إنه من الأشياء المثيرة للدهشة واللافتة للانتباه عدم تصوير سيدنا موسى على الآثار المصرية القديمة. ومن المعروف أن التاريخ يكتبه عادة المنتصر، وهذا ربما يكون السبب فى عدم تصوير سيدنا موسى على الآثار المصرية القديمة؛ وذلك لأن الملك الذى عاصر سيدنا موسى وخلفاؤه لن يرضوا بتصوير هزيمة هذا الملك على الآثار المصرية، ولن يعطوا النصر أو السبق لفريق كان سلفه يناصبه العداء. وكان من عادة الملوك الفراعنة تصوير أنفسهم على آثارهم منتصرين وفقا لمفهوم الملكية ودور الملك فى مصر الفرعونية. وقد مال بعض الملوك الفراعنة لتصوير أنفسهم فى موقع المنتصر بدلا من موقع المنهزم. وقام بذلك الملك رمسيس الثانى حينما صور نفسه منتصرا على العديد من آثاره بعد خوضه معركة قادش ضد الحيثيين والتى تمت هزيمته فيها فى البداية.
لقد كان اليهود فى مصر فى ذلك الوقت قلة غير ذات عدد كبير. فلا نجد لهم آثارا فى مصر القديمة إلا كذكر بسيط على لوحة الملك مرنبتاح، ابن الملك رمسيس الثانى، والذى سجل عليها الانتصار على العديد من الشعوب الأجنبية، وذكر ضمن ما ذكر إبادته لبذرة إسرائيل. وتم ذكر كلمة إسرائيل هناك كقبيلة، وليس لمكان له جغرافية محددة، مما يدل على أنهم كانوا رحلا ولم يكن لهم مكان محدد يُؤوى هذه القبيلة. وهناك فترات تم النظر إليها بالإهمال أو التجاهل، مثل فترة حكم الملك إخناتون الذى تجاهلته بعض المصادر المصرية القديمة وذكرته باسم المارق من العمارنة أو الملك المهرطق أو حذفت اسمه كلية من القوائم الملكية. وربما تم إغفال ذكر سيدنا موسى فى المصادر المصرية لهذا السبب وهو عدم الاعتراف بوجوده أو لتجاهل هذا الحدث كله تماما. وهناك وجود لاسم «مِسى» أو «موسى» فى أسماء العديد من الشخصيات المصرية القديمة. ومن الجدير بالذكر أن اسم سيدنا موسى هو اسم مصرى، وهو «مِسى»، وهو اسم مفعول بمعنى «المولود». وهناك أسماء مصرية عديدة دخل ضمن تركيبها اسم «مِسى» مثل «رع مِسى» أو «رعموزا» بمعنى «مولود رع»، الوزير وحاكم طيبة (الأقصر الحالية)، وصاحب المقبرة الشهيرة فى البر الغربى لمدينة الأقصر من عهد أمنحتب الثالث وأمنحتب الرابع / أخناتون.
ولا يعرف أحد ما سوف تحمله الاكتشافات المصرية فى الغد لنا من حقائق قد تغير الكثير من معلوماتنا عن مصر الفرعونية وحضارتها الخالدة.