فئوية.. فئوية - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 9:52 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

فئوية.. فئوية

نشر فى : الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 9:25 ص | آخر تحديث : الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 9:25 ص

لم أسمع أحدا يتحدث عن احتجاجات القضاة وإضرابهم عن العمل وتعليقهم لمهامهم فى المحاكم، باعتبارها مظاهرات فئوية، لم يوجه لأصحاب المنصات القضائية ذات النقد القاسى الذى كان يوجه للفقراء من عمال الشركات وموظفى الدولة، بتعطيل عجلة الإنتاج، بينما تعطيل المحاكم والتهديد بمقاطعة الانتخابات هو شل لكل العجلات وليس عجلة الإنتاج فقط.

 

إذا لم تكن احتجاجات القضاة فئوية، فما هى الفئوية، هل تصبح احتجاجات المعلمين الذين يطالبون بأجور تخرج بهم من حد الـ600 جنيه فئوية، بينما لا تعد كذلك مطالب القضاة التى تمعن فى طلب مزيد من الحصانات دون حسيب أو رقيب، ومزيد من التوريث الفج للمواقع القضائية، ومزيد من الافتئات على حقوق الدفاع المكفولة للمتهم ومحاميه فى القانون، والأدهى من ذلك أن يحصل القضاة على نسب من الغرامات التى يقضون بها، بما يجعلهم أصحاب مصلحة أساسية فى التوسع بفرض الغرامات.

 

أعرف أن استقلال القضاء هو حق للمجتمع وضمانة أساسية، لكن المؤكد أن معركة المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة ليست استقلال القضاء على الوجه الذى نفهمه، وكان يناضل من أجله المستشار حسام الغريانى ورفاقه فى انتفاضاتهم التى كان يعارضها الزند ويسعى لإجهاضها فى حينها، لكنها معركة فئوية بامتياز، فالرجل مصر على أن يورث القضاة مواقعهم لأبنائهم، دون اكتراث بمعايير كفاءة أو مساواة، يتحدث للقضاة كمرشح يخاطب جمهورا فى دائرة انتخابية، يرشوهم بقوله: «ابنى اليوم ابنك غدا» وكأنه يذكرهم أن تكريس تعيين أبناء القضاة سيستفيد منه الجميع فلا تعارضوه، ولا معنى للمجتمع ولا أولئك البشر الذين تسرى فى عروقهم ذات الدماء التى تجرى فى عروق الزند، ويكدون ويجتهدون ثم لا ينالون أحلامهم بالعمل فى القضاء لأنهم من خارج العوائل المالكة لمرفق العدالة.

 

كيف يستقيم أيضا أن تشرع فئة قانونها الخاص، وهو قانون لا علاقة له بتعاملاتهم فهو ليس لائحة داخلية لنادى القضاة لكنه قانون يخص الجمهور والعلاقة بين أطرافه، كيف يستقيم أن تفتئت على حق الدفاع وحق المتهم وتمنح نفسك سلطات لحبس المحامى وإرهابه، كيف يستقيم أن تمنح نفسك حق الحصول على نسبة من الغرامات التى تحكم بها بين الناس فى العدل، فتصبح صاحب مصلحة أساسية فى الغرامات.

 

الفارق كبير بين استقلال القضاء و«تأليه» القضاة، والفارق كبير أيضا بين استقلال القضاء و«الاستقلال بالقضاء» وكأنه دولة داخل الدولة، لكن القضاة ليسوا منزهين، والمنطقى أن يحكموا بقوانين لا يعدونها، وأن تراقب أعمالهم مثل غيرهم، وأن يكون هناك توازن قوى قانونى فى المجتمع يضمن على الأقل ألا يأتى يوم فيتعامل فيه رجل مثل الزند وكأنه رئيس شركة عائلية مغلقة ملكه وليست ملك الشعب، لكن مواقف الزند ربما تكون معروفة، أما الصدمة كل الصدمة ففى قضاة تيار الاستقلال المشاركين أو الصامتين عن هذا العبث..!

 

sawyelsawy@yahoo.com

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات