لجأت كبرى شركات العقارات المصرية إلى الاقتراض من البنوك للإسراع بوتيرة الإنشاءات فى ظل ضغوط نقص السيولة الناتج عن المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة، بحسب مسئولين فى القطاع تحدثوا لـ«مال وأعمال ــ الشروق».
وحسب ما قاله مطورون فإن ارتفاع تكلفة التمويل البنكى بسبب زيادة سعر الفائدة لم يعد يمثل عبئا ماليا أمام الشركات مقارنة بمتغيرات السوق وتذبذب التسعير، فالهدف هو الإسراع بالتنفيذ قدر الإمكان خاصة مع رغبة المطورين تأمين مخزون من الخامات وهو ما يمثل ضغوطا أخرى على السيولة المتاحة.
وخفض البنك المركزى المصرى سعر صرف الجنيه لأول مرة منذ أكثر من 14 شهرا مقابل الدولار، عقب الخطوة المفاجئة برفع أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة، ليصل سعر الفائدة على الإقراض أكثر من 29%. عبدالله سلام الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لشركة مدينة مصر، قال إن التمويل عنصر أساسى للشركة بالتعاون مع المؤسسات المالية التى بدأت تبتكر فى تقديم حلول تمويلية متنوعة مابين التمويل المباشر والتوريق والتصكيك.
«سعر الفائدة لا يؤثر على الخطط التمويلية للشركة ولكنها تحدد آلية التمويل وفترات السداد، ونحن ننظر دائما لكل آليات التمويل المتاحة ودراسة الأنسب وفقا لكل مشروع» بحسب سلام.
المهندس أحمد صبور رئيس مجلس إدارة شركة الأهلى صبور للتطوير، قال إن ارتفاع أسعار الفائدة ستؤثر بالتبعية على تكلفة الإنشاءات، إلا أنها لن تؤدى إلى العزوف عن الحصول على تمويلات، مشيرا إلى أن شركته لديها خطة بالفعل للحصول على تمويلات بنكية خلال العام الجارى ولم تغيرها مع ارتفاع معدلات الفائدة.
وحسب صبور فإن الشركة لديها اتفاقيات تمويلية سابقة وقروض لم يتم صرفها بقيمة تصل إلى 1.25 مليار جنيه، إلى جانب عزمها اقتراض نحو 450 مليون جنيه أخرى خلال الفترة المقبلة.
وتسعى شركة لاند مارك صبور للحصول على قرض بقيمة 3.5 مليار جنيه حسب ما قاله مسئول فى الشركة، موضحا أن التمويل يوجه للمساهمة فى التكلفة الاستثمارية لمشروع سكنى متكامل شرق القاهرة. وقال ياسين منصور، رئيس مجلس الإدارة والمجموعة التنفيذية لشركة «بالم هيلز للتعمير»، ثانى أكبر شركة عقارية مدرجة فى البورصة المصرية، فى نوفمبر الماضى، أن شركته بدأت مفاوضات مع تحالف مصرفى يقوده «بنك مصر»، لاقتراض 5.5 مليار جنيه، لتمويل مشروع «باديا» حتى نهايته.
وتخطط شركة مصر إيطاليا العقارية لإجراء الإصدار الثالث من التوريق بالتعاون مع إف جى هيرميس بقيمة لن تقل عن مليار جنيه، حسب ما قاله محمد هانى العسال الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب للشركة، مشيرا إلى محادثات تجريها الشركة مع عدة بنوك لتمويل مشروعاتها، حيث تقترب من توقيع اتفاقية قرض بقيمة ١٫٢ مليار جنيه مع أحد البنوك لتمويل مشروع فينشى فى العاصمة الإدارية، وتخطط للحصول على قرض آخر بقيمة 1.5 مليار جنيه لتمويل مشروع البوسكو سيتى.
وكانت شركة تطوير مصر، أعلنت عن توقيع اتفاق تمويل بقيمة 3.5 مليار جنيه مع البنك العربى الإفريقى لتسريع وتيرة الأعمال الإنشائية بمشروعى الشركة «المونت جلالة» بمدينة العين السخنة، و«بلومفيلدز» بمستقبل سيتى.
وقال طارق شكرى رئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات المصرية فى تصريحات سابقة إن تكلفة الإنشاءات على المطورين ارتفعت منذ اندلاع الأزمة فى مارس ٢٠٢٢ بمعدل ١٢٠٪ على الأقل بسبب زيادة أسعار الخامات ومدخلات البناء. وحذر رجل الأعمال المصرى نجيب ساويرس فى ديسمبر الماضى، من «قنبلة موقوتة» فى قطاع العقارات بمصر، نظرا لارتفاع كلفة البناء بسبب أزمة الدولار التى تشهدها البلاد، مضيفا أن كل مطور عقارى تأخر فى البناء سيواجه مشكلة كبيرة، مشيرا إلى أن ما يصل إلى 35% من تكلفة البناء تحتاج إلى مكوّن دولارى.
وقال هيثم محمد الرئيس التنفيذى لشركة أورا ديفلوبرز إن الشركة اقترضت ٦ مليارات جنيه منها ٥ مليارات جنيه لصالح مشروع زد ويست ومليار جنيه لمشروع النادى بأكتوبر، وخلال أيام ستوقع على عقد تمويل بقيمة مليار جنيه. تابع: حصلنا على موافقة من البنوك على إتاحة قرض بقيمة ٧ مليارات جنيه يوجه لمشروع زد إيست شرق القاهرة، ليصل بذلك قيمة التمويلات البنكية إلى ١٤ مليار جنيه.
ويضم مشروع «زد إيست» بالتجمع الخامس نحو ٩ آلاف وحدة سكنية ويبلغ إجمالى استثمارات المشروع نحو 170 مليار جنيه، بحسب هيثم، موضحا أن الشركة حصلت على الموافقات اللازمة لإقامة 3 أبراج بارتفاع 100 متر. وتجاوزت مبيعات أكبر 20 مطورا عقاريا خلال عام ٢٠٢٣ نحو 700 مليار جنيه، بزيادة 111% مقارنة بالعام الماضى البالغة 332 مليار جنيه، حسب التقرير السنوى لشركة زى بورد كونسالتينج لاستشارات الأعمال.
أرجع التقرير الارتفاع الملحوظ فى مبيعات العقارات إلى مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية مثل التضخم العالمى الناجم عن الصراعات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة. وفيما يتعلق بالجانب الداخلى، فإن زيادة الأسعار فى مصر خلقت شعورًا بالهلع والاندفاع بين الأفراد لشراء العقارات كوسيلة للحفاظ على قيمة أموالهم، مما ساهم فى دفع هذا الزيادة الاستثنائية فى المبيعات.
ونشرت «مال وأعمال ــ الشروق» فى فبراير الماضى نقلا عن مصادر مصرفية أن بعض البنوك بدأت تكوين مخصصات للتسهيلات الائتمانية والقروض الممنوحة لشركات التطوير العقارى والمقاولات، بينما يعتزم البعض الآخر لوضع ضمانات أكثر تشددا تلزم شركة التطوير العقارى بحد أدنى من التمويل الذاتى يتناسب مع تكلفة استثمارات المشروع كشرط للحصول على تمويل بنكى.