الموانئ التجارية الإسرائيلية.. نجاح محلى وتعثر إقليمى - قضايا يهودية - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 4:01 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الموانئ التجارية الإسرائيلية.. نجاح محلى وتعثر إقليمى

نشر فى : الثلاثاء 30 يوليه 2024 - 7:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 30 يوليه 2024 - 7:10 م


الموانئ البحرية التجارية هى العمود الفقرى لحركة تجارة البضائع الإسرائيلية مع العالم الخارجى؛ حيث تتحمل تلك الموانئ التجارية مهمة تداول 98% من إجمالى صادرات وواردات البلاد سنويًا، وهذا ما دفع حكومة إسرائيل منذ خمسينيات القرن الماضى إلى إجراء تطويرات متوالية على تلك الموانئ، وذلك لتعظيم إمكاناتها اللوجستية بما يتلاءم مع نمو حجم التبادل التجارى الإسرائيلى.
ويلقى التقرير التالى الضوء على ثلاثة محاور رئيسية متعلقة بصناعة الشحن البحرى الإسرائيلية؛ أولها: حجم التجارة الإسرائيلية المتداولة عبر الموانئ البحرية، وثانيها: توصيف لنشاط الموانئ التجارية والتخصصية الإسرائيلية، فيما يقف المحور الأخير عند مشروعات التطوير التى سعت إسرائيل لتدشينها على مدار العقد الماضى وحالة النجاح المحققة من كل مشروع.
تشير التقارير الدولية إلى تمكن إسرائيل على مدار عقد 2012 ــ 2022 من رفع قيمة تجارتها الدولية بنسبة تقارب على 25% لتقفز من 136 مليار دولار فى 2012 إلى 180 مليار دولار فى 2022، كما أنها وسعت من دائرة علاقاتها التجارية العالمية حتى جاوز عدد الدول التى تتعامل معها المائة وأربعين دولة بمختلف قارات العالم.
وتتنوع البضائع التى تتداولها إسرائيل مع مختلف الشركاء الدوليين بين مواد خام ومواد غذائية ومنتجات تامة الصنع، ونجد من أبرز تلك البضائع التى يتم استيرادها من الخارج الإلكترونيات والأجهزة العاملة بالطاقة الكهربائية والآلات الميكانيكية والسيارات وقطع الغيار والحديد والصلب، فيما تُصدر إسرائيل منتجات أخرى أغلبها مُصنعة وعالية التقانة مثل المعدات الطبية والبصريات والمنتجات الدوائية والكيميائية.
• • •
تمتلك إسرائيل ثلاثة موانٍ تجارية مطلة على البحرين المتوسط والأحمر وهم ميناء حيفا وميناء أسدود وميناء إيلات، وتمتلك إسرائيل إلى جانب تلك الموانئ التجارية ما عدده ثلاثة موانٍ تخصصية.

ميناء حيفا


بدأ اسم حيفا فى الظهور كميناء تجارى عام 1905، حينما تم تكريسه لاستيراد لوازم تشييد وتشغيل خط سكك حديد الحجاز، وظل معروفًا بضحالة مياهه وضعف بنيته التحتية حتى نفذ البريطانيون مشروعًا تطويريًا شاملًا عليه عام 1933 تحت اسم ميناء حيفا الجديد، وهو ما أسهم فى توسعة مساحته الإجمالية لمليون ونصف المليون متر مربع، وأضاف البريطانيون إليه فى إطار هذا المشروع التطويرى أرصفة حديثة وساحات ومستودعات تخزين وأحواض للبترول ونهايات لخطوط السكك الحديدية.
اهتمت سلطات ميناء حيفا أيضًا بتطوير المنظومات اللوجستية التى من شأنها تسهيل حركة التداول داخل الميناء وذلك لتحقيق أكبر قدر من السرعة والسلاسة فى استلام وتسلم البضائع. حيث طورت موقعًا إلكترونيًا يمكنه مساعدة العملاء على حساب تكلفة استخدام مرافق الميناء لشحن منتجاتهم سواء كانت فى صورة حاويات أو بضائع عامة أو صب، ورسوم إرشاد ورسو السفن بالميناء، فضلًا عن عرض جداول وصول ومغادرة السفن التجارية والسياحية وتتبع مستجدات تخليص البضائع جمركيًا وإداريًا.
ميناء أسدود
شهد الميناء على مدار العقود اللاحقة وحتى منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة تطويرات متتابعة مثل إضافة عدد من المرافق المتخصصة فى تداول المستخرجات التعدينية والفحم، وتوسيع شبكة السكك الحديدية داخل الميناء، وزيادة أرصفة السفن التى وصل عددها إلى عشرة فى 2005، ثم تلتها توسعات إضافية مع افتتاح الميناء الملحق المسمى «هايوفيال» عام 2006، حيث احتوى هذا الميناء على ثلاثة أرصفة تقارب أطوالها من 2000 متر، ويجاوز عمقها الستة عشر مترًا كى تستقبل السفن من طراز Post-panamax، ومحطة ملحقة لتداول الحاويات والبضائع على مساحة 1.3 مليون متر مربع.
حاول ميناء أسدود أن يميز نفسه عن بقية الموانئ التجارية الإسرائيلية من خلال تبنى تقنيات تدريبية وتشغيلية بها قدر من الحداثة، مثل إدارة محاكى التدريب على أعمال تشغيل الرافعات الجسرية Gantry cranes simulator، والذى يعتبر الوحيد من نوعه فى إسرائيل، وميكنة اثنتين وثلاثين بوابة لمرور شاحنات البضائع، وتدشين بعض الأنظمة الإلكترونية لإدارة ومتابعة أعمال الميناء.


ميناء إيلات


عملت إسرائيل منذ مطلع خمسينيات القرن الماضى على استغلال واجهتها الساحلية الصغيرة المقدر طولها بأقل من 12 كيلو مترا على خليج العقبة بهدف تداول البضائع، وكانت هناك طموحات بأن يسهم هذا الميناء فى تنمية الإقليم الصحراوى الجنوبى من دولة إسرائيل علاوة على تعزيز الاقتصاد القومى، لذلك أنشأت السلطات الإسرائيلية أول ميناء بحرى فى المنطقة عام 1955، ولم تمضِ عشر سنوات حتى عادت السلطات لتبنى ميناء آخر حديث بذات المنطقة، لكن التوترات العسكرية المتعاقبة التى أشعلتها إسرائيل فى الشرق الأوسط كانت سببًا فى تعطل أعمال التشغيل بهذا الميناء.
حاولت إسرائيل تنشيط الميناء خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، لذلك أجرت عددًا من التطويرات على بنيته التحتية مثل تشييد ساحات للمركبات المستوردة وتدعيمه بمعدات لتداول بضائع الصب غير النظيف ورافعات للبضائع العامة والحاويات، لكن الميناء واجه العديد من المعوقات الداخلية والخارجية التى قلصت من حجم أعماله، والتى هى بالأساس معوقات مبنية على أسس جغرافية وسياسية، حيث يخدم الميناء بشكل أساسى الإقليم الجنوبى الشاسع ذا الكثافة السكانية المنخفضة والتى لا تمثل سوى 14% من إجمالى تعداد سكان دولة إسرائيل المقدرة بقرابة 10 ملايين نسمة، فضلًا عن عدم ارتباط الميناء بشبكة السكك الحديدية الإسرائيلية؛ مما يضعف مكانته بسلاسل الإمداد الخادمة للسوق المحلية.

الموانئ التخصصية الثلاثة: الخضيرة وعسقلان وإيلات

إذ تعد محطة الخضيرة الواقعة إلى الشمال من مدينة ناتانيا وإلى الشمال الغربى من مدينة الخضيرة أحد الموانئ التخصصية الثلاث المملوكة لدولة إسرائيل، حيث تقوم الخضيرة بتداول الفحم والوقود، وذلك لخدمة منشأة أوروت رابين لإنتاج الطاقة الكهربائية.
فيما تنشط محطتا عسقلان وإيلات البتروليتان فى مجال تداول النفط الخام والغاز المسال والوقود، حيث تتصل كل محطة منهما بمجمع مصاف نفطية تابع لشركة أنابيب نفط عسقلان إيلات، وتعد محطة عسقلان أهم محطة لتداول النفط فى إسرائيل نظرًا لحجم مصافى النفط التابعة، والتى يمكن أن تستوعب 1.9 مليون متر مكعب من النفط الخام، وأربعمائة ألف متر من المنتجات البترولية، وقرابة ثمانية آلاف طن من الغاز المسال.
• • •
الحرص الذى أبدته بعض الدول الإقليمية المطلة على شاطئ شرق المتوسط وشمال البحر الأحمر خلال العقد الماضى بشأن تطوير موانئها التجارية سعيًا وراء اجتذاب أكبر قدر ممكن من العملاء دفع بالسلطات الإسرائيلية إلى القيام بتحركات مماثلة، حيث فتحت أبواب البلاد أمام الاستثمار الخارجى الراغب فى تشييد مشروعات لوجستية كبرى داخل موانئها التجارية الرئيسية الثلاثة، وذلك لضمان الحفاظ على حصة معقولة فى سوق النقل البحرى الإقليمى، ولقد كانت أبرز المشروعات فى هذا الصدد ما يلى:

تعاونت السلطات الإسرائيلية مع شركة شانجهاى الدولية للموانئ Shanghai International Port Group فى 2018 بهدف تشييد محطة حاويات قادرة على تداول 1.1 مليون حاوية مكافئة سنويًا بالطرف الشمالى الشرقى من ميناء حيفا، ولقد تم تقدير مدة بناء المشروع بثلاث سنوات، كما بلغت تكلفته الإنشائية 1.7 مليار دولار أمريكى، وروعى فى تصميمها زيادة الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية أو الأتمتة بهدف تحقيق الكفاءة التشغيلية، لكن الضغوط السياسية كانت حائلًا دون فتح مزيد من الآفاق أمام الصين لتطوير مشروعاتها اللوجستية بميناء حيفا، حتى لا تكون داعمًا لمبادرة الحزام والطرق.

حاولت إسرائيل استنساخ نموذج مشروع محطة حاويات خليج حيفا داخل ميناء أسدود عن طريق التعاون مع إحدى الشركات الأوروبية، حيث شيدت تلك الأخيرة فى 2021 محطة حاويات الجنوب Hadarom Container Terminal بتكلفة 3.5 مليار شيكل إسرائيلى، لتضيف لميناء أسدود أرصفة بطول 1.3 كيلو وعمق 17.3 متر وهو ما أتاح الفرصة لاستقبال سفن الحاويات من حمولات 18 ألف حاوية مكافئة.

أعلنت السلطات الإسرائيلية خلال العقد الماضى عن اعتزامها تنفيذ مشروعات جديدة بهدف تعزيز مكانة ووجود ميناء إيلات محليًا وإقليميًا، ولقد كان من بين تلك المشروعات المطروحة بناء خط سكك حديدية سريع يصل مدينة إيلات بالمنطقة الوسطى من دولة إسرائيل، لينتهى هذا الخط عند مدينة وميناء أسدود على ساحل المتوسط، ولقد سعت إسرائيل فى ذلك الإطار إلى جذب استثمارات صينية وإسبانية لتمويل مشروعها الضخم الذى كان يعول عليه لمنافسة قناة السويس من خلال اجتذاب السفن المارة بالقناة ونقل حمولاتها عبر القطارات من ميناء إيلات إلى ميناء أسدود والعكس، لكن الطموح لم يكتمل بسبب علو تكاليف المشروع المالية فى مقابل عوائده.

مصطفى عبداللاه
المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية
النص الأصلى
https://shorturl.at/biL3y

قضايا يهودية قضايا يهودية
التعليقات