السيسى بين ترامب وكلينتون - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 3:37 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السيسى بين ترامب وكلينتون

نشر فى : الخميس 28 يوليه 2016 - 9:25 م | آخر تحديث : الخميس 28 يوليه 2016 - 9:25 م

من حُسن حظ الرئيس والنظام المصرى وصول الانتخابات الأمريكية لنقطة وصول أحد مرشحين حليفين وداعمين للنظام السياسى المصرى لسدة الحكم فى البيت الأبيض. واليوم يجد النظام المصرى نفسه فى حيرة بين تفضيل مرشح جمهورى لا يخفى عدم إيمانه بالربيع العربى ولا بمبادئ الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان التى خرج من أجلها الملايين من شباب ورجال ونساء مصر، وبين مرشحة ديمقراطية تجمعها علاقات حميمة مع شركات اللوبى التى عملت سابقا مع النظام المصرى إبان عصر مبارك، وبين تلك التى تخدم وتمثل مصالح النظام فى واشنطن حاليا.


***


يقف المرشح دونالد ترامب فى نفس جانب النظام المصرى فى العداء للقوى الإسلامية، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين. وخلال خطاب ترامب الختامى أمام مؤتمر الحزب الجمهورى هاجم منافسته كلينتون قائلا إن «مصر جرى تسليمها للراديكاليين من الإخوان المسلمين، وهو ما أجبر الجيش على إعادة تولى السلطة». وقبل ذلك اتهم ترامب كلينتون بنشر الدمار فى الشرق الأوسط، معتبرا أنها لعبت دورا فى الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وتمهيد الطريق للإخوان المسلمين. ولم يقتصر الانتقاد على كلينتون، فترامب انتقد كذلك ما يراه دورا لأوباما فى الربيع العربى حيث اتهمه بالمساهمة فى إسقاط نظام صديق فى مصر على الرغم من احترامه لاتفاقية سلام مع إسرائيل، وبعد ذلك ساعد فى وصول الإخوان المسلمين للحكم بدلا منه.


وتحدث وليد فارس، أحد مستشارى ترامب لشئون الشرق الأوسط، لصحيفة الشروق وذكر أن «ترامب لديه عاطفة خاصة تجاه مصر، فهو يشعر بأهمية تحسين العلاقات مع الشعب المصرى تحديدا، ويعلم الحالة النفسية لجموع للمصريين تجاه الولايات المتحدة، ويريد أن يواجه ذلك ويصلحه، خصوصا أنه راقب الثورات وتابع المجتمع المدنى هناك، وأعلن أنه سيصلح العلاقات مع مصر على المستويين الشعبى والرسمى، لتدخل مرحلة جديدة متوازنة ربما تبدأ بشكل أساسى مع زيارة يقوم بها لمصر ستكون من أول زياراته لمنطقة الشرق الأوسط إذا فاز بمقعد الرئاسة».


وينظُر ترامب للرئيس السيسى بصورة شديدة الإيجابية، ويؤمن ترامب بأن جماعة الإخوان المسلمين هى جماعة إرهابية، ويجب أن تضعها واشنطن تحت هذا التوصيف.


***


وإذا كان سجل ترامب يُبشر النظام المصرى خيرا بما هو قادم من واشنطن، فالحال لا يختلف فيما يتعلق بهيلارى كلينتون، وربما تتعدى فوائد وصول كلينتون لسدة الحكم مثيلتها عند ترامب بالنسبة للنظام المصرى. وعلى الرغم من وجود حديث عن اهتمام كلينتون ونائبها السيناتور تيم كين بقضايا الحريات والمجتمع المدنى وحقوق الإنسان، فإن براجماتية كلينتون لا تقف بها عند هذه القضايا لإيمانها بسمو وأهمية العلاقات الاستراتيجية مع مصر. ترى كلينتون أن مصر تحكمها حاليا «ديكتاتورية عسكرية»، فقد ذكرت خلال أحد المناظرات الانتخابية أمام منافسها السابق بيرنى ساندرز: «رأينا ما حدث فى مصر، لقد حذرت من سقوط سريع لمبارك، وها نحن الآن مرة أخرى مع ديكتاتورية عسكرية». ثم أضافت: «نحن لا نملك إلا خيارات صعبة فى هذا الجزء من العالم بين العمل مع رجال قساة وطغاة، من أجل مصلحتنا الخاصة، وبين الترويج للديمقراطية». إلا أن الناظر لتاريخ السيدة كلينتون يدرك بما لا يدع مجالا لأى شك عدم إيمانها بديمقراطية الشعوب العربية وبخاصة مصر. فهى لا تنكر ــ كما جاء فى كتابها ــ أنها حذرت الرئيس أوباما من دعم الاحتجاجات ضد حسنى مبارك خلال ثورة يناير. وكتبت «لا يوجد الكثير مما يدفعنا للاعتقاد بأن حكما عسكريا عائدا سيكون أكثر تحملا مما كان عليه نظام مبارك». وقبل ذلك وأثناء أيام ثورة 25 يناير، انقسم فريق إدارة أوباما تجاه الموقف فى مصر. ورأى فريق الصغار أن ما يحدث هو ثورة حقيقية وطالبوا بدعم شبابها، أما فريق العجائز فقد طالب بالتلكؤ، وعدم التخلى عن الحليف حسنى مبارك. وكان صوت كلينتون هو الأعلى تحذيرا بين أفراد فريقها المحافظ من أن البديل الوحيد لنظام مبارك هو حكم الإسلاميين.


***

إلا أن أكثر ما قد يطمئن النظام المصرى تجاه احتمالات فوز كلينتون يتمثل فى شخصين. الأول هو «جون بوديستا» رئيس حملة هيلارى كلينتون الرئاسية، والثانية هى «سوزان بروفى» أحد المديرين فى شركة جلوفر بارك جروب. جون هو ابن عم صاحب شركة اللوبى التى استعان بها النظام المصرى لسنوات «بوديستا جروب» والتى يرأسها اللوبى الديمقراطى تونى بوديستا. وتجمع تونى علاقات ممتازة بالجيش المصرى وكبار قادته، ويظهر ذلك فى زيارته المتكررة لمصر خلال الأعوام الأخيرة، حتى بعدما انتهت العلاقة الرسمية بين شركته وبين الحكومة المصرية. ولسنوات تلقت شركة بوديستا وشركائها من الحكومة المصرية مبلغ 555 ألف دولار سنويا مقابل خدماتها. الشخصية الثانية سوزان بروفى التى تعد أكثر إثارة، إذ إنها مديرة بشركة جلوفر بارك جروب والتى تعاقدت معها مصر بعد يوليو 2013 طبقا لبيانات وزارة العدل الأمريكية بعقد قيمته 250 ألف دولار شهريا مقابل خدمات الشركة، وهو ما يزيد على ثمانية آلاف دولار يوميا، وتدفعها الحكومة الإماراتية. وأسس هذه الشركة أعضاء سابقون بارزون فى إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون. ونظمت السيدة بروفى حفلا لجمع التبرعات لصالح المرشحة هيلارى كلينتون أمكن خلاله جمع مئات الآلاف الدولارات للمرشحة الديمقراطية. وتبرع موظفو الشركة ذاتها بأكثر من 16 ألف دولار.


وستسمح علاقة شركة اللوبى ومديريها بإيجاد خطوط تواصل Access مهمة مع فريق عمل هيلارى كلينتون يساهم فى تقليل الانتقادات المتوقعة والروتينية لانتهاكات حقوق الإنسان، ويحافظ على استمرار المساعدات العسكرية لمصر فى المستقبل المنظور.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات