في مثل هذا اليوم، مع مطلع أول أيام شهر يوليو عام 1798، رسّت سفن أسطول القوات الفرنسية بقيادة الإمبراطور نابليون بونابرت على شواطئ الإسكندرية؛ إيذانا ببدء الحملة الفرنسية على مصر، والتي قاومها الشعب المصري بكل جسارة إلى أن رحلّت عن البلاد بعد نحو 3 سنوات.

* قبل الفيضان

وكانت رغبة نابوليون قائمة على الوصول إلى القاهرة قبل فيضان النيل الذي يفيض في شهر أغسطس، ولذلك صمم على متابعة السير في الحال إلى عاصمة البلاد، فبدأ أولًا بوضع حامية مؤلفة من 8 إلى 9 آلاف جندي في الإسكندرية تحت قيادة الجنرال كليبر، حسبما ورد بكتاب "نابليون بونابرت في مصر" للكاتب أحمد حافظ عوض.

ومع قرار نابليون بالتحرك للقاهرة، استوجب الأمر أن يستخلف أحد جنرلاته، ليقوم بأعمال القيادة وقت غيابه، ووقع اختيار بونبارت على الجنرال كليبر، وترك له رسالة حملت وصايا تعينه على مهمته بقيادة الجيش في الإسكندرية، وذكر نصها حافظ عوض بكتابه.

* احترام الأعيان

وقال نابليون في نص الرسالة: "إنك تتولى يا مواطني الجنرال الإسكندرية وأبا قير والصف المتحرك المخصص للبقاء في ساقة الجيش لتسهيل المواصلات فيه، وعليك مراقبة إنشاء الكورنتينة (حجر صحي)، وإعداد مستشفيين واحد للجرحى وآخر للمرضى، وأرجو أن تكون علاقاتك مع العربان، ووقوفك على حركاتهم، على غاية ما يرام، وأن تحافظ على احترام العلماء وأعيان البلد".

وعن الاستراتيجية، قال بونابرت: "وسيذهب الأسطول ليرسو في مياه أبي قير ويلزم أن يرسو في جهة بحيث يكون في مأمن من الطوارئ، تحت حماية الطوابي التي يلزم إقامتها هناك، ولعلك تدرك من هذا أهمية الإسراع في إنشاء تلك الاستحكامات، ومن المهم جدًّا أن يسارع الصف المتحرك الذي تحت قيادة الجنرال دومي إلى احتلال نقطة السكربون الواقعة بين الإسكندرية ودمنهور حيث توجد مياه كثيرة، وأن ينصح له بتنظيف الآبار الموجودة في جهة البيضة".

* لا مساس بالشرع

وشدد نابليون في رسالته، على أنه "من الضروري جدًّا أن تبقى مواصلات الإسكندرية ورشيد على غاية ما يرام بواسطة القوارب في البحيرة، وسيبعث لك ديوان أركان الحرب بالنظام الذي وضعه لإدارة الأحكام في البلاد، فمن الواجب كثيرًا تعويد القوم تدريجيًّا على أخلاقنا وتصرفاتنا، وأن نترك في أيديهم مجالًا واسعًا من سلطة إدارة أمورهم الداخلية، وبالأخص يلزم عدم التدخل في شيء من المسائل التي لها مساس بالشرع والدين".

* صحتك أولا

وواصل نابليون نصائحه لكليبر، قائلا: "وفوق ذلك كله أرجوك أن لا تفرط في إجهاد نفسك بحيث تضر بصحتك، التي هي أهم لدي وللجيش، من كل شيء، ولك السلام".