دستور (نادين لبكى) - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 12:00 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

دستور (نادين لبكى)

نشر فى : الأحد 1 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 1 أبريل 2012 - 8:00 ص

كانت الضيعة غارقة فى الاستقطاب «الإسلامى المسيحى»، وبدت الجراح وكأنها مازالت تنزف، الفارق بين شواهد القبور المحفور عليها الصليب ودعوات تعزية السماء، وتلك التى تتزين بالقول الكريم «إنا لله وإنا إليه راجعون»، لا تزيد عن سنتيمترات قليلة، النساء يتشحن بالسواد وكل منهن تبكى من واراهم الثرى.

 

من تلك اللحظة ومن قلب الإيمان المسيحى بالرقاد على رجاء القيامة، والإيمان الإسلامى بذات الرجاء فى رحمة الله وحقيقة العودة إليه، صاغت «نادين لبكى» المادة الأولى فى دستور ضيعتها، إذا كان مصيرنا واحدًا وينتهى فى باطن هذه الأرض، يصبح أول ما يجمعنا هو «وحدة المصير».. إذن فالمادة الأولى: «مواطنو هذه الضيعة يتشاركون فى وحدة المصير»، وإذا كنا نتشارك فى حقيقة الموت فلنقاوم من يرفض منا أن نتشارك واقع الحياة ومشوارها.

 

لكن كيف نتشارك فى حماية الحياة وبيننا من يريد أن يعيش وحده، وإذا ما اعترف بحق غيره فى الحياة أراد له أن يعيش تابعا أو تاليا وليس شريكا، كانت تلك معضلة تواجه الضيعة المقسومة بين مسلمين ومسيحيين، وبين رجال ونساء.. تشارك الرجال من الجانبين فى إطلاق الشعارات الوردية لكنها كانت تسقط أمام أول أزمة عابرة، قد ترتكبها «معزة ضالة» تكسر تمثالا لـ«العدرا» أو تلوث سجاد المسجد، وعندما تشتعل توافه الأزمات تخرج من الصدور المنافقة الكراهية المخفية .. كل طرف كان يطلق معسول الكلام فى العلن وتحركه الكراهية فى الخفاء التى تصل إلى أن كل طرف كان يخزن الأسلحة استعدادا لمعركة مع الطرف الآخر.

 

لكن النساء على عكس الرجال كان هناك حزن يجمعهن لا يردن تكراره، عرفن بعد قدر غير معلوم من الدماء والحزن أن المصير واحد وأن هذه الحياة لابد أن يوضع لها دستور جديد يجمع ولا يفرق يبنى ولا يهدم، لا يميز بين الناس بأديانهم، وهو دستور يستحق النضال من أجله، حتى لو اضطرت أم إلى أن تخفى نبأ موت نجلها الشاب الذى قتله «مسلمون» خارج الضيعة حتى لا تحرك الكراهية أهله للانتقام الأعمى من المسلمين داخل الضيعة، وحتى لو اضطر النساء للتآمر على رجالهن للوصول إلى مخازن السلاح وتفريغها حتى لا يجدوه عند أى مواجهة، وحتى لو بذلوا كل جهد لحجب محطات التلفزيون التى تذيع أنباء الفتنة الطائفية الطاحنة فى لبنان، و«قصقصة» أخبار الفتنة من الصحف القليلة التى تصل للضيعة، حتى لو أصلحت إمرأة مسلمة تمثال «العدرا» ونظفت امرأة مسيحية سجادة المسجد، وتآمر شيخ الجامع وقس الكنيسة مع النساء على الرجال لنزع فتائل الفتن بمنطق «الضرورات التى تبيح المحظورات»، وادعت كل امرأة أنها بدلت دينها، لتقول لزوجها إن الآخر الذى تكرهه أو تحاول أن تقصيه إنسان مثلك من «لحم ودم».

 

أمام المقابر وقف الرجال يسألون نساءهم:

 

«وهلا لوين»؟ ولم يكن السؤال يحتاج إلى جواب فى ضيعة بنت دستورها على «وحدة المصير والعيش الواحد».. اسمعوا نادين لبكى وهى تغنى: «يمكن لو فى بينى وبينك حلم كنا غفينا.. يمكن لو فى بينى وبينك سلم كنا نسينا.. يمكن فى طريق جديد بينى وبينك نحنا مش شايفينا»، وابحثوا عن الحلم والسلم والطريق الجديد، وإذا عجزتم فاطلبوا دعم نادين.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات