قبل عام واحد فقط كان من الصعب تخيل سيناريو يتجرأ فيه عنصر ما عربى أو لبنانى على إطلاق صواريخ على حى الضاحية الجنوبية فى العاصمة اللبنانية بيروت، الذى يعتبر بمثابة العاصمة الإدارية لحزب الله. لكن يبدو أن ازدياد ضلوع هذا الحزب فى الحرب الأهلية الدائرة فى سوريا يؤدى إلى تراجع مكانته السياسية، وإلى تآكل قوة الردع لديه داخل لبنان وخارجه.
ولا يهم من الذى قام بإطلاق الصواريخ على هذا الحى، ذلك بأن المهم هو أن إطلاق الصواريخ أوجد سابقة يمكن أن يستفيد منها جميع خصوم حزب الله فى لبنان وسوريا لتوجيه مزيد من الضربات إليه فى المستقبل.
تجدر الإشارة إلى أن «الجيش السورى الحر» هدد قبل عدة أشهر بإلحاق أضرار بلبنان إذا لم يوقف حزب الله تدخله فى سوريا. وقد نفذ هذا الجيش تهديده من خلال قيام أفراده بإطلاق النار على بعض القرى الشيعية فى منطقة البقاع. ويمكن الافتراض بأنه هو من يقف أيضا وراء عملية إطلاق الصواريخ على حى الضاحية الجنوبية، لكن فى الوقت نفسه لابد من تأكيد أنه لا يمكن إطلاق صواريخ كهذه من دون مساعدة عناصر لبنانية معينة، مثل المنظمة السلفية التى يتزعمها الشيخ أحمد الأسير، والذى يتخذ من صيدا فى جنوب لبنان مقرا له، ويقوم منذ أكثر من نصف عام باستفزازات ضد حزب الله، كما أنه أسس ميليشيا عسكرية وأرسلها إلى سوريا لدعم المتمردين ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
إن ذلك كله يثبت أن لبنان يعيش فى الآونة الأخيرة فوق برميل من بارود التوترات الطائفية والمذهبية الآخذة فى التفاقم أكثر فأكثر، ه.
إن ما يهم إسرائيل من هذه التطورات كلها هو أنها تساهم فى إضعاف حزب الله. لكن فى المقابل ثمة مأساة تكمن فى أنه لا توجد فى لبنان حاليا أى قوة يمكن أن تشكل بديلا منه لتسلم زمام السلطة فى هذا البلد المجاور.
محلل عسكرى - «يديعوت أحرونوت»
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية