تابعت ككل المصريين الحقائق الصادمة التى أعلنها الدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة، عن كم الفساد الهائل الذى نخر كالسوس عظام ذلك النظام الذى كان من أهم برامج الرعاية الطبية التى تنتهجها الحكومة لرعاية غير القادرين من المواطنين وقد أصبحوا الغالبية العظمى من مرضانا. سألت نفسى وأعتقد أن الكثيرين من الأطباء قد فعلوا ــ هل لى نصيب من هذا الجرم؟
بدأ العمل لنظام العلاج على نفقة الدولة عام 1975وكان الهدف منه أن تتحمل الدولة نفقات علاج مواطنيها الذين لا تظلهم أى مظلة للتأمين الصحى. كان من الطبيعى أن تخصص تلك الميزانية لعلاج الفلاحين الذين لاى ينتمون لهيئات حكومية أو غيرها، أيضا ساكنو المناطق النائبة الذين يعملون فى الصيد أو ينتشرون فى الصحراء ينضم إليهم أى مواطن لا يمتلك بطاقة تأمين صحى. كلهم مواطنون يجمعهم المرض والحاجة فمن سرق حقهم فى العلاج؟
يقر السيد وزير الصحة أن 30٪ من ميزانية العلاج على نفقة الدولة ذهبت لأعضاء مجلس الشعب. وأن أحد السادة نواب الشعب المحترمين حصل على 1662 قرارا فى يوم واحد وأن 27 عضوا حصلوا على قرارات علاج قيمتها 254 مليونا فى أربعة شهور فقط من العام الماضى.
الأرقام مذهلة والحقائق لها وقع الصفعات وكم الفساد فوق احتمالات أى طاقة للاستيعاب أو محاولة الإصلاح فمن نحاسب اليوم؟
قرارات العلاج على نفقة الدولة تصدرها لجنة ثلاثية من الأطباء المتخصصين وفقا لتقارير طبية معتمدة عن حالة المريض من مراكز كلها تابعة لوزارة الصحة ومجالسها المتخصصة فمن أين تسربت كل تلك القرارات مباشرة إلى أعضاء مجلس الشعب والشورى؟ هل هناك تشريع خفى يضمن لمجلس الشعب سلطة مباشرة على وزارة الصحة تحديدا يضمن لأعضائه حق نهب حقوق مرضى الفشل الكلوى والسرطان والتهاب الكبد الوبائى وأمراض القلب والشرايين لصالح عمليات التجميل وتبييض الأسنان وزرع الشعر فى الخارج؟ هل هذا حق يكفله الدستور لأعضاء مجلس الشعب والشورى المحترمين أين هؤلاء المرضى الذين صدرت بأسمائهم تلك القرارات؟ أم أن تلك أسماء وهمية تخفى وراءها جريمة حقيقية كاملة الأركان تستحق عقاب خيانة الأمانة أى جهات رقابية يمكنها حصر أبعاد تلك الجريمة التى تمت مع سبق الإصرار والترصد، وماذا تنتظر وهى جهات عديدة وكلها صاحبة اختصاص؟ أيها السادة من منا اليوم من حقه أن يطلق الرصاص على من ؟