انتخابات أوزبكستان.. ملاحظاتي كمراقب - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 28 أكتوبر 2024 9:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انتخابات أوزبكستان.. ملاحظاتي كمراقب

نشر فى : الإثنين 28 أكتوبر 2024 - 6:25 م | آخر تحديث : الإثنين 28 أكتوبر 2024 - 6:25 م

فى غالبية سفرياتى للخارج كان الهدف هو التغطية الصحفية، لكن فى رحلتى الأخيرة إلى أوزبكستان من ٢٦ - ٢٩ أكتوبر، كان الأمر مختلفًا.

ذهبت بصفتى عضوًا فى مجلس الشيوخ المصرى للمشاركة فى عملية الرقابة على الانتخابات البرلمانية التى جرت، أمس الأول الأحد.

وفد المراقبة المصرى تكون من ثلاثة أشخاص، هم: وكيلة مجلس الشيوخ فيبى فوزى ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن عبدالهادى القصبى، والعبد لله.

الحكومة الأوزبكية دعت ٨٥١ مراقبًا يمثلون ٥٠ دولة و٢١ منظمة إقليمية ودولية، إضافة إلى ٥٥ ألف مراقب من الأحزاب السياسية.

ذهبنا إلى العاصمة الأوزبكية طشقند عبر إسطنبول، التقينا سفيرنا فى طشقند تامر حماد، وقدم لنا ومعه أعضاء السفارة كل التسهيلات، الممكنة رغم أنه تسلم مهام عمله قبل أيام فقط.

قبل الانتخابات بيوم ذهبت برفقة مترجم ومرافق إلى ثلاث لجان فى طشقند للاطلاع على تجهيزات ما قبل الانتخابات. أما فى يوم الانتخابات نفسه فقد كانت جولتى فى لجان بولاية فرغانة ومدينة مرغيلان، وهى من الولايات المهمة فى أوزبكستان وتقع فى أقصى الشمال الشرقى بجوار طاجكستان وقيرغيرستان. الاستعدادات والتجهيزات والنظام كانت على أفضل ما يُرام.

وما لفت نظرى وأعجبنى أن هناك نظامًا صارمًا يمنع تمامًا الدعاية الانتخابية الفجة.

المسموح به هو تعليق صور للمرشحين على أعمدة الإنارة فقط. وحجم اللافتة لا يتجاوز المتر فى نصف متر. والصمت الانتخابى مطبق بصرامة، والدعاية الأساسية تعتمد على تخصيص مساحات للدعاية المجانية فى وسائل الإعلام الرسمية إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعى.

ومن خلال قراءات ومناقشات كثيرة، فإن غالبية الأحزاب السياسية تؤيد الحكومة والرئيس شوكت ميرضاييف، والتجربة السياسية هناك تتشابه إلى حد كبير مع التجربة السياسية المصرية، مع اختلاف التفاصيل.

والوضع السياسى الداخلى فى البلاد مستقر إلى حد كبير، فهى لا تعانى مشكلات سياسية كبرى.

الناخبون المسجلون حوالى 20 مليون شخص، منهم نحو مليونين خارج البلاد، بمن فى ذلك حوالى مليون فى روسيا. تنافس فى الانتخابات 375 مرشحًا عن طريق الأحزاب السياسية الخمسة المعترف بها، مع تسجيل 500 مرشح على مستوى الدوائر الانتخابية، وبلغت نسبة المرشحات 44.7%، وهو أعلى مستوى تم تحقيقه.

خلال تجولى لاحظت أنه فى مدخل كل لجنة لوحات كبيرة تتضمن كشوفًا بأسماء المرشحين بصورهم الواضحة وأسماء الأحزاب المشاركة، وأسماء الموظفين المشرفين على الانتخابات وخلفياتهم إضافة بالطبع إلى أسماء المواطنين الذين يحق لهم التصويت.

داخل كل لجنة يجلس الموظفون ثم ممثلو ومندوبو الأحزاب المختلفة، إضافة إلى مكان مخصص لجلوس المراقبين.

كل ناخب يقوم بوضع أربع أوراق داخل الصناديق الشفافة، الورقة الأولى لانتخاب ممثلى المحليات أو البلديات أو المدينة، والورقة الثانية لانتخاب ممثلى الإقليم أو الولاية والورقة الثالثة لانتخاب الحزب والورقة الرابعة لاختيار أعضاء مجلس النواب.

وبلغت نسبة المشاركة العامة ٧١٪ فى الخامسة عصرًا موعد كتابة هذا المقال، أى قبل إغلاق صناديق التصويت بثلاث ساعات.

فى إحدى اللجان قامت بعض الموظفات بالغناء والرقص التقليدى الأوزبكى تعبيرًا عن الفرحة، وترحيبًا بى. للمعلومات الأساسية فإن أوزبكستان أعلنت استقلالها فى الأول من سبتمبر ١٩٩١ بعد انهيار الاتحاد السوفييتى، وحكمها الرئيس إسلام كريموف منذ ذلك الوقت حتى وفاته فى ٢ سبتمبر ٢٠١٦، وبعده فاز الرئيس الحالى شوكت ميرضاييف ثلاث مرات فى ديسمبر ٢٠١٦ وأكتوبر ٢٠٢١، ثم فى الانتخابات المبكرة فى يوليو ٢٠٢٣ بعد تعديل الدستور، لتصبح مدة الرئاسة ٧ سنوات بدلًا من ٥.

مجلس النواب يتكون من ١٥٠ عضوًا، ومجلس الشيوخ من ١٠٠ عضو، والصلاحيات بينهما متوازنة إلى حد كبير، بل هناك صلاحيات واسعة لمجلس الشيوخ.

وهذه أول انتخابات تجرى بعد تعديلات الدستور فى أبريل من العام الماضى الذى يهدف إلى دعم الأحزاب السياسية، وتم انتخاب النواب لولاية جديدة مدتها ٥ سنوات وفقًا لنظام انتخابى مختلط، حيث يتم انتخاب نصف النواب، البالغ عددهم 150 نائبًا فقط، عن طريق التصويت للأحزاب السياسية بالقوائم النسبية، وسيتم انتخاب المرشحين الـ75 الآخرين بشكل فردى، وألزم الدستور الأحزاب بترشيح ٤٠٪ من النساء، وقد حدد قانون الانتخابات فى أوزبكستان عتبة انتخابية بنسبة 7% من الأصوات للحصول على كتلة تمثيل برلمانية.

تعمدت التوسع فى الحديث عن النظام الانتخابى للتأكيد على أنه يمكن إجراء انتخابات أكثر من مجلس فى الانتخابات الواحدة من دون التعلل بأن ثقافة شعب معين قد تحول دون ذلك، بل يمكن أيضًا تطبيق أكثر من نظام انتخابى بمعنى وجود قوائم مطلقة أو نسبية إضافة إلى الفردى. والمهم أن نعرف ما هو هدفنا من اختيار أى نظام انتخابى، هل هو تعميق دور نواب الخدمات أم دور الأحزاب المعتمد على البرامج السياسية والاقتصادية؟ على أن يتفرغ ممثلو المحليات للخدمات.

الرحلة كانت مفيدة للغاية وسأحاول العودة للكتابة عن هذا الشعب الأوزبكى صاحب الحضارة العريقة، والذى قدم للحضارة الإسلامية أسماء ورموزًا بارزة جدًا، وكذلك التراث والعمارة الإسلامية الساطعة، وكيف تتم صيانتها والمحافظة عليها.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي