تجنيد الأرثوذكس المتطرفين.. وتأثير ذلك على الحرب ونتنياهو - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الإثنين 1 يوليه 2024 11:42 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تجنيد الأرثوذكس المتطرفين.. وتأثير ذلك على الحرب ونتنياهو

نشر فى : السبت 29 يونيو 2024 - 7:30 م | آخر تحديث : السبت 29 يونيو 2024 - 7:30 م

منذ تأسيس إسرائيل تم إعفاء اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية. يوم الثلاثاء الماضى، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية حكما يأمر الحكومة بتجنيد اليهود المتشددين فى الجيش، وقالت أيضًا إن الحكومة لم تعد قادرة على تمويل أى مدارس دينية لا يشارك طلابها فى التجنيد. وعلى الرغم من أن التجنيد الإلزامى فى إسرائيل يطبق على الجنسين، إلا أن الحكم الأخير يسرى فقط على الرجال الأرثوذكس المتطرفين. فى جوهر الأمر، قالت المحكمة إنه لا يمكن معاملة اليهود المتشددين بشكل مختلف عن اليهود الإسرائيليين الآخرين.

وأضافت أن القانون الذى ينص على الخدمة العسكرية ينطبق عليهم أيضا. (يظل عرب إسرائيل معفيين من الخدمة). وأضافت المحكمة فى حكمها: «لا يوجد إطار قانونى يجعل من الممكن التمييز بين طلاب المدارس الدينية وأولئك المستعدين للخدمة العسكرية». لقد ألحقت الحكومة «ضررا خطيرا بسيادة القانون والمبدأ الذى يقضى بأن جميع الأفراد متساوون أمام القانون». بداية، من هم الأرثوذكس المتطرفون؟ يعرفون باسم «الحريديم»، باللغة العبرية، ويمارسون شكلا من أشكال اليهودية تتميز بالتزام دينى صارم وأنماط حياة متشددة. يشكلون حوالى 14% من سكان إسرائيل البالغ عددهم 9.5 مليون نسمة، وهم الشريحة الأسرع نموا بين السكان. ولأنهم صغار السن، فإنهم يشكلون 24% من الشعب الإسرائيلى فى سن التجنيد، وفقًا للمعهد الإسرائيلى للديمقراطية.

فى الحقيقة، البعض منهم يخدم فى الجيش، ولكن عددهم أقل بكثير من معظم اليهود الإسرائيليين. أى الغالبية العظمى منهم لا يشاركون فى الخدمة العسكرية الإلزامية فى البلاد. فبالنسبة للأرثوذكس المتطرفين، فإن دراسة النصوص الدينية اليهودية أمر أساسى ليس فقط لحياتهم الخاصة، ولكن - كما يعتقدون - للحفاظ على اليهودية بأكملها، وحتى الدفاع عن إسرائيل. تبدأ دراسة التوراة فى سنوات المراهقة وتستمر غالبًا حتى مرحلة البلوغ. وهى دراسة بدوام كامل تحول دون الدراسة العلمانية، أو المشاركة فى القوى العاملة (وبالتالى دفع الضرائب) ــ أو الخدمة فى الجيش. قال رئيس حزب «شاس» اليهودى المتشدد فى إسرائيل يوم الثلاثاء الماضى، فى إشارة إلى الوصايا الـ 613 التى تحكم الحياة اليهودية الأرثوذكسية، إن «الشعب اليهودى نجا من الاضطهاد والمذابح والحروب فقط بفضل الحفاظ على تفرده – التوراة والوصايا». وأضاف: «هذا هو سلاحنا السرى ضد كل الأعداء، كما وعد خالق العالم. وحتى هنا، فى الدولة اليهودية، إلى جانب مقاتلينا الأعزاء الذين يضحون بحياتهم ضد الأعداء، سنواصل حراسة أولئك الذين يتعلمون التوراة، التى تحافظ على قوتنا الخاصة وتصنع المعجزات فى المعركة».

