أثارت تصريحات رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار جدلا كبيرا حول تطوير منطقة وسط البلد في مصر، وتحويلها إلى ما يشبه "الداون تاون" في إمارة دبي بدولة الإمارات، مما أثار تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي ودفع الحكومة المصرية للرد على تصريحات العبار.
وأعاد ذلك منطقة وسط البلد وعمارتها إلى الواجهة بين التطوير الحكومي عن طريق الدولة ممثلة في الحكومة ومحافظة القاهرة، أو الأجنبي متمثل في المستثمرين الأجانب.
وبما أن القاهرة الخديوية لها تاريخ كبير منذ أن أسسها الخديوي إسماعيل، بالاستعانة بالمهندس الفرنسي هاوسمان في المشروع الحلم للخديوي في تحويل القاهرة إلى نسخة من باريس التي قام بخطيطها المهندس هاوسمان نفسه، وتحولت القاهرة الخديوية التي تعرف بمنطقة وسط البلد إلى رمز مهم للقاهرة ولمصر بشكل عام.
وتتميز منطقة وسط البلد بعمارتها الجميلة والمتميزة والتي تحاكي العمارة الأوربية في أوج إزدهارها، والتي توسعت مع الوقت والسنوات، ولكنها ظلت محتفظة برونقها الجميل، وبأهميتها الكبيرة.
وقد كتب عن وسط البلد وعمارتها الكثير من الكتب، الدراسات، الأبحاث، وغيرها كونها جزء لا يتجزأ من التاريخ المعماري للقاهرة ولمصر، وهنا محاولة لاستعراض بعض الكتب التي تناولت منطقة وسط البلد، وعمارتها.
"السلطة والعمارة في مصر"
يتتبع كتاب "السلطة والعمارة في مصر" للكاتب والباحث خالد عزب، والصادر عن دار الشروق، قصة العلاقة بين السلطة والعمارة في مصر عبر الزمن، موضحًا كيف تأثرت هذه العلاقة من خلال مَقر الحُكم، الذي كان يتغير مع اختلاف السُّلطة وتبدُّلها.
ومن خلال استعراض تطور أشكال العمارة، منذ ولاة مصر بعد الفتح الإسلامي لعمرو بن العاص، وصولًا إلى عصور أسرة محمد علي، يوضح الدكتور خالد عزب أن العمارة لم تكن مباني وقصورًا فقط، وإنما كانت تعبيرًا عن صراع هوية واشتباكٍ فكري في المجتمع المصري. ويكشف- مُستعينًا بالصور- عن تأثير الخلافة العباسية على الشخصية المعمارية لمصر، وكيف حاول المصريون الاستقلال بشخصيتهم، إلى أن صار لهم طراز معماري فريد بدأ يظهر في العصر المملوكي من خلال المآذن والمساجد والمدارس والقصور، حتى بلغ ذروتَه في مسجد ومدرسة السلطان حسن.
ومن القلعة إلى القصور الرئاسية، يُقدم المؤلف رؤية تحليلية لإشكالية الهوية المعمارية في مصر، موضحًا كيف تأثر المصريون بالعمارة العثمانية في قصر الجوهرة وقصر شبرا، وكيف استطاع قصر الاتحادية أن يمزج بين الكتابات العربية على سُوره، وبين طرز الواجهات المستوحَاة من شموخ العمارة المملوكية، وهو ما انعكس على هيبة القصر المعمارية المعبرة عن عظمة وقوة الدولة، ليرسخ في ذهن المصريين باعتباره «القصر الرئاسي لمصر».
هذا كتاب يقرأ وقائع التاريخ عبر العمارة، ويستخدم العمارة لفَهم وتفسير حوادث التاريخ.
"وسط البلد.. ما وراء الحكايات"
كتب وسط البلد.. ما وراء الحكايات" من تصوير: بيلو حسين - كريم الحيوان - يحيى العلايلى، وتحرير: زينيا نيكولسكايا - نورهان إبراهيم - نانسى حبيب، والصادر عن دار الشروق.
كتاب له سحر خاص ومتعدد، السحر يأتى عبر روعة موضوع الكتاب «وسط البلد.. ما وراء الحكايات» الصادر عن دار الشروق بالتعاون مع شركة الإسماعيلية للاستثمار العقاري. هذا الكتاب هو محاولة لتوثيق الحياة فى وسط القاهرة، أو كما يسميها المصريون «وسط البلد» التى شهدت منذ تأسيسها نهضة معمارية وثقافية وفنية وضعت القاهرة ضمن أجمل مدن العالم.
يزيد من سحره صوره الرائعة التى تحكى روح المكان عبر 3 فصول هي: «حراس وسط البلد»، و«برودواى وسط البلد»، و«مذاق وسط البلد»، ولكل قسم فلسفته ورؤيته إذ يصاحب الصور نصوص بديعة توضح لماذا هذا الكتاب مهم؛ لأنه يرفع الذائقة البصرية لمن يقرأه ويشاهده.
ويجب الإشارة هنا إلى نقطة مهمة وهى أن تجهيز هذا الكتاب استغرق 8 سنوات لتجهيزه وإعداده للنشر ليظهر بهذا الغنى البصرى والجمالى.
"كنوز وسط البلد"
كتاب "كنوز وسط البلد" للكاتب ميشيل حنا، والصادر عن دار الرواق للنشر والتوزيع هو واحد من الكتب الحديثة التي كتبت عن وسط البلد فينطلق الكتاب من مقدمته من منطلق أنه ما أكثر الكتب والدراسات التي صدرت عن وسط البلد، لكن بالرغم من هذا تظل هناك مساحة شاغرة لحكايات ومعلومات إضافية، ويظل هناك - دائمًا - نقص في الصور.
لا تكفي النصوص المكتوبة أبدا لمنح فكرة كافية عند الحديث عن التراث المعماري والتاريخ المرتبط بالأماكن والشخصيات، إذ تظل دائمًا هناك حاجة إلى الصورة.
من أجل هذا يهتم هذا الكتاب بشكل خاص بتقديم الصور، أكبر كم منها، إلى جانب النصوص.
لا يدّعي هذا الكتاب تقديم تاريخ شامل أو متسلسل لوسط البلد، لكنه محاولة متواضعة لالتقاط لمحات من هنا وهناك. إنه يلتقط الفتات المنسي والساقط من موائد الكبار، لكنه فتات يستحق النظر إليه والاحتفاء به.