كيفية محو الأمية المعلوماتية فى عصر الأكاذيب - قضايا تعليمية - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 2:11 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيفية محو الأمية المعلوماتية فى عصر الأكاذيب

نشر فى : الأحد 29 يوليه 2018 - 10:00 م | آخر تحديث : الأحد 29 يوليه 2018 - 10:00 م

نشر موقع The Chronicle of Higher Education، المتخصص فى القضايا التعليمية، مقالا للكاتب «ديفيد غوبلار» ــ محاضر بقسم البلاغة بجامعة أيوا ــ حول كيفية تدريس «محو الأمية المعلوماتية» فى الجامعات، خاصة فى عصر الشائعات والأخبار الزائفة. وذلك من خلال تقديم بعض الطرق والوسائل لدمج مادة تتعلق بمحو الأمية المعلوماتية فى الدورات الدراسية.
استهل الكاتب حديثه قائلا: فى كل يوم، يوجه منتقدو الرئيس الأمريكى انتقادات عديدة له بسبب ميله إلى «الادعاءات الكاذبة أو المضللة»، فى حين يصف الرئيس ومؤيدوه هؤلاء بأنهم كاذبون وبأنهم يروجون «الأخبار الزائفة». ومن ثم، لا عجب أن أولئك الذين يعلموننا قلقون أكثر من أى وقت مضى على محو الأمية المعلوماتية «information literacy».
إن انتشار المفاهيم الخاطئة يجعل من الصعب علينا القيام بوظائفنا داخل القاعات الدراسية بالكلية. ويعتقد العديد من أعضاء هيئة التدريس «أن الجزء الأساسى من دورنا هو مساعدة الطلاب على فهم العالم كما هو». لكن لكى نفعل ذلك، ألا نحتاج إلى إيجاد نوع من الفهم المشترك لهذا العالم؟. ولتحقيق النجاح فى الحياة العلمية والعملية، يجب على الطلاب أن يكونوا قادرين على التفرقة بين الحق والباطل. ومن الواضح أن هذا ليس سهلا.
ويوجه الكاتب حديثه لأساتذة الجامعة قائلا: «بغض النظر عن تخصصك، يجب أن تقوم بتدريس محو الأمية المعلوماتية، والتى لها القدرة على فهم وتقييم وتطبيق المعلومات لحل المشكلات أو الإجابة عن الأسئلة، كجزء من الدورات التدريبية الخاصة بك. إنها مهارة ضرورية للتدريس».
ويوضح الكاتب بعض الطرق والوسائل لدمج محو الأمية المعلوماتية التى نحن فى أشد الحاجة إليها فى الدورات الدراسية فى خريف هذا العام:

أولا: بدء التحدث مع بعض الخبراء:
لقد كان أمناء المكتبات فى الحرم الجامعى يفكرون فى هذه القضايا منذ فترة طويلة، ويتعاون العديد منهم ــ الآن ــ بشكل منتظم مع أعضاء هيئة التدريس لتعليم الطلاب المهارات البحثية. وكيفية التواصل مع أمناء المكتبات قبل بدء الفصل الدراسى. والتحدث عن أهداف الدورة والتساؤل عن اقتراحاتهم حول كيفية دمج محو الأمية المعلوماتية فى التدريس وعند إعداد التكليفات.
أشار المقال الذى نشر فى عام2017 بموقع The Chronicle إلى أنه فى السنوات الأخيرة، انخفض عبء تدريس محو الأمية المعلوماتية للطلاب الجامعيين بشكل غير متناسب مع المعلمين الجدد. «فالدورات التدريبية المطلوبة غالبا ما افترضت دراسة الطلاب لكيفية التفكير بشكل نقدى حول الموضوعات وكيفية تقييم المصادر». ولكن تعلُّم كيفية العثور على معلومات دقيقة، وكيفية تحديد ما هو صحيح وما هو خطأ، يعتبر جزءًا لا يتجزأ من معظم الدورات الدراسية ومعظم تكليفات الدورة التدريبية.
وبالطبع، ومن الممكن أن يقضى الطلاب فصلا دراسيا أو فصلين دراسيين فى مكتبة الحرم الجامعى، للتعلم مباشرة من أمناء المكتبات. لكن الهدف أكبر من ذلك. إن البحث عن طرق للاهتمام بمحو الأمية المعلوماتية فى نقاط مختلفة طوال الفصل الدراسى، لا يعنى بالضرورة إدخال الكثير من المواد الإضافية فى الجدول الزمنى المملوء مسبقًا.

ثانيا: التركيز بشكل أكبر على الادعاءات المقدمة وبشكل أقل على المصدر نفسه:
تتطلب التكليفات الدراسيةــ على الأرجح ــ من الطلاب إيجاد ونشر المعلومات ــ سواء كانت تتبع مصادر ثانوية فى المكتبة، أو تقييم نتائج تجربة، أو تطبيق الصيغة الصحيحة من الكتاب المدرسى. ولكن عليك أن تخطو خطوة أخرى ألا وهى: تقسيم التكليفات الدراسية إلى مراحل، وكل خطوة توفر لك فرصة لتوجيه الطلاب بشكل صحيح فى التعامل مع المعلومات بحكمة.
ويتساءل الكاتب عن نوعية التوجيهات؟
غالبا ما يرتكب أعضاء هيئة التدريس خطأ فى تدريس محو الأمية المعلوماتية من خلال التركيز على مصدر المعلومات نفسه، كما يقول مايكل كولفيلد، مدير التعلم المدمج والتكنولوجى فى جامعة ولاية واشنطن بمدينة فانكوفر. يتم إعطاء الطلاب قائمة للأسئلة الأساسية ويتم تدريبهم على كيفية تدوين قائمة لكل مصدر يجدونه. فعلى سبيل المثال، تحديد نوع المصدر، وإذا كان المصدر إلكترونيا، فهل لديه domain name منتهى بـ.com أو.orgأو.gov أو.edu؟، وما هو التوجه الأيديولوجى للمقال؟، وما هى الحجج التى يستند إليها مؤلف المقال؟.
كتب كولفيلد فى مدونة عام 2017، إنه لا يجب التركيز على المصدر بشكل كبير ــ بدلا من التركيز على الادعاءات والحجج الموجودة فى المصدر، حيث إن ذلك لا يقودنا إلى معرفة المعلومات الصحيحة.
غالبا ما تكون قوائم المراجع غير فعالة. فمن المهم أن يتمكن الطلاب من تقييم الادعاءات أكثر من المصادر فى حد ذاتها. لتقييم مدى صحة ادعاءات مصدر معين، يتعين على الطلاب فى كثير من الأحيان الرجوع إلى مصادر أخرى.
إن ترويج كولفيلد لـ«القراءة الجانبية lateral reading» ــ البحث عن مجموعة متنوعة من المصادر للتحقق من الادعاء ــ يردد نتائج دراسة ناقشتها the Stanford History Education Groupفى عام 2017. ووجدت الدراسة، التى ضمت العديد من الطلاب الجامعيين وأساتذة التاريخ بجامعة ستانفورد، أن كلا من الطلاب الجامعيين والأساتذة كانوا أقل نجاحًا فى استبعاد الادعاءات المزيفة عبر الإنترنت مقارنةً بمدققى الحقائق المحترفين professional factــcheckers. فى حين أن الطلاب وأساتذة التاريخ قضوا الكثير من الوقت فى تدقيق المصادر، يبحثون عن أدلة حول ما إذا كانوا يثقون بها أم لا، فإن مدققى الحقائق حددوا الادعاءات المزيفة من خلال البحث عن معلومات مؤكدة فى مكان آخر. كان من المرجح أن ينخدع الطلاب والمؤرخون بمصدر يبدو موثوقًا به. والذى فحصها مدققى الحقائق.
بالإضافة إلى القراءة الجانبية، يقترح كولفيلد استراتيجيتين أخريين لفحص الادعاءات المشكوك فيها وهما:
• البحث عن كيفية التأكيد من صحة موضوع معين. بمعنى إذا أثبت أحد الأفراد عدم صحة الادعاء، فمن الضرورى أن يتمكن الطلاب من العثور على صحته عبر الإنترنت.
• تتبع الادعاء، وهذا ينطوى على متابعة الاقتباسات، وفى حالة أن المصدر يقدم الادعاء، فمن أين أتى هذا الادعاء؟ وإذا كان هناك مصدر تم تقديمه، فحينئذٍ يجب على الطالب التحقق من هذا المصدر. تكمن الفكرة فى الاقتراب قدر الإمكان من المصدر الأصلى للمعلومات، بحيث يمكنك تقييم مدى مصداقية هذا الأمر.
فى ظل انتشار الانترنت ووجود المحرك البحثى جوجل، أصبح عالم الدراسة الأكاديمية متشابكًا تمامًا مع شبكة الانترنت ــ حيث يمكن لطلابنا الوصول إلى ثروة من المعلومات التى يمكن أن تساعدهم فى تقييم المرجع سواء إذا كان صحيحًا أم خاطئًا. ومثل هذه المهارات تكون قيمة سواء كان للطلاب الذين يقيمون القصص الإخبارية المشكوك فيها أو النتيجة العلمية التى تبدو جيدة جدًا لدرجة يصعب تصديقها.

ثالثا: تدريس مهارات البحث الجيد غير كافٍ:
يعتقد الكاتب أن تدريس مهارات البحث الجيد غير كافية. ويختتم الكاتب حديثه بالإشارة إلى نقاش الباحثة فى مجال السوشيال ميديا «دانا بويد»، فتقول: «من الضرورى أن تتجاوز تدريس محو الأمية المعلوماتية إعداد الطلاب لتقييم المصادر والادعاءات، وأن يكون الطلاب قادرين على تقييم أنفسهم». وفى خطاب رئيسى ألقته فى مارس الماضى فى مؤسسة SXSW EDU، انتقدت «بويد» الأفكار التقليدية لمحو الأمية المعلوماتية ووصفتها بالسذاجة فى وجه التهديد المعقد والمتغير بشكل سريع، كمحاولة «لتأكيد السلطة على نظرية المعرفة».
رغم أن اعترافها بعدم وجود إجابات سهلة، فإنها تدعو إلى تجديد التركيز على تفسير المعلومات، بطرق مختلفة تفيدنا بالمعلومات التى نواجهها. وتوصى بتعليم الطلاب الانحياز التأكيدى (الذاتى)، والانتباه الانتقائى. وتضيف أنه يجب على المعلمين البحث عن طريق استخلاص ودراسة هذه الاتجاهات فى القاعات الدراسية من خلال «تمارين التعزيز المعرفى»، وهى أنشطة تهدف إلى «مساعدة الطلاب على التعرف على الأخطاء التى يقعون فيها». وبالتالى، فإن محو الأمية المعلوماتية تتخطى مجرد تحديد ما هو صحيح وما هو خطأ، وإنما تركز على التحقيق فى السبب الذى يجعلنا من السهل أن يتم خداعنا بسهولة.

إعداد: زينب حسنى عزالدين
النص الأصلى:

قضايا تعليمية قضايا تعليمية
التعليقات