أبرز التداعيات المترتبة على مواجهة إسرائيل حرب استنزاف فى كل الجبهات - قضايا يهودية - بوابة الشروق
الإثنين 1 يوليه 2024 7:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أبرز التداعيات المترتبة على مواجهة إسرائيل حرب استنزاف فى كل الجبهات

نشر فى : الجمعة 28 يونيو 2024 - 8:00 م | آخر تحديث : الجمعة 28 يونيو 2024 - 8:00 م

حدثت فى الفترة القليلة الفائتة تطوّرات كثيرة فى كل ما يتعلق بتداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ يوم 7 أكتوبر 2023، والتى تحوّلت شيئا فشيئا إلى حرب استنزاف على عدة جبهات أبرزها الجبهة الشمالية مع حزب الله فى لبنان.
مهما تكن هذه التطوّرات لا بُدّ من التوقف عند ما يلى منها:
أولاً، تتجّه الأنظار أكثر فأكثر نحو آخر المستجدات فى منطقة الحدود الشمالية مع لبنان حيث ازداد الوضع تعقيدا. فلقد وصلت التوترات بين حزب الله وإسرائيل مؤخرا إلى ذروتها، بعد أن استهدفت غارة جوية إسرائيلية طالب عبد الله، قائد حزب الله فى المنطقة الوسطى من الشريط الحدودى الجنوبى، وأبرز قادته الذين قُتلوا فى الحرب الحالية. وتسببت مسيّرات مفخخة أطلقها حزب الله فى الأسابيع الثلاثة الأخيرة باشتعال حرائق اجتاحت شمال إسرائيل، الذى تم إجلاء سكانه إلى حد كبير منذ 7 أكتوبر. وقال الحزب مؤخرا إن إحدى مسيّرات الاستطلاع الخاصة به نجحت فى تصوير بعض المواقع الاستراتيجية فى شمال إسرائيل، بما فى ذلك ميناء حيفا، وبطاريات «القبة الحديدية» وغيرهما. وأكد الحزب بموازاة ذلك أنه فى حال قررت إسرائيل نقل التصعيد فى جبهة جنوب لبنان إلى حرب شاملة، فسيردّ على ذلك بقتال من دون ضوابط ولا قواعد ولا سقف.
ووفقا لما يؤكده معظم المحللين العسكريين الإسرائيليين والقادة السابقين فى المؤسسة الأمنيّة، فإن التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله فى الفترة القريبة المنقضية تهدف إلى إيصال رسائل ردع توصف فى بعض هذه التحليلات بأنها ذات طابع استراتيجى. وبالرغم من ذلك يجب أن نشير إلى أن الجيش الإسرائيلى، مثلما يؤكد المحلل العسكرى لصحيفة «يديعوت أحرونوت» وموقعها الإلكترونى رون بن يشاى، يخفق فى الجبهة الشمالية تقريبا فى تحقيق أى هدف استراتيجى مهم، ناهيك عن إخفاقه فى تحقيق هدف يدفع حزب الله إلى طلب وقف إطلاق النار. وبالعكس من توقعات الجيش، فإن مظاهر الدمار والخراب فى قطاع غزة لا تفلح فى ردع هذا التنظيم اللبنانى ولا رعاته الإيرانيين، والدليل على ذلك أن الحزب يقوم بتصعيد ردّه النارى ردا على كل ضربة مؤلمة توجهها إسرائيل، بل أيضا إن حكام طهران الذين يمتازون على الدوام بالحذر والحيطة لم يرتدعوا عن توجيه ضربة من الصواريخ والطائرات المسيّرة الهائلة والمباشرة نحو إسرائيل، وهو ما امتنعوا عنه على مدار أكثر من عقد شهد قتالاً من طراز «المعركة التى بين الحروب».
ويرى بن يشاى وغيره من المحللين العسكريين أن المغزى الاستراتيجى من هذا الوضع هو ما يلى: إن لم تحسم إسرائيل المواجهة فى الجبهة الشماليّة بصورة واضحة تعيد قوة الردع ليس فقط حيال حزب الله، بل أيضا حيال إيران، فمن شأن إسرائيل أن تكون خلال أعوام معدودة فى مواجهة هجمات متكررة تهدف إلى استنزافها عسكريا، ونفسيا، ودفْعها إلى الانهيار من الداخل. وهذا التوجُّه سيصبح أشد وأدهى حينما تمتلك إيران سلاحا نوويا أو قدرة على إنتاج سلاح كهذا خلال أسابيع معدودة، على حدّ التقديرات الإسرائيلية.
• • •
ثانيا، فيما يتعلق بآخر تطورات الحرب الإسرائيلية فى قطاع غزة، تجمع التحليلات الإسرائيلية على أنه لم يطرأ أى تغيير فعلى على هذه الجبهة. ومثلما يؤكد المحلل العسكرى لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، فإن الحكومة والجيش لم ينجحا فى الخلاص مما يصفه بأنه مأزق استراتيجى عميق يواجهانه منذ 7 أكتوبر. ولا يوجد أى موعد فى الأفق لا من أجل عودة المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين فى القطاع، ولا من أجل انهيار حماس (يشدّد على أن تحقيق هذا الهدف مستحيل تقريبا)، ولا لعودة سكان منطقة الحدود الشمالية إلى منازلهم («هآرتس»، 21/6/2024). وبرأى المحلل نفسه، فإن الجيش الإسرائيلى يريد إنهاء القتال فى قطاع غزة، ولكن ما يحول دون ذلك هو الاعتبارات السياسية لرئيس الحكومة نتنياهــو.
وبحسب صحيفة «يسرائيل هيوم» وصلت المواجهة بين المستويَين السياسى والعسكرى فى إسرائيل إلى الذروة فى الأسبوع الفائت، بالإضافة إلى شعور عام بتوحّل الحرب فى غزة. وتجسّد هذا الأمر فى اعترافات الناطق بلسان الجيش الإسرائيلى، دانيال هغارى، بأنه لا يمكن تحقيق أهداف الحرب التى وضعها المستوى السياسى فى أكتوبر وأُرسل الجيش لتنفيذها، والتى ردّ ديوان رئيس الحكومة عليها بالقول إن المستوى السياسى لا يزال متمسكاً بالأهداف، وبضرورة القضاء على حركة حماس. وتؤكد الصحيفة نفسها أنه بعد مرور أكثر من 8 أشهر على الحرب، وبعد التقارير التى تتحدث عن التعافى المستمر لكتائب حماس، وعن مئات المجندين الجدد فى صفوفها، يجب على الكابينيت السياسى - الأمنى الإسرائيلى أن يجتمع ويُجرى نقاشا استراتيجيا لما قاله هغارى: «هل فى الإمكان القضاء على حماس؟»، بعد أن قال الجيش بالفم الملآن إنه غير قادر على ذلك («يسرائيل هيوم»، 23/6/2024).
فى هذه الأثناء تزداد الأصوات الإسرائيلية التى تؤكد أنه يتعيّن على رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلى، الجنرال هرتسى هليفى، أن يواجه علنا المستوى السياسى، وأن يوضّح له ما إذا فى الإمكان تحقيق الأهداف التى وضعتها الحكومة خلال اجتماعها فى 10 أكتوبر 2023 أم لا، بحيث تشمل الجبهات الأُخرى، مع الأخذ بالحسبان كل الاعتبارات والقدرات الإسرائيلية، وليس بصورة عمياء. وإذا ما قرر الجيش ووزير الدفاع أنه فى مواجهة التحديات فى لبنان وإيران يجب إغلاق جبهة غزة، فعليهما أن يقولا ذلك.
• • •
ثالثا، أكد «معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى» فى جامعة تل أبيب أن إسرائيل تقف أمام خطر عزلة دولية غير مسبوقة. وقال رئيس المعهد، اللواء احتياط تامير هايمان، لقناة التلفزة الإسرائيلية 12: «إن الساعة الرملية للشرعية الإسرائيلية فرغت تماما تقريبا. وإسرائيل أمست اليوم فى أقرب نقطة فى تاريخها من عزلها دوليا، واحتمالات أن تتلقى دعما سياسيا يساعدها على شنّ حرب واسعة النطاق هى احتمالات محدودة جدا».
وعلى خلفية هذا الواقع أصدر المعهد (23/6/2024) إنذارا استراتيجيا تحت العنوان التالى: «إسرائيل فى طريقها نحو عزلة سياسية - إنذار استراتيجى»، شدّد فيه على أن مثل هذه العزلة السياسية ستنطوى على آثار كبيرة تتعلق بالاقتصاد والأمن القومى.
رابعا، لا شكّ فى أن موضوع الاقتصاد يحتاج إلى وقفة خاصة أكثر توسعا، ومع ذلك تتواتر التقارير التى إلى جانب تأكيدها أن إسرائيل، والمؤسسة الأمنيّة بصورة خاصة، تقفان أمام مفترق طُرق معقد، تسلّط الضوء على ما كل ما يتسبّب باستنزاف الاقتصاد والمجتمع.
ويُشار فى معظم هذه التقارير إلى أنه بعد المناورة البرية التى استمرت نحو 8 أشهر فى غزة واحتلال أغلبية أراضى القطاع، يبدو أن التصريحات بشأن إخضاع حماس باتت فارغة. وأكثر من ذلك، فإن الحرب التى أطلقت إسرائيل عليها اسم «السيوف الحديدية» تبدو حربا متعدّدة الجبهات من الجنوب والشمال، وهى تستنزفها أكثر من أن تقرّبها من الحسم.
كما يُشار إلى أن أكثر نعت ينطبق على ما آلت إليه الحرب فى قطاع غزة هو التوحّل الذى يحيل إلى التعثّر، وهو لا يضر بالجيش الإسرائيلى فقط، بل أيضا يستنزف المجتمع والاقتصاد، كما تتوالى الأسئلة بشأن قدرات السوق على دعم الحرب المستمرة. ووفقا لتقرير ظهر فى صحيفة «جلوبس» الاقتصادية الإسرائيلية فإن العجز الإسرائيلى المتراكم فى الأشهر الـ 12 حتّى شهر مايو الماضى، وصل إلى 137,7 مليار شيكل، وازداد بنسبة 0.3% نسبة إلى العجز فى نهاية الشهر الذى سبقه أبريل، ولذلك بلغ 7,2% من الناتج، فى الوقت الذى كان الهدف الذى حدّده القانون لنهاية عام 2024 هو عجز بنسبة 6,6%. ومنذ بداية العام الحالى، تم تسجيل عجز متراكم إلى نحو 47,6 مليار شيكل، مقارنة بفائض 13 مليار شيكل فى الفترة نفسها من العام الماضى. وفى الوقت نفسه، فإن إنفاق الحكومة منذ بدء العام وصل إلى 249,3 مليار شيكل، وهو ارتفاع بنسبة 35% فى مقابل الفترة ذاتها من العام الماضى («جلوبس»، 16/6/2024). كما أن التجنيد الكبير لتشكيلات الاحتياط فى الجيش يُثقل كاهل الاقتصاد الإسرائيلى.


أنطوان شلحت
المركز الفلسطينى للدراسات الإسرائيلية (مدار)
النص الأصلى

 

قضايا يهودية قضايا يهودية
التعليقات