لا بد لمصر من وقف المظاهرات لمدة عام - سمير رضوان - بوابة الشروق
السبت 28 ديسمبر 2024 5:20 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا بد لمصر من وقف المظاهرات لمدة عام

نشر فى : الأربعاء 31 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 31 يوليه 2013 - 8:44 ص

منذ عام، بات واضحا أن الربيع العربى لن ينجح فى مصر ما لم يتم إنهاء حالة الجمود فى العلاقات بين الإسلاميين والعلمانيين. لكن ذلك لم يحدث، والآن مطلوب شىء آخر، وهو عقد اجتماعى جديد يتضمن وقف القيام بأية مظاهرات أخرى.

وقد وصفت مجلة «تايم» مؤخرا مصر بأنها ممزقة بين أفضل محتجين فى العالم وأسوأ ديمقراطيين فى العالم. وكان ذلك وصفا مناسبا على نحو يبعث على الاكتئاب. إذ فشل الرئيس السابق محمد مرسى فى خلق ديمقراطية شاملة أثناء العام الذى أمضاه فى السلطة. ومثلت دعوة وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى المصريين إلى النزول إلى الشوارع فى السادس والعشرين من يوليو لتفويضه لمواجهة العنف والإرهاب المحتملين مخاطرة بوقوع بمزيد من الاشتباكات.

هذه هى المرحلة الثالثة من الثورة المصرية، ومن المحتمل أن تكون أكثر خطورة من سابقتيها، لأنها تقضى على أى أمل لتحسين الاقتصاد الذى كان المحرك الأساسى لكل من الانتفاضة المناهضة للرئيس الأسبق حسنى مبارك وتمرد العام الحالى ضد مرسى.

يعود جزء كبير من اللوم فيما يتعلق بحالة الاقتصاد المزرية إلى حكومة مرسى من الإخوان المسلمين. فقد كان معدل النمو 2.2% فقط فى عام 2012، وهو معدل هزيل بالنسبة لسوق ناشئة بها سكان شباب مثل مصر. وليست هناك أدلة كبيرة على التحسن. فقد انكمش الاقتصاد بنسبة 3.7% فيما بين الربع الأخير من عام 2012 والربع الأول من عام 2013.

زيادة الفقر

بحلول شهر يونيو، كان احتياطى مصر من العملات الأجنبية أقل من 15 مليار دولار، وهو ما يكفى لتغطية ما يقل عن ثلاثة أشهر من الواردات. وقد زاد كل من الدَين المحلى والدَين الخارجى، حيث بلغ الدَين الخارجى 50 مليار دولار طبقا للأرقام الصادرة عن البنك المركزى. كم زاد عجز الميزانية إلى نحو 12 بالمائة من إجمالى الناتج المحلى، وهو ما يعود فى المقام الأول إلى الزيادة فى دعم الطاقة وغيرها الذى يبتلع نحو 29 % من إجمالى النفقات الحكومية. وقد تجمدت الاستثمارات المباشرة الأجنبية تقريبا، بينما زاد عدد الفقراء.

وكان الرد على هذا الأداء المحزن موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات قام بها العمال وغيرهم. إذ كان هناك أكثر من 3800 تظاهرة فى مصر فى العام الماضى، نظم أكثر من نصفها العمال و36 % من موظفى الحكومة، طبقا لما ذكره المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وليس مستغربا أن مؤسسة ستاندارد آند بورز قللت تقدير التصنيف الائتمانى السيادى لمصر الذى أصبح الآن CCC+.

ومع ذلك فمن المهم أن مؤسسة ستاندارد آند بورز قالت إنه يمكن أن ترفع تقدير مصر مرة أخرى إذا عزز تحول مصر السياسى العقد الاجتماعى ووفر زيادة كبيرة فى صافى احتياطياتها الامر الذى يؤدى إلى تخفيف الضغط الخارجى. وهذا هو سبيل مصر للخروج من الأزمة.

وإذا كانت التظاهرات التى دعا إليها كل من السيسى والإخوان المسلمين تمثل نقطة بداية لاستقطاب وعنف أشد عمقا، فحينئذ سوف تتمكن الحكومة الانتقالية من تحقيق القليل، أو لا شىء بالمرة، للاقتصاد. وسوف يستمر انزلاق مصر نحو الفوضى. وهناك خطوات عديدة مطلوبة لتجنب ذلك.

أولى هذه الخطوات هى التفاوض على برنامج مصالحة يضمن للجماعات الإسلامية عدم استبعادها من أية ترتيبات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية مقبلة. وفى المقابل، سوف يتعين عليها نبذ العنف والموافقة على فصل الدين عن السياسة واحترام حقوق النساء والمسيحيين وغيرهما من الأقليات. وأعترف بأن هذا سيناريو تفاؤلى وسوف يتطلب العثور على محاورين مهتمين بالمصالحة على الجانبين، وكذلك وسطاء دوليين.

العقد الاجتماعى

ما أن يستقر الوضع فى الشوارع حتى ينبغى على الحكومة الانتقالية وضع عقد اجتماعى تراعى فيه شكاوى المتظاهرين التى انعكست فى دعواتهم إلى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. وفى المقابل، ينبغى أن يشمل العمل الـ4600 مشروع التى لا تزال مغلقة منذ يناير 2011 طبقا لما ذكرته مصادر دار الخدمات النقابية والعمالية. إذ ينبغى فتح هذه المشروعات الآن بمساعدات مالية من الحكومة.

ولابد أن يخضع هذا العقد الاجتماعى الجديد لحوار حقيقى مع المجتمع وينبغى أن يوقع عليه ممثلون للنقابات العمالية وقادة الأعمال وجماعات المجتمع المدنى، بما فى ذلك الإخوان المسلمون وجماعات الاحتجاج مثل تمرد.

ثانيا: ينبغى أن تضع الحكومة خطة إنعاش طوارئ مدتها عام واحد تتضمن مراجعة كبيرة لميزانية الدولة للعام المالى 2013ــ2014 التى تبدأ بتقليل العجز والدعم، وجهدا ضخما لإعادة ترسيخ الأمن الذى يشجع السائحين الأجانب على العودة إلى مصر، وبرنامجا قوميا لخلق فرص العمل يركز على تعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى القطاع الخاص.

 سوف يتطلب هذا كله عودة سريعة إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولى على القرض المقترح لمصر وقدره 4.8 مليار دولار. ذلك أن اتفاق صندوق النقد الدولى ضرورى لإقرار سياسات الحكومة الاقتصادية وإقناع المانحين والمستثمرين الآخرين بالعودة.

الأولوية الثالثة هى وضع خطة متوسطة المدى للسنوت الخمس المقبلة تهدف إلى استعادة النمو السريع وخلق فرص العمل للشبان والشابات. وينبغى أن يتضمن هذا مشروعا قوميا كبيرا واحدا على الأقل، مثل إنشاء صناعة فى ممر قناة السويس وبرنامج للمشروعات الممولة من القطاعين العام والخاص لتعزيز استثمار القطاع الخاص.

يتوقف هذا كله على شىء من الحكمة يسود فى الأيام التى تلى السادس والعشرين من يوليو، وإلا فإن مصر سوف تنزلق من جديد إلى الفوضى والحرب الأهلية، الأمر الذى يكبح العملية الديمقراطية الوليدة التى بدأت قبل عامين ونصف.

(سمير رضوان وزير المالية الأسبق )

سمير رضوان وزير المالية السابق
التعليقات