خرج جمال وعلاء مبارك من السجن وصارا حرين، قبلهما خرج والدهما الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ومعه أيضا غالبية رموز نظامه.
لا أعلق على أحكام القضاء، ودائما يقول القضاة انهم حكموا بما توافر أمامهم من أدلة قدمتها النيابة أو تحريات جاءت من وزارة الداخلية.
فى ظنى الشخصى لم تعد القضية الآن هى تبرئة أو إدانة مبارك وأسرته وكبار مساعديه من تهم فرعية محددة وصغيرة، كما انه من العبث ان ينشغل بعضنا طول الوقت بقضية وجود مبارك ورموز نظامه خارج أو داخل السجن.
القضية الأهم التى ينبغى أن تشغل بال وعقل وضمير كل غيور على هذا الوطن هى كيف يمكن الابتعاد عن كل السياسات التى اتبعها مبارك وقادتنا إلى الكارثة التى نعيشها.
حسنى مبارك كشخص صار من الماضى،والمفترض ان يقضى ما بقى من عمره فى منزله،وكذلك غالبية مساعديه مثل صفوت الشريف وزكريا عزمى وفتحى سرور وآخرين، هؤلاء تصرفوا بصورة جيدة حينما فهموا الدرس وابتعدوا عن الأضواء.
المشكلة هى فى بقية «الرموز الفاقعة» التى تعتقد أنها قادرة على إعادة عقارب الساعة إلى يوم 24 يناير 2011، ولا تدرك أن التاريخ لا يعود إلى الوراء حتى لو تطابقت بعض الوقائع والأحداث.
بطبيعة الحال بعض هؤلاء الرموز الفاقعة والتى كانت أحد الأسباب الرئيسية فى «خراب مالطة» يعتقدون أن الشعب فقد الذاكرة ونسى دورهم، ويعتقد بعضهم أيضا ان كراهية غالبية الشعب لجماعة الإخوان والمتطرفين تعنى آليا أن يغفروا لهم خطاياهم.
غالبية الشعب المصرى تدرك أنه لولا فساد نظام مبارك واستبداده وتجريفه وتمويته للحياة السياسية والمدنية طوال 30 عاما ما وصلنا إلى اللحظة التى سيطر فيها التيار الدينى على كل المجتمع من الرئاسة إلى البرلمان ومن النقابات إلى الجمعيات الخيرية مرورا بالشارع وصناديق الانتخابات.
لا نريد من الحكومة أو الرئيس أن يقبض على هذا السياسى أو ذاك رجل الأعمال المنتمى للحزب الوطنى، لا نريد منهم ان يلجأوا إلى إجراءات استثنائية أو يخالفوا القانون.
كل ما نريده منهم أن يضعوا سياسات رشيدة تجب كل السياسات التى انتجت فساد واستبداد الحزب الوطنى.
نريد قوانين استثمار عادلة وطبيعية ومرنة تشجع الاستثمار الجاد والمحترم على أسس تنافسية عادلة.
نريد قوانين تشجع الإعلام الجاد والنزيه والمهنى ولا تجعل الإعلام حكرا على أقل من خمسة أشخاص فى المجتمع، قد ينقلبون لاحقا على الحكومة والرئاسة وكل المجتمع.
نريد وجوها سياسية جديدة شابة تعطى رسالة بأنه ليس قدرا محتوما ان تسيطر الوجوه القديمة على الساحة السياسية طول كل العهود، على ان نستفيد من كل الخبرات القديمة فى الاستشارات وليس المناصب التى تحتاج شبابا ودما جديدا وافكارا مبتكرة تعرف لغة العصر.
نريد من الحكومة ان تبرهن بالأفعال وليس بالأقوال انها ليست امتدادا للحزب الوطنى.
نريد من الحكومة ان تسترد - وبالقانون فقط -أموال الدولة التى سرقها اللصوص طول السنوات الماضية،حتى تبرهن فعلا انها جادة فى محاربة الفساد.
ليس معقولا ان يتصدر غالبية أنصار مبارك المشهد العام فى مصر، وفى الوقت نفسه، تريد الحكومة من الشعب ان يصدق انها ليست امتدادا لهذا النظام.
ارجو الا يرد احد ويقول ان القانون برأ هذا او ذاك.. نحن هنا نتحدث عن السياسة والمواءمة،والرسالة التى تريد الحكومة ان ترسلها للشعب.