديدة لإمدادات الطاقة.
وتابعت ميلونى أن إيطاليا تعمل منذ وقت مع الاتحاد الأوروبى على بناء البنية التحتية للوصول لجسر الطاقة هذا، مستشهدة على سبيل المثال بمشروع الربط الكهربائى ELMED بين إيطاليا وتونس، وممر SOUTH2 الجديد لنقل الهيدروجين من شمال إفريقيا إلى وسط أوروبا، مرورًا عبر إيطاليا.
وأضافت ميلونى أن خطة «ماتى» تهدف إلى إطلاق العنان لإمكانات إفريقيا وضمان الحق فى عدم إجبار الشباب الإفريقى على الهجرة، «وعدم الاضطرار إلى قطع جذورهم بحثًا عن حياة أفضل، وهو أمر يصعب تحقيقه فى أوروبا».
ورحب ممثلو الاتحاد الأوروبى بشكل عام بخطة إيطاليا. وأشادت فون دير لاين بالمبادرة باعتبارها متسقة مع مبادرة البوابة العالمية الأوروبية، والتى تتضمن حزمة استثمارية بين أوروبا وإفريقيا بقيمة 150 مليار يورو. وكما لوحظ، سيكون من الضرورى دمج خطة «ماتى» فى إطار الاتحاد الأوروبى، لأن مبلغ الـ 5.5 مليار يورو الذى أعلنته ميلونى لا يكفى لتطوير استراتيجية تشمل القارة بأكملها.
وفى رده، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى موسى فقى محمد عن أسفه لعدم تشاور إيطاليا مع إفريقيا قبل الإعلان عن خطة «ماتى». ومع ذلك فمن الواضح أنه يتفق معها من حيث المبدأ على أن الاستراتيجية الفعالة الوحيدة لإدارة تدفقات الهجرة تتلخص فى «تحويل المناطق الشاسعة التى تعانى من الفقر والإقصاء والمعاناة الإنسانية إلى مساحة من الرخاء والتنمية».
من ناحية الانتقادات، وبخت مجموعة من المنظمات غير الحكومية الإفريقية البيئية إيطاليا لعدم استشارة المجتمع المدنى وتركيز الخطة على الوقود الأحفورى. وأعرب منتقدون آخرون عن قلقهم من تعريض قيم الاتحاد الأوروبى للخطر من خلال التعاون مع أمثال قيس السعيد، وشراء دعم الدول الإفريقية بشكل أساسى لإبقاء المهاجرين بعيدًا.
ويشكك البعض فى دعم فون دير لاين لخطة «ماتى»، مشيرين إلى أنها تواجه فترة انتخابات صعبة الشهر المقبل، على الرغم من الدعم المتزايد للأحزاب اليمينية المناهضة للمهاجرين فى الاتحاد الأوروبى.
وقد حصلت ميلونى على تأييد غير متوقع من رئيس بنك التنمية الإفريقى أكينوومى أديسينا، الذى التقى بها فى اليوم التالى لانعقاد القمة. وأعلن أن بنك التنمية الإفريقى مستعد للعمل مع الحكومة الإيطالية لأن «خطة ماتى تتناسب مع أولويات البنك.. ويمكنك الاعتماد على بنك التنمية الإفريقى باعتباره شريكك المفضل».
أوحت موافقة أديسينا لمعهد الشئون الدولية الإيطالى أنه على الرغم من أخطائها العديدة، فإن خطة ميلونى يمكن إنقاذها من خلال مشاورات أوسع داخل أفريقيا، وليس فقط مع النخب، ودمجها فى إطار أوروبى أوسع.

بيتر فابريسيوس
مستشار لدى معهد الدراسات الأمنية

موقع Eurasia Review

ترجمة: وفاء هانى عمر

النص الأصلي
https://rb.gy/l2tte2

التعليقات