حلفاء أمريكا فى آسيا لا يشعرون بالقلق الكافى من عودة ترامب - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الأربعاء 3 يوليه 2024 1:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حلفاء أمريكا فى آسيا لا يشعرون بالقلق الكافى من عودة ترامب

نشر فى : الأحد 30 يونيو 2024 - 5:55 م | آخر تحديث : الأحد 30 يونيو 2024 - 5:57 م

حال فوزه في الانتخابات الرئاسية التي تنطلق نوفمبر القادم، أبدى ترامب عزمه على إعطاء الأولوية لمصلحة أمريكا، وبذل جهد أقل لمساعدة شركاء الولايات المتحدة، إلا أن العديد من قادة وزعماء آسيا يظهرون درجة من الهدوء حيال ذلك، متمنين أن يتمكن أعضاء الكونجرس الأمريكى العقلانيون من توجيه سياسات ترامب كما نجحوا بشكل نسبى في ذلك خلال فترة ولايته الأولى.

 ومع ذلك، هذه الثقة فى غير محلها. فمن المرجح أن تكون إدارة ترامب الثانية أكثر تهديدا لآسيا مقارنة بالإدارة الأولى. فى ولايته الأولى، تم تحجيم غرائزه المتطرفة فى السياسة الخارجية بسبب وجود أشخاص متمرسين فى إدارته؛ وهذه الشخصيات لن تكون حاضرة فى ولايته الثانية. خلال فترة ولايته الأولى، ملأ ترامب إدارته بعدد من صناع السياسات ذوى الخبرة الذين خدموا فى الإدارات الرئاسية الجمهورية السابقة. ومن غير المرجح أن يعود هؤلاء، بل الأرجح أن يتخلى ترامب عن التجربة والخبرة عند اختيار أعضاء حكومته وفريق الأمن القومى مقابل الولاء.

 • •  •

 إذا حصل ترامب على فرصة ثانية للرئاسة، فمن المرجح أن يرى الحلفاء كأعداء تجاريين، ويقلل من التواجد العسكرى الأمريكى فى جميع أنحاء العالم، ويقيم صداقات مع القادة المستبدين، ويتحدى الأعراف التى ضمنت حتى الآن منع الانتشار النووى فى آسيا. لذا سيحتاج شركاء واشنطن الآسيويون إلى أن يصبحوا أكثر اعتمادا على أنفسهم فى الدفاع عن أمن بلادهم، إذ ستتخلى أمريكا عن دور الراعى الخيّر الذى دعم النظام الليبرالى فى المنطقة منذ فترة طويلة. ويتعين على جميع حلفاء الولايات المتحدة فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ، بما فى ذلك الحلفاء المقربون مثل أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، أن ينتبهوا إلى حقيقة مفادها أن ولاية ترامب الثانية ستجلب مفاجآت جديدة وصعبة. على سبيل المثال، يتمتع ترامب بالسلطة التنفيذية لإلغاء الإطار الاقتصادى لمنطقة المحيطين الهندى والهادئ، والذى عزز بالفعل مشاريع الطاقة النظيفة، وإزالة الكربون، والبنية التحتية، ومرونة سلسلة التوريد فى آسيا. ومن المرجح أن يسعى أيضًا إلى إعادة التفاوض بشأن أى اتفاقيات حالية لتقاسم تكاليف الدفاع على أساس أن صفقات بايدن سمحت للحلفاء بخداع الولايات المتحدة.

حال فوزه، لن يكون سعيدا بحالة التجارة بين الولايات المتحدة وآسيا. فى الوقت الحالى، سبعة من أصل ثمانية من الحلفاء والشركاء الأساسيين لواشنطن فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ (الهند واليابان ونيوزيلندا والفلبين وكوريا الجنوبية وتايوان وتايلاند) لديهم فوائض تجارية فى السلع مع الولايات المتحدة، يبلغ إجماليها أكثر من 200 مليار دولار. ولأنه لم يتمكن من التخلص منها فى ولايته الأولى، فسوف يركز على الحد من هذه الاختلالات، إيمانا بأن حلفاء الولايات المتحدة يلعبون ببلاده.

كذلك لن يتم إنقاذ الاقتصادات الأصغر حجما فى جنوب شرق آسيا التى تتمتع بفوائض تجارية، مثل فيتنام (103 مليار دولار) وماليزيا (25 مليار دولار). وربما يستهدف الرئيس الأمريكى السابق جميع حلفاء الولايات المتحدة بتعريفات جمركية بنسبة 10% أو أكثر، بغض النظر عن عشرات المليارات من الدولارات التى استثمرتها هذه الدول مؤخرًا فى أمريكا لبناء سلاسل توريد مرنة.

ومع ذلك، من المرجح أن يحاول ترامب مواصلة جهود بايدن لبناء سلاسل توريد جديدة لرقائق أشباه الموصلات، مدعيا - وهو على حق - أن الانفصال عن الصين فى عالم التكنولوجيات الناشئة كان أصلا فكرة إدارته. ومن المؤكد أنه سيزيد من التعريفات التجارية الكبيرة التى تفرضها الولايات المتحدة ضد الصين، وربما يؤدى ذلك إلى إطلاق حرب تجارية شاملة. لكن الطريقة التى سيطبق بها ترامب هذه السياسات الاقتصادية ستكون معقدة بسبب انجذابه الشخصى للحكام المستبدين والرجال الأقوياء. إذ لا يستطيع مقاومة اجتماعات القمة مع كيم وبوتين وشي، وحتى مع تصاعد التوترات بشأن التجارة، سيحرص على التحدث بشكل إيجابى عن علاقته مع كل هؤلاء الرجال.

 •  •  •

 فيما يتعلق بتايوان، فإن الكونجرس الأمريكى سيواصل دعم الدفاع عن الجزيرة. وسوف يدعم ترامب أيضا الدفاع عنها، ويدعو إلى زيادة الإنفاق الدفاعى من جانب تايبيه، كما سيستمر فى بيع الأسلحة لتايوان. حتى أن بعض المعينين المستقبليين المحتملين فى إدارة ترامب الثانية قالوا إنهم يعتقدون أن الولايات المتحدة يجب أن تفكر فى إنشاء التزامات أمنية رسمية وعلاقات دبلوماسية مع تايوان، والابتعاد عن الغموض الاستراتيجى.

لكن أى استمرارية فى سياسة الولايات المتحدة تجاه تايوان لن تكون مدعومة بإحساس ترامب بأن تايوان منارة للديمقراطية تحتاج إلى دعم، بل باستعداده لاستخدام تايوان كورقة مساومة محتملة مع الصين. وبالتالى فإن سياسة ترامب فى تايوان ستكون غير قابلة للتنبؤ بها بشكل أساسي. إذ فى مقابلة مع مجلة ( أبريل تايم)، سُئل ترامب عما إذا كان سيدافع عن تايوان إذا غزتها الصين. لم يجب بالإيجاب. بل قال: «لقد سُئلت هذا السؤال عدة مرات، ودائماً ما أرفض الإجابة عليه، لأننى لا أريد الكشف عن أوراقي». ويشير هذا إلى أن ترامب يعتز بعدم قدرة أحد على التنبؤ بشأن قضية تايوان كشكل من أشكال الضغط على شي. وبلا شك إذا باع ترامب تايوان فى صفقة ما مع الصين، فمن الممكن أن يشعر أى حليف آسيوى بأنه سيكون التالى.

 •  •  •

 رغم أن الحكومات الآسيوية تشعر بالهدوء حيال عودة ترامب، إلا أنها تحاول الاستعداد. بعبارة أوضح، تعج قاعات المؤتمرات فى عواصم حلفاء واشنطن بالخبراء الذين يتوقعون ما قد تكون عليه سياساته فى فترة ولايته الثانية. من أكثر الشخصيات المتحدثة إثارة فى دوائر المؤتمرات مسئولو ترامب السابقون والمعينون المحتملون. كما أنشأت السفارات الآسيوية فى واشنطن وحدات خاصة لتغطية الحملات الرئاسية، وتحديد الأعضاء الذين حصلوا على ثقة ترامب، وتكوين صداقات معهم.

فى بعض الحالات الأخرى، تحاول الدول الآسيوية استباق الأحداث. على سبيل المثال، بدأت الحكومتان اليابانية والكورية الجنوبية عملية إعادة التفاوض على اتفاقيات تقاسم الأعباء الدفاعية. كذلك الترتيب الأمنى الثلاثى بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

لكن ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كان ترامب سيدعم مشروع الغواصة النووية والتكنولوجيا الأسترالية الجديد، كما أنه ليس من الواضح أنه سيرغب فى دفع تكاليف الوجود العسكرى الأمريكى الجديد المخطط له فى غرب أستراليا. ومن خلال مطالبة اليابان بمليارات الدولارات فى شكل مدفوعات تقاسم الأعباء، يمكن أن يؤدى ترامب أيضا إلى تقويض استثمارات اليابان فى قدراتها العسكري. بل ويمكن لترامب أن يفصل الولايات المتحدة بشكل مباشر عن المخاوف الأمنية لليابان من خلال القول إنه لن يدعم طوكيو فى صراعها مع بكين حول جزر سينكاكو (المعروفة باسم جزر دياويو فى الصين) أو إذا سقطت صواريخ بيونج يانج على اليابان.

ومن الممكن أن تؤدى ولاية ترامب الثانية إلى تغيير جذرى فى شبه الجزيرة الكورية. فالاختبارات المتزايدة للصواريخ الباليستية فى كوريا الشمالية هذا العام سوف تضع ترامب فى موقف مماثل للموقف الذى واجهه فى عام 2017. ولكن من غير المرجح أن يرد بالتهديد بإمطار الرئيس الكورى الشمالى «بالنار والغضب». بدلا من ذلك، قد يفكر فى إصلاح نهجه تجاه كوريا الشمالية، مع إعطاء الأولوية لعقد اتفاق مع كيم لوقف التجارب النووية مقابل رفع العقوبات الأمريكية.

وقد يقوم ترامب بعد ذلك أيضًا بسحب الجنود الأمريكيين من كوريا الجنوبية. ورغبته فى القيام بذلك (فضلا عن سحب القوات من أوروبا وأجزاء أخرى من آسيا) راسخة. ويكاد يكون من المؤكد أن مثل هذا السيناريو من شأنه أن يؤدى إلى تحويل شبه الجزيرة الكورية بأكملها إلى منطقة نووية. وبالمناسبة أغلبية الشعب الكورى الجنوبى تدعم بقوة تطوير الأسلحة النووية. ولنتخيل إذا أطلقت كوريا الجنوبية برنامجا للأسلحة النووية، فإن هذا من شأنه أن يعطى الصين وكوريا الشمالية حوافز خطيرة لاستباق قدراتها. ومن الممكن أن يؤدى تحول كوريا الجنوبية إلى قوة نووية إلى تقليد أوسع نطاقا: فقد أبدت ميانمار، على سبيل المثال، اهتماما بتخصيب اليورانيوم وتصاميم الأسلحة النووية لكوريا الشمالية. وعلى الرغم من أن اليابان تتبنى حاليًا معايير غير نووية، إلا أن البلاد تمتلك أيضًا ما يقرب من 50 طنا من المواد الانشطارية فى متناول يدها - وهو ما يكفى لصنع 5 آلاف سلاح نووي. وقد لا ترغب تايوان فى استبعادها من النادى.

 •  •  •

 كلمة أخيرة، من الممكن أن تحقق سياسات ترامب نتائج يعتقد بعض الخبراء الأميركيين أنهم يريدونها لبلادهم مثل: عجز تجارى أصغر، قدرة عسكرية تركز بشكل أكثر على الصين، وتسوية مؤقتة مع الجهات الفاعلة المارقة مثل كيم، وتقاسم أكبر للتكاليف من قبل الحلفاء. لكن نفوذ الصين فى آسيا سوف ينمو حتماً إذا أصبحت الولايات المتحدة مجرد لاعب فى المنطقة.

 لذا، يمكن لحلفاء الولايات المتحدة الآسيويين أن يستعدوا بشكل أفضل لولاية ترامب الثانية من خلال مداعبة غروره عن طريق زيادة إنفاقهم الدفاعى؛ وتسليط الضوء على استثماراتهم فى سلاسل التوريد الأمريكية، والتأكيد من جديد على ضرورة أن تظل الولايات المتحدة قوة مهيمنة إقليمية خيرة.

 فيكتور شا

 مجلة فورين أفيرز

 ترجمة:  ياسمين عبداللطيف

النص الأصلى

التعليقات