لمنظمة الصحة العالمية تقليد واعٍ لتنبيه الإنسان على الكرة الأرضية بمخاطر بعض الأمراض التى تعد بالفعل تحديا لمصيره نظرا لخطورتها على حياته وما يمثله التداوى منها وعلاجها بمختلف الوسائل من عبء اقتصادى على حكومات الدول.
الالتهاب الكبدى الوبائى الفيروسى هو أحد تلك التحديات صعبة المراس إذ يأتى فى المركز الثانى بعد الدرن الرئوى على قائمة الأمراض المعدية التى تستهلك صحة الإنسان وعافية بدنه سواء فى المرحلة الحادة من المرض أو ما يليها من تبعات تؤثر على سلامة أعضائه الأخرى.
يأتى اختيار يوم الثامن والعشرين من يوليو كيوم عالمى للكبد الوبائى تكريما للعالم باروخ بلومبرج الحائز على جائزة نوبل إثر اكتشافه لفيروس التهاب الكبد الوبائى (ب) ثم تطويره لاختبار تشخيصى للإصابة به ولقاح واقٍ منه.
اختارت الصحة العالمية أن يكون تاريخ ميلاد «بلومبرج» يوما عالميا على أجندة الأيام العالمية الدولية التى تشارك فى إحياء فعالياتها المختلفة مؤسسات منظمة الأمم المتحدة كاليونسيف واليونسكو ومكاتب الأمم المتحدة بمشاركة كل دول العالم وحكوماته جنبا إلى جنب مع مؤسسات المجتمع المدنى وقطاعات الأعمال الخاصة والعامة والمؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات ومراكز اجتماعية وثقافية.
الواقع أن برنامج علاج فيروس (سى) الكبدى الوبائى فى مصر قد نجح نجاحا سيسجله التاريخ، ونرى الآن كم كان حاسما متفوقا نتيجة الجهد المخلص الواعى الذى بذله أصحاب الشأن الصحى فى مصر وساندته الدولة بكل ما تملك من إمكانيات.
أرى أن تشجع الدولة الآن كل من يملك طرفا للخيط فى تلك القضية الهامة (الوقاية من أمراض الكبد الفيروسية) على أن يسارع للاحتفال بهذا اليوم كل على طريقته ووفقا لإمكاناته المتاحة؛ فالأمر لم يحسم بعد فى بلادنا على الرغم من هذا النجاح الباهر الذى تحقق.
فى أبريل الماضى شهدت باريس مؤتمرا هاما هو «القمة العالمية الثامنة عشرة لالتهاب الكبد الوبائى» والتى ناقشت آخر تطورات البحث العلمى فى مجال فيروسات الكبد ومنها تلك العدوى الفيروسية التى تم رصدها لدى الأطفال ولم يستدل على نوع الفيروس الذى تسبب فى تشخيص حالات عديدة لالتهاب الكبد لدى الأطفال غير منتمٍ لأى من الفصائل الخمس المعروفة من فيروسات التهاب الكبد (أ. ب، جـ، د، هـ).
أمر فيروسات الكبد ــ التى تسبب التهاب مصنع جسم الإنسان الذاتى والذى تدور فيه مئات العمليات الحيوية الهامة فى توافق يعد معجزة حقيقية من معجزات الحياة وقدرة الخالق ــ ما زال أمرا يحير الألباب ويدعو العلم بقوة للمزيد من أعمال البحث المكثف والتقصى.
بلا شك نحن نفخر بما حققناه فى مجال علاج التهاب الكبد الفيروسى (سى) وما وفرته الدولة والمجتمع المدنى من وسائل أتيحت للجميع على حد سواء لكن طريق الوقاية لا يزال يحتاج للكثير من الجهد والأفكار التى تتلاءم وثقافتنا وسلوك مجتمعنا.
الاحتفال بيوم الكبد العالمى بالفعل فرصة متاحة لكل من يسعى للمساهمة فى القضاء على خطر يتهدد الحياة. ففى الوقت الذى تعلن أمراض كثيرة عن وجودها بأعراض واضحة وصريحة تظل أمراض التهاب الكبد كمستصغر الشرر الذى يزحف متخفيا فى صمت حتى تظهر النار فجأة دون سابق إنذار لتضطرم قاسية صريحة فى كبد الإنسان.
أتمنى بالفعل أن يساهم الجميع فى فعاليات هذا اليوم فتجربتنا بالفعل مثل عظيم يجب أن يستعرضه العالم وأن نسعى جميعا على إحيائه بمتابعة نتائجة ورصد تطوره والاستفادة من تلك الملاحظات فى استكمال عوامل نجاحه.