محمد عفيفي: طريقة البحث في المصادر التاريخية تطورت.. الدراما التاريخية مهمة وتحرض على القراءة في التاريخ - بوابة الشروق
الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 11:22 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمد عفيفي: طريقة البحث في المصادر التاريخية تطورت.. الدراما التاريخية مهمة وتحرض على القراءة في التاريخ

محمود عماد
نشر في: الجمعة 9 أغسطس 2024 - 6:42 م | آخر تحديث: الجمعة 9 أغسطس 2024 - 6:42 م

- مقولة "التاريخ يعيد نفسه" خاطئة لأن التاريخ كائن معنوي لا يكرر أخطائه

نظم المجلس الأعلى للثقافة الثلاثاء الماضي محاضرة للكاتب والمؤرخ الدكتور محمد عفيفي تحت عنوان "ما التاريخ"، وذلك ضمن مبادرة القوة في شبابنا التي ينظمها المجلس، وجاء ذلك في حضور العديد من أساتذة الجامعة ومحبي التاريخ، ووسط تفاعل كبير منهم.

استهل الدكتور محمد عفيفي حديثه بالحديث عن مفهوم التاريخ، قائلا إن التاريخ ليس فقط علم الماضي، وأوضح أنه قد اكتشف ذلك عندما كان في الخارج فهنالك تاريخ الحاضر، وتاريخ المستقبل، وأكمل أن التاريخ بالفعل هو يسجل ما حدث في الماضي، ولكن من الممكن أن نسجل أحداث الحاضر كتاريخ.

وأكد عفيفي أنه لا توجد موضوعية تامة في التاريخ، بل هنالك موضوعية نسبية، وأكد أنه في الغرب قد سقطت فكرة الموضوعية التامة، وأكمل أن المؤرخ ليس قاضيا ومن الممكن أن يضع تصورات ترجع إلى رأيه، وأضاف أنه يجب قراءة المصادر من كل زواياها وكل توجهاتها حتى من وجهة النظر الأخرى للمؤرخ، وهذا مثلما حدث بخصوص الوثائق البريطانية في فترة الإحتلال الإنجليزي لمصر.

وتحدث عفيفي عن الإهتمام بالتاريخ في مصر موضحا أنه لا يوجد اهتمام بالتاريخ في مصر أو العالم العربي، وتطرق أيضا لفكرة المنهج البحثي لدينا في التاريخ واصفا إياها بأن المناهج البحثية لدينا تجاوزها الزمن، وأضاف عفيفي بشأن وعينا بالتاريخ أنه لدينا أمية تاريخية فظيعة، وتطرق إلى كتب المدارس التي تسرد التاريخ واصفا إياها بالسيئة في تناول التاريخ.

وأضاف عفيفي حول الدراما التاريخية أن الدراما التاريخية مهمة للغاية وتحرض على القراءة في التاريخ وكتب التاريخ، ونحتاج ذلك في مصر لأننا بلد التاريخ، وتحدث عن أن مشكلة الدراما التاريخية أن إنتاجها ضخم للغاية وأنها تحتاج لكثير من الإمكانيات والإدارة الجيدة، ولكنها مربحة على كل المستويات، وأكد أنه حتى استغلال تاريخنا قليل للغاية، وهنالك دول أخرى ليس لديها تاريخ مثلنا، ولكنها تستغله أفضل مننا بكثير. وأكد أننا ليس لدينا استغلال جيد لصناعتتا الثقافية رغم تاريخنا الزاخر، وأرجع هذا لقلة الوعي لدينا بالتاريخ، وأوضح أيضا أننا بسبب ابتعادنا لفترات طويلة عن صناعة الدراما التاريخية رغم تجاربنا الناجحة فيها، ولذلك لتكلفتها العالية أدى إلى بعض القصور في بعض الأعمال عندما أردنا العودة إلى صناعة الدراما التاريخية، وأضاف أيضا أن العمل الدرامي التاريخي يجب أن يكون نتاج تعاون فريق عمل يضم تاريخيين وأثريين ومراجعين بالإضافة للكاتب والمخرج لأن هذا ما يصنع عمل تاريخي جيد ويجب أن تكون هنالك جلسات عمل قبل التصوير وعرض لجميع الرؤى، وحتى أثناء التصوير يجب أن يكون هنالك هذا التعاون بين التاريخيين والمخرج وأن يحضروا التصوير لأن هذه روح فريق العمل الذي يصنع عمل تاريخي درامي كبير على قدر المستوى، ونوه عفيفي على أنه للأسف هذا لا يتواجد لدينا، وهذا ما يؤخرنا بشأن الدراما التاريخية إلى جانب التكاليف الباهظة.

وحول الرواية التاريخية أكد عفيفي أن الرواية التاريخية ليست بحث تاريخي، ولا يجب وضع مصادر تاريخية بها؛ لأنها ليست كتاب تاريخ، ولو أصبحت كتاب تاريخ ستصبح مملة للغاية، فهي رؤية الكاتب لفترة معينة من الروائي للتاريخ، مع عدم التغير في التفاصيل أو الشخصيات الرئيسية، وأوضح أنه من تجربته يوجد مناطق في التاريخ تسمى التاريخ المسكوت عنه وهي الأرض التي من الممكن التخييل فيها، والكاتب ليس مؤرخ، وأكد أنه يعتبر أمين معلوف أفضل من كتب في الرواية التاريخية فهو يحتفظ بالحقائق التاريخية دون الإخلال بالخيال، وأوضح أن لدينا أزمة في الرواية التاريخية لأننا من المدرسة القديمة في كتابة الرواية التاريخية ويظن أنها ستستمر.

وحول المؤرخ حاليا تحدث الدكتور محمد عفيفي أن المؤرخ لم يعد يطلع على المصادر والمراجع التاريخية وينقل منها فقط بل أصبح يضع وجهة نظره وتصوراته ورؤيته حتى للمستقبل من خلال تلك الأحداث الماضية، وأكد أن طريقة البحث في المصادر التاريخية تطورت واختلفت كثيرا عن الماضي، وأضاف عفيفي أن التاريخ تغير وطريقة تناوله تغيرت، ولم يعد التاريخ السياسي هو فقط التاريخ الوحيد فهنالك تاريخ اقتصادي، وتاريخ اجتماعي، وتاريخ الأدب، وتاريخ السينما، وغيرها الكثير من أشكال دراسة التاريخ، لذلك التاريخ هو تاريخ الناس فلا يمكننا فهم التاريخ السياسي وتاريخ الزعماء دون دراسة تاريخ الناس بكل جوانبه، وللأسف دراسة التاريخ لدينا تقليدية بشكل كبير.

وأوضح أن السياسين اكتشفوا أهمية التاريخ لأنهم فهموا أن التاريخ مهم في اتخاذ القرارات فيجب أن أعرف كل جوانب التاريخ حتى أتخذ القرار الصائب، وأكد أن التاريخ ليس حكايات الماضي، وأنه لا يمكننا معرفة مجتمع ما دون الرجوع لتاريخه، وأن جميع الزعماء أو السياسين درسوا التاريخ وبعضهم أصبحوا مؤرخين، أو كان لديهم مستشار على علم بالتاريخ، وهذا من أسباب نجاح الزعماء والسياسيين.

وتحدث الدكتور محمد عفيفي عن التاريخ الشفاهي ومصداقيته قائلا بأن منذ سنوات كان أساتذة التاريخ في مصر يرون التاريخ الشفاهي مجرد أكاذيب، ولكن مع الوقت تتغير للأمور وتتغير مناهج البحث والمصادر التاريخية، وأنه الآن أصبح للمصادر الشفاهية قيمة كبيرة في العديد من دول العالم بعكس مصر حتى الآن، وأوضح أنه الآن تعتبر السوشيال ميديا بتطبيقاتها المختلفة مثل الفيس بوك واليوتيوب، وغيرها هي مصدر من مصادر المعلومات الشفهية والتي تفرض نفسها في عصرنا الحالي حتى لو افترضنا عليها مؤكدا فرض كل ما هو جديد لنفسه، وأكد فكرة أن حتى لو أن المصادر الشفهية تقدم أكاذيب فإن ذلك مهم للمؤرخ لأن هذا سيجعله يتسأل عن التاريخ المسكوت عنه، ويحاول المعرفة عنه أكثر، لذلك المصادر التي تكذب هي أكثر أهمية عند المؤرخ من المصادر الصحيحة.

وتطرق عفيفي إلى علاقة التاريخ بالقضية الفلسطينية موضحا بأن رجال السياسة اتخذوا الكثير من القرارات الارتجالية بشأن القضية الفلسطينية دون خلفية تاريخية أو سند تاريخي أو دعم تاريخي، وأن القضية الفلسطينية بها جدل كبير للغاية على كل المستويات، وخاصة على المستوى التاريخي، وأكد أن المقولة التي تقول أن التاريخ يعيد نفسه هي مقولة خاطئة لأن التاريخ هو كائن معنوي لا يكرر أخطائه، وأن الذين لا يقرأون التاريخ جيدا ولا يتعلمون من الأخطاء التي ارتكبت سابقا ولا يستفيدون من التاريخ هم الذين يكررون أخطاء التاريخ.

وأعرب الكاتب والمؤرخ الدكتور محمد عفيفي في نهاية المحاضرة عن سعادته البالغة بتنظيم محاضرة "ما التاريخ" ضمن مبادرة القوة في شبابنا، وجعلها من أوائل المحاضرات التي تلقى واصفا ذلك بالجيد جدا، وما سيساهم في نشر الوعي التاريخي، وأكد أنه يتمنى أن ينتشر الوعي بالتاريخ بين الناس، وأنه يرى أن تلك المحاضرات والمبادرات من المجلس الأعلى للثقافة ستساهم في نشر الوعي التاريخي خاصة في فئة الشباب والتي هي الأمل في المستقبل، وتمنى عفيفي أن تستمر مثل تلك المحاضرات والمبادرات وأن تخرج من المجلس الأعلى للثقافة إلى خارجه لينتشر الوعي التاريخي.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك