خبراء: التوسع في استخدام الطاقة النووية ضرورة قصوى لمكافحة تغير المناخ بمختلف بلدان العالم - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 7:31 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خبراء: التوسع في استخدام الطاقة النووية ضرورة قصوى لمكافحة تغير المناخ بمختلف بلدان العالم

علي الإدريسي ويسري أبو شادي وعلي عبد النبي
علي الإدريسي ويسري أبو شادي وعلي عبد النبي

نشر في: الخميس 4 يناير 2024 - 10:55 ص | آخر تحديث: الخميس 4 يناير 2024 - 11:59 ص

تشهد البشرية حاليًا واحدة من أهم الأزمات العالمية وأكثرها إثارة للجدل، ويدور الحديث حول أزمة تغير المناخ، التي تشكل تهديداً خطيراً لكوكب الأرض، خاصة وأن تأثير عواقب هذه الأزمة سوف يكون أسرع بكثير وفي إطار زمني أقصر مما نتصور.

والسبب الرئيسي وراء تفاقم هذه الأزمة هو استخدام الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، الذي يولد أكثر من 75% من انبعاث الغازات الدفيئة وحوالي 90% من إجمالي انبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم أجمع.

جدير بالذكر أنه في شهر ديسمبر 2023، انعقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ – COP28 – في دبي. حيث ركزت القرارات المتخذة في المؤتمر على مناقشة مصادر الطاقة التي ستساعد في التخفيف من آثار تغير المناخ وتحقيق الأهداف الطموحة لاتفاق باريس، والتي تشمل الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون. ولذلك، ركز الخبراء جل اهتمامهم على ضرورة زيادة وتوسيع استخدام الطاقة النووية كوسيلة لمكافحة تغير المناخ في مختلف بلدان العالم.

في هذا السياق، تحدث د.علي عبد النبي نائب رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق، عن دور التكنولوجيا النووية في مكافحة أزمة التغير المناخي، مؤكداً إلى إنه إذا ما نظرنا إلى الطاقة النووية من منظور أوسع نجد أنها توفر الاستقلال والسيادة الاستراتيجية في مجال الطاقة في إطار توفير مصدر موثوق ومستدام وصديق للبيئة للطاقة الكهربائية (بحيث لا يصدر منه أي انبعاث كربوني)، بالإضافة أنه بفضل التقنيات المتطورة فإن الطاقة النووية تخلق المزيد من فرص العمل في قطاعات اقتصادية أخرى.

وتابع: إذا ما اطلعنا على الاحصائيات فإننا سنرى بأن حصة قطاع الطاقة يمثل حوالي 49% من انبعاث الغازات الدفيئة، في حين يؤدي توليد الطاقة الكهربائية إلى أكثر من 25% من انبعاث ثاني أكسيد الكربون المرتبط بالطاقة. ولهذا يعتبر استخدام الطاقة النووية حلاً مثالياً للتخلص من الغازات التي من شأنها تلوث الهواء وايضا تشكل خطراً على المناخ العالمي.

وأضاف: أصبح من الواضح أن الطاقة النووية هي أكبر مصدر لتوليد الكهرباء منخفضة الكربون، حيث توفر الطاقة النووية ما يقرب من 10% من إجمالي إنتاج الكهرباء في العالم وتمثل 25% من إجمالي الطاقة منخفضة الكربون المتوفرة في الاسواق العالمية.

وتعد الطاقة النووية مصدراً أساسياً لإنتاج الطاقة الكهربائية و المنخفضة الانبعاثات طوال دورة حياة الطاقة النووية (من التعدين إلى توليد الكهرباء)، كما تعتبر الطاقة النووية بحد ذاتها منخفضة الكربون أيضاً، مما يعني كمية أقل من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة طاقة منتجة..إلى جانب الدور الذي تلعبه الطاقة النووية في إنتاج الطاقة الكهربائية منخفضة الكربون، يوجد ايضا دورا حيويا للطاقة والتكنولوجيا النووية في تحقيق انبعاث منخفض الكربون بحلول عام 2030 وذلك من خلال توسيع استخدامها في مجالات أخرى، مثل تحلية المياه والتدفئة والهيدروجين.

ويرى د. على عبدالنبى أن الطاقة النووية تساهم في الحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون بنحو 2.5 مليار طن سنوياً، مقارنة باستخدام الفحم في توليد الكهرباء، وبنحو 2 مليار طن مقارنة بخليط الوقود من "المصادر الأحفورية والمتجددة".

ويبلغ حالياً حجم انبعاث ثاني أكسيد الكربون نحو 36.3 مليار طن سنوياً، ومع ذلك يمكن أن يزيد إجمالي انبعاث ثاني أكسيد الكربون - من دون زيادة استخدام الطاقة النووية - بمقدار 4 مليارات طن بحلول عام 2040، مما يعني زيادة كبيرة في ظاهرة الاحتباس الحراري.

ومن الصعب تحقيق صافي انبعاث كربوني صفري بحلول عام 2050. ومع ذلك من أجل تحقيق هذه الغاية لابد من مضاعفة إنتاج الطاقة "المتجددة والنووية" المنخفضة الكربون إلى أربعة أضعاف، وهذا الأمر كما هو معروف يتطلب نفقات كبيرة. وسيتعين أيضًا السماح ببعض مستويات الانبعاثات واستخدام التقنيات مثل احتجاز الكربون وتخزينه، وكل هذا يتطلب الوقت والموارد المالية.

وأضاف نائب رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق أن الطاقة النووية تستخدم حالياً مفاعلات الانشطار النووي لإنتاج الطاقة. وعلى الرغم من أنه يجري في الوقت الراهن تطوير مفاعلات جديدة تستخدم الاندماج النووي لإنتاج الطاقة، إلا إنها لا تزال في مرحلة الأبحاث والدراسات ومن المخطط استخدامها تجاريًا بحلول عام 2040.

ومن المتوقع أن يتم استخدام هذا النوع من المفاعلات ضمن نطاق واسع على المستوى العالمي. في إشارة إلى إن هذا النوع من المفاعلات لديه القدرة على أن يكون بديلاً جيدًا لمصادر الطاقة الأحفورية والمتجددة. وهكذا يمكننا القول أن مفاعلات الطاقة النووية الانشطارية ومفاعلات الاندماج النووي من "الجيل الثالث والرابع" ستلعب دوراً هاماً في الحفاظ على البيئة وحل مشاكل المناخ، مما يجعل كوكب الأرض أكثر أماناً.

واشار الى انه خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ الثامن والعشرين (COP 28)، تم الاعتراف للمرة الأولى بالدور الحاسم الذي يمكن أن تلعبه الطاقة النووية في مساعدة العالم على تقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون.

وبالفعل فقد شهد المؤتمر اهتماماً خاصاً بالطاقة النووية نظراً لدورها الفعال في الحفاظ على البيئة. وبالتالي فإن نص القرار النهائي للمؤتمر يتضمن اعترافاً صريحاً بأن الطاقة النووية هي أحد الحلول لمشكلة تغير المناخ. حيث دعا المؤتمر إلى بذل جهود وطنية وعالمية لتسريع تحقيق صافي انبعاث كربوني صفري من خلال استخدام تقنيات منخفضة الكربون (مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية)، بالإضافة إلى استخدام تقنيات تساهم في الحد من انبعاث الكربون.

وتابع في هذا الاطار وقع 22 من قادة العالم خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ الثامن والعشرين، على إعلان يتضمن بذل الجهود لمضاعفة الطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050، الأمر الذي سيساهم في مساعدة البلدان في جميع أنحاء العالم بشكل كبير من أجل تحقيق أهدافها المتمثلة في خفض صافي انبعاث الكربون إلى الصفر، وفي الوقت نفسه سوف يساهم في تعزيز أمن الطاقة والحفاظ عليها.

وأكد د. على عبدالنبى أنه لابد من التنويه أن مؤتمر تغير المناخ COP28 بات حدثاً تاريخياً للصناعة النووية، خاصة وإنه لأول مرة يعترف العالم أجمع أن القطاع النووي هو أحد الحلول الفعالة للحفاظ على البيئة. كما أظهر المؤتمر اهتماماً واضحاً بالمناقشات والمبادرات في مجال الطاقة النووية، وكذلك تشجيع تطوير تقنيات المفاعلات النووية المتقدمة، بما في ذلك المفاعلات النموذجية الصغيرة والمتوسطة. وهذا في حد ذاته يعد نجاحاً كبيراً لقطاع الطاقة النووية ولمستقبل العالم.

كما أبدى د.يسري أبو شادي، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق، رأيه بهذا الشأن قائلاً: "التلوث البيئي يتمتع بالعواقب التالية:

1. انبعاث الغازات الضارة التي لها تأثيرات كثيرة في طبقات الجو العليا مثل ثقب الأوزون، مما يؤثر أيضًا على زيادة الإشعاع على سطح الأرض؛
2. تلوث الهواء، والذي ينطلق منه الغازات الضارة مثل ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون، وتؤثر هذه الغازات على نظافة الهواء، وخاصة تلك التي تنطلق من عوادم السيارات.
3. ظاهرة الاحتباس الحراري ووجود ثاني أكسيد الكربون مما يقلل من درجة أو نسبة انعكاس الشمس عن سطح الأرض مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة".

الجدير بالذكر أن ارتفاع درجات الحرارة بدأ منذ أكثر من 200 عام، وتحديداً منذ انطلاق الثورة الصناعية واكتشاف النفط واستخدام الفحم. وقد أدى زيادة استخدام الغاز الطبيعي إلى زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون، مما أدى إلى ارتفاع معدلات درجات الحرارة على كوكب الأرض. ونتيجة لذلك اكتشف العلماء وجود خطر وكارثة بيئية، فنحن نعلم أنه إذا تجاوزت درجات الحرارة 2 درجة مئوية، فإن ذلك سيؤدي إلى اختفاء الجزر وذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، إضافة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى زيادة مستوى المياه في البحار والمحيطات.

وأضاف أبوشادى نظراً لهذا الخطر الذي يهدد البشرية اتجه العالم إلى الحد من انبعاث الغازات من مصادر الطاقة الأحفورية، ومع زيادة استخدام الطاقة في الصناعة، تم الاتجاه نحو المصادر البديلة مثل مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مثل محطة بنبان في محافظة أسوان.

وأوضح أنه بالفعل أنتجت الطاقة النووية حتى وقتنا هذا ما يماثل 30% من الكهرباء النظيفة، وهذا يدل على أهمية الطاقة النووية على المستوى العالمي. وقد أثبتت الدول الغربية ذلك من خلال بناء أعداد هائلة من محطات الطاقة النووية ووصولها إلى مرحلة الاكتفاء. وبطبيعة الحال، فإن دور محطة الضبعة النووية في المساهمة لحل مشكلة تغير المناخ كبير أيضًا.

وبما أن الطاقة النووية تعتبر من أفضل مصادر الكهرباء، بالإضافة الي أن تكلفة الوقود النووي تعد منخفضة ، فإنه يجري حالياً تحقيق حلم مصر في مجال الطاقة بالاشتراك مع شركة روساتوم الروسية التي تستخدم أحدث التقنيات وأعلى مستوى من الأمان النووي. علماً أن محطات الطاقة النووية لا تصدر غازات سامة، وهذا الأمر بحد ذاته له تأثير مفيد على تغير المناخ.

كما أبدى د.علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد في مدينة الثقافة والعلوم، رأيه قائلاً: "تم التأكيد خلال أعمال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP28 الذي أقيم في دولة الإمارات، على ضرورة تقديم الدعم للاقتصادات الناشئة لمساعدتها في التغلب على مشكلة تغير المناخ والاعتماد على الطاقة النووية والنظيفة والمتجددة.

ويتطلب هذا زيادة الإنفاق على التكنولوجيات المتطورة والبنية التحتية اللازمة للانتقال إلى اقتصاد الطاقة الجديد والمستدام. وهنا يتعين على المؤسسات الدولية أن تلعب دوراً كبيراً في دعم الدول النامية التي تعاني من مشاكل وأزمات اقتصادية وبالتالي لا تملك الأموال الكافية للتحول إلى ما يسمى "بالاقتصاد الأخضر".

وقال: أياً كان الأمر فقد قدمت شركة روساتوم، الشركة المسؤولة عن محطة الضبعة في مصر، التقنيات التي تم عرضها على الدول النامية والتي تمت مناقشتها في المؤتمر، ودار الحديث عن تقنيات المفاعلات الصغيرة، وبفضل هذه التقنيات، تمكنت الشركة الروسية من جذب أكثر من 160 مشاركًا من 30 دولة.

وأشار الإدريسي إلى أنه علاوة على ذلك لا بد من التأكيد على دور مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في دعم الاقتصاد، حيث يشجع هذا المؤتمر المزيد من الدول على تقديم الدعم والاستثمارات المالية للحفاظ على البيئة وزيادة الاعتماد على الطاقة النووية والمتجددة والمستدامة.

وأضاف: تعتبر محطة الضبعة النووية أحد أكبر المشاريع الوطنية في مصر، حيث تساهم المحطة في تنويع مصادر الطاقة وضمان الاستقرار في البلاد. وهنا لابد من التشديد على حقيقة أن المفاعل النووي يتمتع بالقدرة على توليد الطاقة لفترة زمنية طويلة تصل إلى 25 عامًا تقريبًا، مما يقلل الاعتماد على الوقود، كما يقلل من استيراد منتجات النفط والغاز، مما يساعد على دعم الاقتصاد وتحقيق نتائج حقيقية، بالإضافة إلى تنمية منطقة الضبعة والمناطق المحيطة بها من خلال توفير مصدر مستدام للطاقة.

وأكد د. على الإدريسي نحن في مصر نعول على تنفيذ المزيد من المشاريع مع الجانب الروسي خلال الفترة المقبلة، نظراً لدور الجانب الروسي الرائد في مجال التكنولوجيا وخبرته الواسعة في تصنيع المفاعلات النووية الآمنة. وهذا المشروع يمكن أن يكون بداية لتجارب مماثلة في العديد من الدول الأفريقية التي تطالب بالطاقة النظيفة والمتجددة.

وذكر أنه خلال السنوات الخمس الماضية أصبحت جمهورية مصر العربية واحدة من الدول التي بدأت في تنفيذ العديد من مشاريع الطاقة النووية والنظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بالإضافة إلى الهيدروجين الأخضر.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك