الذين رفعوا قميص وردة! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 22 أبريل 2025 10:13 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الذين رفعوا قميص وردة!

نشر فى : السبت 29 يونيو 2019 - 8:55 م | آخر تحديث : السبت 29 يونيو 2019 - 8:55 م

ما هى الرسالة التى ستصل للناس، حينما يقوم بعض لاعبى المنتخب المصرى، برفع رقم فانلة وقميص اللاعب المتحرش عمرو وردة، بعد إحراز هدفى الفوز على فريق الكونغو مساء الأربعاء الماضى؟!

كتبت قبل ذلك، أنه يمكن تفهم تضامن اللاعبين مع زميلهم، لكن أن يتحول التضامن إلى ما يشبه التمرد والدفاع الفج عن فعلة زميلهم الشنعاء، فهو سلوك كارثى ينبغى إدانته والتحذير منه، لكن من المهم أيضا دراسته وفهم دوافعه.

كان يمكن أن يقوم اللاعبون بزيارة زميلهم المستبعد فى منزله، أو مقر إقامته، أو يكتبوا كلمات وعبارات تضامنية معه كزميل توازن بين التضامن وإدانة السلوك حتى لا يبدو الأمر وكأننا نتصرف بمنطق قبائل الجاهلية، لكن أن يصل الأمر إلى تبرير الفعل و«عدم التعجل بذبح اللاعب» فهذا ما لم يكن فهمه إطلاقا.

ولو صح أن بعض اللاعبين قد ضغطوا على الجهاز الفنى واتحاد الكرة بضرورة إلغاء قرار استبعاد وردة، فستكون كارثة، ولو صح أنهم هددوا بعدم اللعب، ما لم يتم العفو عنه، فهى جريمة مكتملة الأركان فى حق الوطن وفى حق الأخلاق.

ولو صح أن النجم محمد صلاح كان من بين هؤلاء، فستكون مأساة حقيقية، لأن صلاح صار يمثل للجميع خصوصا الشباب نموذجا إيجابيا فى كل شىء وليس فقط فى كرة القدم.

وللأسف فإن التويتة التى كتبها صلاح يوم الخميس الماضى كانت شديدة الالتباس. فى جزئها الأول تحدث عن ضرورة احترام النساء، وهو أمر محمود جدا، لكن فى الجزء الثانى طالب بالتسامح وعدم إرسال المخطئ إلى المقصلة، وهى إشارة إلى التضامن مع وردة وطلب أو دعوة للعفو عنه.

أتمنى ألا يكون صلاح قد قصد الدفاع عن فعلة زميله المتحرش، لكن للأسف فذلك هو النتيجة النهائية. بعض المتابعين يرى أن صلاح تصرف فى هذا الموضوع، بطريقة «نجريج وبسيون ومصر»، وليس بطريقة ليفربول وبريطانيا، أى الفرق بين الطريقة العاطفية ومنطق عفا الله عما سلف، والمنطق الاحترافى الصارم!!

والسؤال هل كان يمكن لمحمد صلاح أو أحمد حجازى أو أحمد المحمدى أو محمد الننى، التدخل والضغط على إدارات أنديتهم الإنجليزية، لو أن الجريمة أو الفضيحة، قد وقعت فى إنجلترا؟!

الإجابة المتوقعة هى لا. لأن القواعد والأصول هناك واضحة ومحددة، وشديدة الاحترافية، ويتم تطبيقها علنا وبوضوح وعلى الجميع. لكن الفوضى التى تضرب عالم الرياضة فى مصر والمنطقة بأكملها، تجعلنا نتوقع ونصدق أى شىء للأسف!

كان يفترض باتحاد الكرة قبل الإعلان الفورى عن طرد اللاعب، أن يحقق فى الأمر بطريقة قانونية، ويستمع جيدا لأقوال اللاعب، ويتأكد من الحقيقة، ثم يتخذ الإجراء المناسب للجريمة، ويعلنه ويتمسك به، ويدافع عنه. لكن أن يطرد اللاعب اليوم، ثم يعفو عنه غدا، فتلك هى المأساة فى أفضل تجلياتها!

أما «الكوميديا السوداء» فهى تلك التى تقول إن «خبيرا تقنيا قد اكتشف أن الفيديو بين وردة والفتاة المكسيكية كان مفبركا!».

الطريقة التى تم التعامل بها مع الموضوع منذ البداية حتى النهاية، كانت نموذجا فى الفوضى والعشوائية والعصبية. وهو الأمر الذى انتقل من اتحاد الكرة إلى وسائل التواصل الاجتمتاعى، التى انقسمت بين فريقين مثلما يحدث فى غالبية القضايا المصرية. والأسوأ أن بعض الزملاء الصحفيين والاعلاميين، يتحدثون فيما بينهم عن وقائع صادمة فى هذا الموضوع، لكنهم لا يكتبونها، رغم أنه من حق الناس أن تعرف، ولا يصح التعلل بأن الوقت غير مناسب حرصا على مصلحة المنتخب، فالمفترض أن الأخلاق والقيم تعلو أى شىء آخر.

ولا أعلم مدى صحة ما هو منسوب إلى سجل عمرو وردة، حيث اكتشفنا مؤخرا أنه كان «ناشطا كبيرا فى التحرش بالنساء»، وهل كان اتحاد الكرة على علم بما يقال عنه طوال السنوات الماضية؟!

تقول التقارير إنه اعتدى على فتاة فرنسية، بعد اقتحام غرفتها فى فندق تونسى عام 2013. وإن فريق فيرنسى البرتغالى ألغى التعاقد معه بعد أن تحرش بزوجات زملائه عام 2017!!

هل هذا الكلام صحيح، ولماذا لم يتم التحقيق فيه، وإبراء ذمة اللاعب، أو محاسبته إذا كان صحيحا؟!

للأسف الشديد كان التعامل مع هذا الموضوع مؤسفا ومحزنا من كل الأطراف، والضحية الوحيدة كانت «الأخلاق»، وللأسف أيضا فإن كثيرين قد سقطوا فى هذا الامتحان المفاجئ وكنا نظنهم من المعصومين!!!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي