فى رفض الاشتباك الكلامى - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:53 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى رفض الاشتباك الكلامى

نشر فى : الأحد 30 نوفمبر 2014 - 8:15 ص | آخر تحديث : الأحد 30 نوفمبر 2014 - 8:15 ص

يقينا، ليست الأصوات والمجموعات المدافعة عن الحقوق والحريات والباحثة عن مسار تحول ديمقراطى يؤسس لسيادة القانون ولتداول السلطة إلا الطرف الأوهن تأثيرا فى الواقع المصرى الراهن. إلا أن وضعية الوهن هذه لا تبرر الانسحاب من الشأن العام وترك المواطن والمجتمع والدولة ضحايا لتكالب قوى الاستبداد / السلطوية والإرهاب / العنف / التطرف، ولا ترتب إلغاء كل مساحات التحرك السلمى والعلنى لمواجهة تزييف وعى الناس، ولا تحتم الاستسلام لفقدان رؤية واضحة تحول دون الاقتراب من مواقع وخانات تتناقض جذريا مع الفكرة الديمقراطية وتحمى أصوات ومجموعات الحقوق والحريات من التورط فى اختزال الفعل فى إنتاج ضجيج صوتى لا يدعمه العمل الجاد بين الناس.

يقينا، لن يعود «الاشتباك الكلامى» مع القوى المتكالبة على المواطن والمجتمع والدولة وهى تهيمن اليوم على المجال العام إما بمقولات الاستبداد / السلطوية المتهافتة أو بالتبرير المشين والفاسد دينيا وإنسانيا وأخلاقيا للإرهاب / العنف / التطرف إلا بالمزيد من الخسائر على الفكرة الديمقراطية التى تستدعى تارة للتخوين الزائف لدعاتها «كأعداء للوطن» وتارة لاتهامهم بالفشل والعجز وصرف الناس عنهم. الأنجع هو الابتعاد عن مواقع وخانات الاشتباك الكلامى وصياغة مقولات إيجابية تقرر أن مبادئ سيادة القانون وتداول السلطة وضمانات الحقوق والحريات هدفها هو الانتصار للمواطن والمجتمع والدولة الوطنية، وأن السلمية والعلنية والمواطنة ومناهضة التمييز تلزم برفض الإرهاب والعنف والتطرف والطائفية والزج بالدين إلى قضايا الحكم.

يقينا، لن تتجاوز أصوات ومجموعات الحقوق والحريات فى اقترابها من الناس وفى بحثها عن وجود جلى المرتكزات والمعالم فى المجال العام التداعيات السلبية لترويج قوى الاستبداد / السلطوية للمرادفة المتهافتة بين التحول الديمقراطى وبين هدم المجتمع والدولة دون أن تجر الخطوط الفاصلة بينها وبين من يدعون زيفا الانتساب للفكرة الديمقراطية وهم يواصلون التورط فى تبرير الإرهاب / العنف / التطرف وفى نشر الكراهية والطائفية واستباحة حق الناس الطبيعى فى الحياة وسلم المجتمع الأهلى وتماسك الدولة الوطنية وفى إلغاء قيم الإنسانية والاعتياش على غياب المعرفة والعلم والعقل و«تديين» قضايا الحكم. لا شأن لنا بهم، إلا فى سياق الدفاع العام عن حقوق وحريات الناس (كل الناس) حين تتغول السلطة التنفيذية على سيادة القانون.

يقينا، لن تتمكن أصوات ومجموعات الحقوق والحريات من اجتذاب قطاعات شعبية تتسع إلى الأفكار المتعلقة باعتماد وتطبيق منظومة متكاملة للعدالة الانتقالية توثق انتهاكات الماضى والحاضر وتصارح الناس بالمعلومات والحقائق وتمارس المساءلة والمحاسبة والتسامح لتضميد الجراح ما لم تنتج رؤية واضحة للرابطة الإيجابية بين الانتصار للمواطن وللمجتمع وللدولة وبين التأسيس لسيادة قانون لا تفعل إلا بالتعاطى مع انتهاكات الماضى والحاضر وتجاوزها بصياغة ضمانات دستورية وقانونية وإجرائية لعدم تكرارها مستقبلا ولعدم تكرار الإفلات من العقاب، وما لم تصغ مقولات مباشرة ومحددة بشأن أولوية النظر إلى الأمام ودفع مصر إلى مواقع البدايات الجديدة.

غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات