يقول كاتب المقال، سارانتيس ميخالوبولوس، أن تزايد النفوذ التركى فى الوضع السورى منذ سقوط بشار الأسد أثار دهشة اليونان وقبرص، حيث ورد أن أنقرة تريد ترسيم المناطق البحرية مع الحكام الجدد فى دمشق. ويوضح الكاتب أن هذا الترسيم سيؤثر على أوروبا بالتزامن مع جهود بحثها عن بدائل للغاز الروسى.
منذ الساعات الأولى من يوم 8 ديسمبر، عندما غادر بشار الأسد دمشق، كانت هناك لعبة جيوسياسية تجرى، حسب رؤية كاتب المقال. أولًا، تغلبت جماعة تحرير الشام المسلحة (المدعومة من القوات التركية) على قوات بشار الأسد الحاكم السابق. ثانيًا، أرسلت تركيا، بعد بضعة أيام، مبعوثًا ومسئولين آخرين رفيعى المستوى لبدء مناقشات حول مسائل مختلفة. وكان من بين مجموعة أنقرة وزير الخارجية التركى هاكان فيدان، ورئيس وكالة الاستخبارات إبراهيم كالين.
بحلول يوم 24 ديسمبر، أفادت وسائل الإعلام أن أنقرة تجرى محادثات متقدمة مع سوريا، لتوقيع اتفاق لترسيم المناطق البحرية فى البحر الأبيض المتوسط.
وقال وزير النقل عبدالقادر أورال أوغلو: «سنبرم اتفاقية الاختصاص البحرى مع الإدارة السورية، نحن نعمل على خطة طوارئ تشمل خدمات النقل الجوى والسكك الحديدية والطرق والاتصالات فى سوريا».
وصف الاتحاد الأوروبى الصفقة بأنها «غير قانونية»، لأنها تنتهك الحقوق السيادية لدول ثالثة. من جانبها، قالت اليونان، إن تركيا تريد إرساء سابقة قانونية بمذكرة تفاهم «غير قانونية» بموجب القانون الدولى.
قول آخر: تخشى أثينا ونيقوسيا أن تتأثر حقوق السيادة القبرصية من اتفاق ترسيم الحدود البحرية. فقد احتلت القوات التركية شمال قبرص فى أعقاب محاولة انقلاب فاشلة بدعم من أثينا فى سبعينيات القرن العشرين. وترفض أنقرة التخلى عن سيطرتها على هذه المنطقة المشار إليها، ما يجعلها الدولة الوحيدة المنقسمة فى الاتحاد الأوروبى.
وقال المتحدث باسم الحكومة القبرصية كونستانتينوس ليتيمبيوتيس، فى بيان إن أى نية لإبرام اتفاق بين تركيا وسوريا، باعتبارهما دولتين لهما سواحل متاخمة، يجب أن يستند إلى القانون الدولى، وتحديدًا القانون الدولى العرفى للبحار كما ينعكس فى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ويجب أن تأخذ فى الاعتبار حقوق جمهورية قبرص فى المنطقة.
فى هذا الصدد، يوضح الكاتب أن تركيا لم تصادق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، لذا فهى تصر على أنها غير ملزمة بأحكام الاتفاقية التى تمنح الجزر حقوق مناطق بحرية.
أوضحت مصادر دبلوماسية يونانية، الأسبوع الماضى، أن الحدود فى المنطقة أوروبية، وأكدت على أن القضية أثيرت بالفعل مع الاتحاد الأوروبى فى بيان مشترك مع النمسا وقبرص. كما أشارت المصادر إلى أن سوريا تواجه «وضعًا انتقاليًا» لا يعطى أى شخص الشرعية لإبرام مثل هذا الاتفاق. ويضيف الكاتب أن الحكومة فى أثينا تواجه ضغوطًا من أحزاب المعارضة لفرض عقوبات من الاتحاد الأوروبى على أنقرة.
يشير الكاتب إلى أن أثينا تفاجأت بتطورات الأحداث فى سوريا وطموحات تركيا فى المنطقة، حيث كانت العلاقات اليونانية التركية هادئة لبعض الوقت.
• • •
يؤكد الكاتب أن ترسيم المناطق البحرية مرتبط بأجندة الطاقة فى المنطقة.
فى هذا الصدد، وقعت اليونان وإسرائيل اتفاقية طاقة، فى 23 ديسمبر، تهدف إلى إنشاء ممر كهربائى «أخضر» من إسرائيل إلى الاتحاد الأوروبى، عبر اليونان وتسريع مشروع الربط الكهربائى بين اليونان وقبرص وإسرائيل.
يعتبر هذا المشروع أطول كابل بحرى عالى الجهد فى العالم. وسوف يربط شبكات النقل الأوروبية بقبرص ثم يمتد لاحقًا إلى إسرائيل.
من جانبها، عارضت تركيا، التى تشهد توترات متزايدة مع إسرائيل بشأن غزة، هذا المشروع.
معلومة إضافية، يشير المحللون فى أثينا إلى أن تركيا تهدف إلى زيادة نفوذها الجيوسياسى، لتصبح مركز الطاقة فى أوروبا.
نتيجة لما سبق، عادت خطة قديمة وطموحة إلى الظهور على الساحة، وهى بناء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعى القطرى إلى أوروبا عبر المملكة العربية السعودية والأردن وسوريا وتركيا.
وتفيد وسائل الإعلام اليونانية بأن هناك مشروعًا آخر قيد النظر يربط غرب سوريا بخط أنابيب الغاز العربى الحالى، والذى يربط سوريا بالأردن ومصر ويمكن أن يوفر لأوروبا الغاز الطبيعى المصرى والإسرائيلى.
ومع ذلك، يقدر المحللون فى أثينا أن تل أبيب لن تسمح لتركيا بالتعامل مع سلاحها الجيوسياسى الرئيسى.
أخيرًا، يقول الكاتب إن جميع مشاريع الطاقة، قيد المناقشة، ستتأثر بتعامل تركيا مستقبلًا مع أكراد سوريا، حيث هدد الرئيس التركى بغزو كامل النطاق، وهو السيناريو الذى تعارضه إسرائيل.
سارانتيس ميخالوبولوس
موقع Eurasia review
ترجمة وعرض: وفاء هانى عمر
النص الأصلي
https://tinyurl.com/4j6pc5yu