صباح أمس الأحد الماضى حضرت افتتاح أسبوع المياه بالقاهرة الذى ينعقد هذا العام تحت شعار «العمل على التكيف فى قطاع المياه من أجل الاستدامة».
هذه هى الدورة السادسة للملتقى الدولى الذى صار واحدا من أهم الفعاليات الدولية التى تناقش قضية المياه، بحضور وزراء وخبراء من العديد من دول العالم.
ونعلم تماما أن مصر دخلت مرحلة الشح المائى منذ سنوات، حيث هبط نصيب الفرد المصرى من المياه من ألف مترمكعب سنويا إلى حوالى النصف تقريبا.
ونعلم تماما الأزمة الكبرى والوجودية المتمثلة فى سد النهضة الإثيوبى الذى تصر أديس أبابا على استمرار عملية بنائه وملئه وتشغيله من دون اتفاق قانونى وملزم مع مصر والسودان.
ونعلم أثر التغيرات المناخية على نضوب المياه فى العديد من مناطق العالم وكذلك الجفاف والتأثير على المحاصيل بل وعلى حياة ملايين البشر.
ورغم كل ذلك فإن العديد من كلمات الضيوف لم يكن ممكنا أن تمر من دون التوقف عند مأساة قطاع غزة الذى يتعرض لجريمة إبادة جماعية تحت مسمع ومرأى وتشجيع ودعم من بعض العالم الذى يقول عن نفسه إنه حر ومتقدم، وصمت وعجز من بقية دول العالم غير القادرة على ردع إسرائيل.
ضربة البداية فى المواقف المؤيدة لأهل غزة فى محنتهم الحالية خلال المؤتمر كانت من نصيب فلوريكا فينك هوجر مبعوثة الاتحاد الأوروبى والتى دخلت المؤتمر متشحة بالعلم الفلسطينى، وبدأت كلامها بقولها: إنه لا يمكن التحدث عن المياه بعيدا عما يشهده الشعب الفلسطينى من معاناة بسبب قطع المياه فى غزة.
هوجر قالت إنها أم ولديها أبناء وأشقاء وتعلم ما يعانيه الفلسطينيون فى غزة الآن، فهم لا يجدون الماء للشرب أو للنظافة أو لأى من استخداماته العديدة.
كلمة الممثلة الأوروبية لاقت تصفيقا حادا من قبل الحضور، وهو الأمر الذى تكرر فى كل متحدث أعلن تضامنه مع غزة أو انتقد العدوان الإسرائيلى السافر.
الكلمة الثانية كانت للسفير سامح شكرى وزير الخارجية الذى قال نصا: «إن ما يتعرض له المدنيون فى غزة وحرمانهم من حقوقهم فى الوصول للمياه النظيفة، هو فعل يتسم بعدم المسئولية وفقا لكل القوانين والمواثيق الدولية التى توضح حقوق المدنيين خلال النزاعات المسلحة مع وجود تأثيرات كبيرة منها عدم توفر المياه». الكلمة الثالثة كانت للسفير أحمد أبوالغيط الأمين العام للجامعة العربية والذى قال: «نجتمع اليوم فى القاهرة، وقلوبنا مع غزة الجريحة التى ترتكب فيها إسرائيل مرة أخرى جريمة جديدة تضاف إلى سجل جرائمها بما ارتكبته من انتهاكات ممنهجة منذ النكبة عام 1948 رغبة منها فى استكمال مخططها بدفع سكان غزة المنكوبين أصلا من لاجئين إلى الهجرة مرة أخرى وذلك بقصفهم عشوائيا، والآن من خلال حرمانهم من أدنى الحقوق الإنسانية. سيسجل التاريخ مرة أخرى أن إسرائيل تطبق بلا رحمة سياسة الأرض المحروقة عبر استهدافها لمحطات المياه والصرف الصحى والمستشفيات فى غزة من شمالها لجنوبها بأسلحة شديدة التدمير للتهجير القسرى سعيا منها إلى تصفية قضيتهم على حساب حقوقهم وعلى حساب دول الجوار».
أبو الغيط قال أيضا: «الاعتداء الأخير فضح مواقف أولئك الذين يكيلون بمكيالين ويبررون جرائم استهداف شبكات المياه والصرف الصحى والكهرباء التى تقترفها إسرائيل بأنها دفاع عن النفس، ويستنكرون نفس الأفعال فى مواقف أخرى، وهى نفس الازدواجية فى قضايا المياه، فعندما تطالب مصر بحقها فى الحياة يتحدثون عن حق إثيوبيا فى التنمية. وعندما تطلق الدول العربية مشروعات استراتيجية فى قطاع المياه ينتقدون آثارها المحتملة على البنية!!».
الكلمة الرابعة والمهمة حسب ترتيب الوقت كانت للدكتور هانى سويلم، وزير الرى والموارد المائية، الذى دعا الحاضرين للوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء فى كل مكان خصوصا غزة.
سويلم أشار إلى نقطة فى غاية الأهمية وهى أن آثار التغيرات المناخية فى كل القارة الإفريقية خلال عام كامل كانت ٥ آلاف قتيل، فى حين أن عدوان إسرائيل على غزة خلال ثلاثة أسابيع أسقط أكثر من ٧ آلاف شهيد، ناهيك عن غياب الاحتياجات الضرورية من مياه وكهرباء وغذاء.
هذه هى الكلمات الأربعة الرئيسية التى استمعت إليها خلال حضورى للجلسة الافتتاحية لمؤتمر أسبوع القاهرة للمياه فى دورته السادسة وهو ما يعنى أن جريمة العدوان الإسرائيلى على غزة صارت تخيم على كل اللقاءات والاجتماعات والأحداث فى كل المنطقة، بل فى غالبية العالم.