هناك بعض الفروق بين تصرف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الإرهاب وما بين فرنسا وأوربا وأى دول أخرى دق الإرهاب أبوابها، فالبعد الجغرافى للولايات المتحدة الأمريكية وما يفصلها من محيطات عن بقية العالم يلعب دورا كبيرا، وكذلك استطاع المجتمع الأمريكى إلى الآن أن يكون وعاء الانصهار تذوب فيه الاختلافات العرقية والدينية والجنسية لتحمى الولايات المتحدة نفسها بعض الشىء من الإرهاب الخارجى.. مثال على ذلك عندما تم تدمير أبراج التجارة فى نيويورك عام 2001 ما كانت إلا مقدمة لضرب أفغانستان ثم غزو العراق وتفتيته نقلت الولايات المتحدة روح الانتقام إلى خارج حدودها، أما فرنسا وبعض الدول الأوربية الأخرى التى أصيبت بالإرهاب أخيرا فلا تستطيع عمليا وحدها أن تنقل روح الانتقام إلى خارج حدودها إلا يسيرا وداخل تحالف مع دول أخرى وهذا ما يحاول فيه الرئيس هولاند حاليا بزيارته للولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وألمانيا ولكن هناك سببا آخر هو تداخل الجاليات العربية والإسلامية مع بقية السكان، ونتيجة للأعمال الإرهابية التى جرت أخيرا كان رد الفعل من بعض المتطرفين حرق بعض المساجد هنا وهناك حتى وصل إلى كندا وتصاعد روح الانتقام وخلق إرهاب مضاد ضد الإسلام والمسلمين.
الرئيس الفرنسى ركن إلى الحلول الأمنية والعسكرية وأعلن حالة الطوارئ وسعى لتغيير بعض المواد فى الدستور الفرنسى حتى يحاصر الإرهاب الذى طال بلاده وبلاد أوربية أخرى، ولكن لم يتخذ هو وحكومته أية تدابير اجتماعية أو سياسية لتخفيف التوتر تجاه الجالية المسلمة هناك، ولا ننسى أعمال العنف التى جرت عام 2005 والتى خرجت من الأحياء العشوائية والفقيرة والتى تعيش فيها أغلبية مسلمة من أصول مغربية وجزائرية فى وسط بحر هائج من مجتمع استهلاكى بامتياز، ورغم أن الحكومة فى ذلك الوقت وعدت أن تُقدِم على إصلاح إجتماعى لكن لم يتم شىء إلا تعيين وزيرات أفارقة أو من أصول عربية وذلك للتهدئة وإعطاء انطباع أن فرنسا لا تميز بين سكانها رغم أنها تستطيع مع أوروبا لما لها من قيم فى مجالات العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة وعدم التمييز من تخطى أزمتها الإجتماعية ولا تتكل فقط على التدابير الأمنية شريطة أن تتوافر الإرادة السياسية لذلك.
فنحن فى مصر ولمدة أكثر من ثلاثين عاما أهملنا الفقراء والعشوائيات والتعليم والشباب والصحة وتكوين الإنسان فأصبحت الطبقة الدنيا والمتوسطة فريسة للأفكار والأفعال المتطرفة والإرهابية، وعلى أوروبا أن تتعلم مما مررنا ونمر به نحن، رغم أن إصلاحاتنا الاجتماعية لم تبدأ بعد بطريقة منظمة وممنهجة ولكنها تلجمت بعض الشىء إلى حين توافر الموارد والإرادة السياسية لذلك رغم أن هذه الإصلاحات مطلوبة بشكل عاجل جدا.