راجح داود: أنا ابن جيل الإبداع عنده «لا يقبل القسمة على اتنين» - بوابة الشروق
الأحد 13 أكتوبر 2024 7:17 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

راجح داود: أنا ابن جيل الإبداع عنده «لا يقبل القسمة على اتنين»

راجح داود - تصوير: احمد عبد اللطيف
راجح داود - تصوير: احمد عبد اللطيف
حوار- أمجد مصطفى:
نشر في: الأربعاء 5 أكتوبر 2016 - 9:31 م | آخر تحديث: الأربعاء 5 أكتوبر 2016 - 9:31 م
- منذ انتشار الفضائيات وهناك «مربى» آخر داخل الأسرة غير الأب والأم

- يجب أن نعترف بأننا نعيش فى بلد يعانى قطاع عريض به من الجهل فى الفنون الرفيعة.. والبعض الآخر يعتبرها نوعا من الرفاهية

- كنت محظوظا بالعمل مع مخرجين لهم فكر سواء فى السينما التسجيلية أو الروائية.. وحققت ذاتى مع وجود الأجانب فى الفرق الموسيقية وفى التواصل مع مدارس فنية مختلفة ولا يقلل من قيمة أحد

- أسأل التليفزيون أين الحفلات التى تسجل من الأوبرا.. ولماذا لا تذاع ولو مرة فى الأسبوع؟

- لا يوجد مسرح فى العالم يقدم فنونا رفيعة ويحقق أى ربح.. وتعليم الأجيال أكبر من أى مكسب مادى

راجح داود فنان لا تسمع منه سوى صوت موسيقاه وأنغامه شأنه شأن كبار المبدعين، دائما يترك أعماله تتحدث عنه، هو دائما ينحاز للموسيقى الجادة، جملته الموسيقية لا تعرف طريق الاستسهال أو الهزل لأنه نوع من الفنانين دائما ينتصر للفن ولو حساب التواجد على الساحة أو على حساب جيبه، لأن أى إنسان عندما يقرر احتراف مهنه فهو يضع نصب أعينه لقمة العيش كأحد مبررات العمل، لكن الأمر عند راجح مختلف، المال يأتى فى مراحل متأخرة الأهم بالنسبة له ماذا يقدم العمل، وماذا يقدم هو، لذلك سوف تجد راجح لا يعيش فى رفاهية واحد من أنصاف المواهب الذين اتخذوا من الفن وسيلة سهلة للربح ولو على حساب الفن والقيم الاجتماعية. راحج داود إنسان يعيش فى أوائل الألفية الثالثة بمفاهيم وقيم منتصف الألفية السابقة، عندما كان الفنان يعلم أنه يقدم رسالة وليس مجرد عمل سينمائى أو غنائى أو مسرحى، عندما تجلس معه تشعر أنك تعيش مع إنسان عائد فى أربعينيات أو خمسينيات أو ستينيات القرن الماضى، الفن ثم الفن ثم الفن و لا شىء آخر. جيل لا يعرف اللون الرمادى وهى الكلمات التى بدأ بها حواره معى قائلا أنا من جيل الإبداع عنده، لا يقبل القسمه على اتنين، أبيض أو أسود أى موهوب أو عديم الموهبة، النص نص ليس له مكان بيننا يذهب هو وعديم الموهبة إلى أية ساحة أخرى غير الفن، جيل يمارس فيه الفن صاحب الموهبة فقط.

** متى شعرت أن راحج داود أصبح من فنانى الصف الأول؟

ربما أكون قد شعرت بهذا متأخر شويه مع بداية التسعينيات، عندما قدمت أعمالا مثل «البحث عن سيد مرزوق» و«الكيت كات» فى هذه الفترة، أيقنت أن راجح داود أصبح معروفا رغم أننى كنت قد قدمت قبلها العديد من المؤلفات الموسيقية التى كتبتها للأوركسترا. لكن عددا ضئيلا من الناس كان قد استمع إليها بحكم أن هذا النوع من الموسيقى لا يلقى قبولا كبيرا بين الناس.

**هذا معناه أن الأمر اختلف بمجرد أن عملت بالسينما؟

طبعا لأن الموسيقى فى الفيلم تسمع كلما عرض العمل سواء فى دور العرض أو الفضائيات، لذلك فرصتها أكبر فى الوصول للناس على عكس المؤلفات الموسيقية البحتة التى تقدمها من خلال أوركسترا واحد وجمهورها محدود. وليست السينما فقط هى التى تصنع نجومية الفنان فى أى مجال هناك أيضا أشياء أخرى مثل العمل فى الدراما والإعلانات أو الميديا، لأن هذه الفنون تدخل كل بيت، ووسائل انتشارها أكثر عليك أن تحصر عدد دور العرض والمشاهدات على الإنترنت مثل اليوتيوب وغيره. أضف إلى ذلك أننى كنت محظوظا بالعمل مع مخرجين كبار لهم فكر سواء فى السينما التسجيلية أو الروائية. واستطعت من خلال العمل معهم تحقيق ذاتى ومن هنا عندما وجدت الناس تحرص على حضور حفلاتى الموسيقية بالأوبرا على سبيل المثال.

**لكن حفلاتك قليلة؟

فعلا أنا موجود على فترات متباعدة وهذا له أسباب منها أن برنامج حفلات الأوبرا مكتظ جدا لأنهم لديهم جدول خاص للأوركسترا، حيث ان الاوبرا لا تضم سوى اتنين من الاوركسترا الاول هو السيمفونى المعنى بتقديم الحفلات الموسيقى الكلاسيك والآخر اوركسترا أوبرا القاهرة الذى يصاحب الباليه والأوبرات، لذلك تشعر أن هناك ضغطا عليهم، إلى جانب أن كل حفل من الحفلات يحتاج إلى مجهود ضخم وعدد كبير من البروفات لأنهم لا يعملون لمؤلف موسيقى واحد. كما أن هذه الحفلات مرهقة ماديا لانك تقدم ما يقرب من 65 إلى 80 عازفا وبعضهم أجانب ربما يحصل على أجره بالدولار.

**هل أنت مع وجود الأجانب فى الفرق الموسيقية؟

طبعا لأنها توفر لك الاحتكاك مع مدارس فنية مختلفة، اذهب إلى ألمانيا سوف تجد عازفين من الصين واليابان وكوريا، واذهب إلى روسيا سوف تجد عازفين يحملون جنسيات أخرى. هذا نوع من التواصل المطلوب لا يقلل من قيمة أحد ويجب أن تأخذ فى الاعتبار أن بعض هذه الدول مر على إنشاء الأوركسترات الخاصة بها 400 سنة. فى حين أن عمرنا لا يتعدى المائة عام.

**لكن وجود الأجانب فى الاوركسترا المصرية قد يبرهن أيضا على تراجع مستوى العازفين المصريين؟

تستطيع أن تقول إن عدد خريجى المعاهد الفنية لا يلبى حاجة السوق كل عام، هناك خريجون بعضهم جيد والبعض الآخر غير جيد يذهب للعمل كمدرس موسيقى، وجزء آخر يسافر للتعاقد مع دول أخرى. وبالتالى عدد المحترفين من العازفين تجده قليل. وبالتالى البديل هو الأجنبى.

**هل أنت معى أن الموسيقى الكلاسيك حظوظها فى مصر قليلة؟

يجب أن نعترف بأننا نعيش فى بلد يعانى قطاع عريض به من الجهل فى الفنون الرفيعة، والبعض الآخر يعتبرها نوعا من الرفاهية وأنها غير مجدية. مؤخرا وجدت بعض التعليقات المصاحبة لرسوب أحد المتقدمين للالتحاق بمعهد الموسيقى، وكانت كالتالى، ربنا بيحبك إنك ماقبلتش، مزيكا إيه اللى عاوز تدرسها، ادرس حاجة حاجة تفيدك؟، هذا إن دل فإنما يدل على نظرة المجتمع إلى الموسيقى، وهو أمر محزن جدا.

**وما نصيحتك للمجتمع؟

أنصح بضرورة تعليم كل طفل فى مصر الموسيقى والرسم، بغض النظر عن احترافه لها أو لا.

**هل ترى أن السلوك العدوانى الموجود فى المجتمع ناتج عن عدم تعلم الأطفال للموسيقى؟

طبعا كل المظاهر السلبية من ضوضاء وعدم احترام القانون والالفاظ الخارجة، كل هذا سببه أنك لم تربِ مشاعر الطفل. الإنسان منا يولد لا يعرف العدوانية لكنه يكتسبها نتيجة ما يراه فى المجتمع.

**أنت مع عودة الاهتمام بحصة الموسيقى؟

أكيد لأن هذا السلوك مسئولية الدولة كلها، المدارس الآن لا يوجد بها موسيقى ولا نشيد وطنى ولا ألعاب أو رسم أصلا مافيش مدرسة. هل هناك بيت مصرى واحد يعتمد على المدرسة فى تعليم أولاده، كل بيت فيه مدرسه بديلة الآن.

**البعض أيضا يتهم الإعلام؟

منذ انتشار الفضائيات، أصبح هناك مربى آخر غير الأب والأم ومعلم غير المدرسة، إلى جانب ما حصدناه من كم الإسفاف فى معظم البرامج، وهذا يفسر حالة السفه المنتشرة فى المجتمع.