• • •

الصراع حول ما إذا كان ينبغى لليهود المتشددين أن يخدموا فى الجيش ليس بالأمر الجديد. إعفاؤهم قديم قدم دولة إسرائيل نفسها - المعمول به منذ تأسيسها فى عام 1948. ألغت المحكمة العليا هذه القاعدة القديمة بعد خمسين عاما، وأخبرت الحكومة أن السماح لليهود المتشددين بالخروج من التجنيد الإجبارى ينتهك مبادئ الحماية المتساوية. فى العقود التى تلت النشأة، حاولت الحكومات المتعاقبة والكنيست (البرلمان الإسرائيلى) منع تجنيدهم، لكن المحكمة أخبرتهم مرارًا وتكرارًا أن جهودهم غير قانونية. بطبيعة الحال، اكتسب الأمر أهمية بعد هجوم حماس. وقد وضعت الأشهر التى تلت ذلك ضغطًا لا يصدق على الجيش الإسرائيلى، وخاصة على جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم لفترات طويلة للخدمة، خاصة بعد المخاوف المتزايدة من حرب واسعة النطاق مع لبنان. يقول السياسيون اليهود المتشددون إن المعركة من أجل جعلهم يخدمون فى الجيش تُستخدم كسلاح سياسى، وأن الجيش ليس لديه مشكلة فى القوى البشرية. إلا أن قادة جيش الدفاع الإسرائيلى يختلفون مع هذا الرأى. رئيس أركان الجيش الإسرائيلى، هرتسى هاليفى، صرح مؤخرا: «نريد المضى قدما، ليس لأنه أمر جميل، ولكن أولا وقبل كل شىء لأنه ضرورى. كل كتيبة ننشئها، كتيبة يهودية متشددة، تقلل الحاجة إلى نشر عدة آلاف من جنود الاحتياط». على أى حال، أثار إعفاء اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية الاستياء بين الجنود الإسرائيليين الذين أمضوا أشهرا بعيدا عن عائلاتهم أثناء خدمتهم فى الجيش، وشهدوا مقتل أحبائهم. لقد أدى ذلك إلى زيادة الانقسام الدينى والعلمانى فى إسرائيل الذى كان موجودًا دائمًا، ولكنه تزايد، خاصة مع تزايد حصة اليهود المتشددين من السكان.

• • •

نأتى للشق الثانى من عنوان المقال «ماذا يعنى ذلك بالنسبة للحرب ولنتنياهو؟». يمكن القول إنه على المدى القصير، يعنى القليل جدا، لماذا؟ لأن الأرثوذكس المتطرفين لديهم ممارسات دينية صارمة، لذا فإنهم عادة يخدمون فى وحدات خاصة. صحيح الجيش الإسرائيلى يعمل على توسيع هذه الوحدات، لكن الأمر سيستغرق وقتا. يقول جلعاد مالاخ، مدير برنامج اليهود المتشددين فى إسرائيل بالمعهد الإسرائيلى للديمقراطية، بعد حكم يوم الثلاثاء الماضى: «وفقا لحسابات الجيش، تم تجنيد 1800 شخص فى العام الماضى. ويحتاج الجيش إلى إجراء بعض التغييرات من أجل تجنيدهم (الحريديم). ووفقا للجيش، يمكن أن يستقبل العام المقبل 4800 جندى».

من جانبه، أصدر نائب المدعى العام الإسرائيلى، جيل ليمون، تعليمات للحكومة يوم الثلاثاء الماضى بالبدء فورًا فى تجنيد 3 آلاف رجل أرثوذكسى إضافى، وهو ما قال الجيش بالفعل إنه قادر على استيعابه. وقال إنه فى ضوء الاحتياجات الراهنة للجيش وتعزيزا للمساواة فى تحمل الأعباء، يجب على المؤسسة العسكرية وضع وتقديم خطة تجنيد لزيادة هذا العدد».

ما يمكن أن يشكل تأثيرا أكبر إذا ما تسبب فى انهيار الائتلاف الحاكم فى إسرائيل، وهو أمر ممكن تمامًا. بالنسبة لنتنياهو، يعتبر هذا الحكم خبرا سيئا لأنه عندما شكل ائتلافه الحكومى فى أواخر عام 2022، ضم حزبين متشددين – شاس ويهودات هتوراه – ونجح فى تشكيل أغلبية بسيطة جدا. وبالنظر إلى أن التعلم فى المدارس الدينية مهم جدًا لتلك الأحزاب، فقد يكون لهذا الحكم تداعيات كبيرة. لكن فى الوقت الحالى، يبدو أن هذه الأحزاب تقلل من أهمية القرار، قائلين إنه ليس لديهم خطط للانسحاب من الائتلاف. وعلى الرغم من حكم المحكمة لا تزال الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة تحاول تمرير تشريع فى الكنيست من شأنه أن يكرس الإعفاء من التجنيد فى قانون. ناهينا عن أن الجيش الإسرائيلى ليس لديه القدرة - حتى الآن- على تجنيد اليهود المتشددين فى وحدات خاصة، فمن غير المرجح أن يتم تجنيد الكثير منهم فى أى وقت قريب. وبمجرد أن تبدأ الأوامر هذه فى الظهور، خاصة أمر المحكمة للحكومة بوقف تمويل المدارس الدينية التى يرفض طلابها الخدمة، يمكن أن يكون لذلك تأثير كبير على ما إذا كان يعتقد قادة الحزب الأرثوذكسى المتطرف أن هناك فائدة من كونهم جزءًا من الحكومة.

• • •

ختاما، هذه المسألة مليئة بالتقلبات والمنعطفات التى لا نهاية لها. ومن المؤكد أن ما حدث لن يكون الكلمة الأخيرة. وسيواصل حزب الليكود بزعامة نتنياهو، إلى جانب حلفائه المتشددين، محاولة تمرير قانون يكرس الإعفاء من التجنيد. ولكن كما أثبتت العقود الماضية ليس هناك ما يضمن قدرتهم على القيام بذلك بطريقة تُرضى المحكمة العليا.

ميك كريفر

موقع CNN

ترجمة: ياسمين عبداللطيف

النص الأصلي: https://bit.ly/4eVLhRB

التعليقات