**لا يمكننا أن نعفى الدراما أيضا من انتشار الفوضى والدم؟

أنا شخصيا لا أطيق هذه النوعية ولا أشاهدها وهنا لابد أن أطرح عليك مثالا لكى تعرف ما الذى وصلنا إليه فى الأربعينيات كان فتى الشاشة عماد حمدى، وفى الخمسينيات والستينيات كان رشدى أباظة، وعمر الشريف وأحمد رمزى، الآن انظر للبطل معذرة شوية بلطجية. شاهد السينما والدراما وانظر للبطل كل عشر سنوات، سوف تجدنا فى النازل من حيث المستوى، لن أقول أم كلثوم وعبد الحليم أو عبد الوهاب، لكننى سأقول هل الآن لدينا أصوات مثل كارم محمود أو عبد العزيز محمود أو عبد الغنى السيد أو لن تجد مثلهم، الآن نعيش التشوه المعمارى بكل صورة منازل بلا حدائق القذارة فى كل مكان.

**لكننا نملك أصواتا جيدة مثل الحجار والحلو ومنير وغيرهم لكن لا دعم لهم؟

وما المطلوب من الحجار هل يقف يغنى فى الشارع، نحن ليس لدينا صناعة حقيقية تساند هذه الأسماء وغيرها كل تلك الأسماء فى حاجة إلى مؤسسة تدعمها، وهذا لا يتوافر إلا فى وزارتى الإعلام والثقافة.

فالثقافة ممثلة فى دار الأوبرا ومسارح الأوبرا طاقتها أقصاها 1200 مقعد، إذن العدد محدود والإعلام فى مصر الذى من المفترض أن يدعم تلك الاصوات ليس إعلام مصر لكنه إعلام دولة مصر، وهناك فارق بين الأمرين. هو إعلام حكومى ليس موجها للناس.

وهنا لابد أن أسأل التليفزيون أين الحفلات التى تسجل من الأوبرا ولماذا لا تذاع ولو مرة فى الأسبوع لماذا لا تكون هناك برامج متخصصه فى الموسيقى كما كان يحدث. الآن كل شىء قائم على الربح والخسارة، والفنون الرفيعة لا يجب أن تقاس بذلك، بالورقة والقلم الأوبرا والمسرح القومى يخسران ماديا لكن هناك مكاسب لا تقاس بالمال تتحقق من عروض القومى والأوبرا وهى التربية وتهذيب النفوس، ولا يوجد مسرح فى العالم يقدم فنونا رفيعة ويحقق أى ربح. كل الفنون الرفيعة فى دول العالم تخسر، ورغم ذلك هم حريصون عليها. لأن تعليم الأجيال أكبر من أى مكسب مادى.

**البعض يرى أن المؤلف الموسيقى كسول وحجم نشاطه لا يتناسب مع أهميته؟

هذا صحيح ولا يوجد مؤلف موسيقى يعيش من عائد موسيقاه، أنت لكى تقدم قصيد سيمفونى أنجزه فى أربعة أشهر وأحتاج إلى بروفات طويلة، إلى جانب أنك قمت بتربية الجمهور بشكل خاطئ البعض صور للناس أن من يقومون بعمل الموسيقى الكلاسيك مجانين وشعرهم منكوش.

**لكن عمر خيرت مثلا حفلاته دورية فى الأوبرا على الأقل حفلين فى الشهر؟

هذا صحيح لأن عمر عنده موسيقى أفلامه كما أنه لديه طلة وهو يقوم بالعزف بنفسه، وأعماله حلوة تجذب الأذن بها إيقاع وبهجة، أما أنا فأسلوبى مختلف، أنا لا أحب أن أعزف موسيقاى رغم أننى ألعب بيانو ولا أحب أيضا قيادة أعمالى ولكل فنان ظروفه وليس معنى أن هناك فنانا ناجحا فى هذا أن نكون كلنا مثله. وهناك نموذج آخر ناجح هو يحيى خليل الذى يلعب موسيقاه أيضا وله طلة على المسرح وأعماله لها مردود كبير عند الناس.

**يجب أن تعرف أنك كسلان؟

لا أنكر هذا لكننى كما قلت فى معظم تسجيلات أعمالى، ألجأ إلى عازفين آخرين، والسبب أننى أريد نشر أعمالى من خلال عازفين وقادة آخرين هذا افضل لى. أن تجد عشرة قادة يقودون أعمالك أفضل من لا ألا تجد. وبالمناسبة كل مشاهير الكلاسيك كانوا عندما يسألون عن أفضل من قاد أو عزف أعمالهم كانوا يختارون أسماء اخرى غيرهم لعبوا موسيقاهم أفضل منهم. ثم إن عد الأوركسترات فى مصر قليل بالمقارنة بعدد الأعمال والموسقى المعاصرة أصعب من الكلاسيكية لأن الأعمال القديمة تجد العازفين بارعين فيها أكثر نظرا لتكرار عزفها على مر العصور. تحبط عندما تجد أنصاف الملحنين أكثر انتشارا من كبار مؤلفى الموسيقى؟
هناك محل شهير يقدم لك سندوتش فول سيئ، هل هذا أن أصحاب المحلات الجيدة يحبطون!.

**لكن الفنان مختلف؟

المناخ كله الآن لايق على بعضه، كله متوائم مع حالة الشارع، والملحن الذى تتحدث عنه هو نتاج هذا الأمر، ثم إننى لن أعتب على هذا الفنان، النص نص أنا أعتب على الجمهور والإعلام الذى يقدمة للناس. ولا تسألنى عن رائحة الورود والمجارى تطفح فى الشارع.

**المعاهد الفنية هل تراجعت باعتبارك أكاديميا؟

للأسف خريج المعاهد الفنيه يفاجأ بعد التخرج أن ما يدرسه شىء ومتطلبات السوق شىء آخر، أول حاجة يجدها أن المنتج يطلب منها الشطة والفلفل.

**هل هناك أمور مبشرة؟

السينما المستقلة والفرق الموسيقية المستقلة أراها جيدة لأنها لا تخضع للمنتج وبعيدة عن حسابات السوق

**عرف عنك أنك أنت ضد وجود الرقابة؟

طبعا لأننى لا أريد وصيا على الشعب، كل منا لديه رقابة داخلية سواء الفنان أو الإنسان العادى.

**هى ودافنشى لماذا اخترت العودة به للدراما؟

لأنه عمل فانتزى من إخراج عبد العزيز حشاد وهو ليس العمل الوحيد هناك أيضا كبريت أحمر اخراج خيرى بشارة، وكلاهما جيد ويقدم نوعا من الدراما أعشقه فهو يمنحه مساحة من الخيال، أى أنهما دراما غير تقليدية.

**نزوح أنصاف الملحنين الى الموسيقى التصويرية فى رأيك ما أسبابه؟

من الممكن أن يكون سببا له علاقة بالإنتاج، كما أن التطور المذهل فى تكنولوجيا الموسيقى، جعل الكثيرين منهم يستسهلون الامر. ومن هنا أصبحوا يقدمون أصواتا موسيقية وليس موسيقى تصويرية.

**هل جاءت عروض بعد هى ودافنشى؟

عمليا لا لأن الموسيقى توضع فى مراحل متأخرة من العمل وحتى الآن لم يبدأ تصوير أى مسلسل، هناك مراحل كثيرة قبل الموسيقى.

**هل كان هذا العمل بمثابة عودة للدراما؟

أنا لا مشيت ولا رجعت ولا مستخبى ولا ممتنع أنا موجود.

**هل الرهبة منك وراء قلة أعمالك؟

ولما الرهبة منى أنا إنسان طبيعى أتعامل بشكل جيد مع الجميع وهناك شائعات تطلق على بعض الفنانين حتى يبتعد عنهم المنتجين، وإليك هذا المثال ذات مرة التقيت أحد وزراء الإعلام صدفة ووجدته يقول لى لماذا قررت الهجرة لأستراليا قلت له أنا لا هجرت ولا حاجة أنا موجود واتضح أن أحد المسئولين عنده قال ذلك حتى لا يتم الاستعانة بى فى أعمال تابعة لوزارة الإعلام. لكن ان كنت تقصد اننى احيانا ابدى ملاحظاتى على العمل فهذا من صميم عملى والهدف هو نجاح العمل، واذا قدم لى عمل تافه أكيد. قد أكون مزعجا لأننى لا أقدم ابتذالا.

**فى بعض الأحيان تتهم بتكرار نفسك؟

البعض يقول هذا لكنهم لا يجيدون التفرقه بين الاستايل وبين الجمل الموسيقية، فقدمت آلات كثيرة كبطل فى اعمالى قدمت الربابة والعود والفلوت والقانون والبيانو إلى جانب الأوركسترا بالطبع.

**تنحاز دائما للعمل مع جيلك مثل داود عبد السيد؟

لاننى مغامروهم ايضا مغامرون انا فى عملى غير نمطى وهم كذلك.

**لماذا لم تهتم بالتلحين؟

لحنت فى بعض الاعمال وآخرها بعض الاغانى فى «هى ودافنشى» لريهام عبد الحكيم، أنا موجود لكن بعض المطربين يخشون من مغامرة التغيير، لذلك يعتمدون على مجموعة معينة ممن تعودوا على العمل معهم.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك