فى الثالث عشر من يناير 2025، تحل الذكرى التسعون لميلاد الروائى الكبير بهاء طاهر، الذى سيظل اسمه حاضرًا فى عالم الأدب كأحد أبرز رموزه.
وُلد طاهر عام 1935، وامتد عطاؤه الأدبى لعقود طويلة، ترك خلالها إرثًا خالدًا من الروايات والقصص القصيرة التى ألهمت أجيالًا من القراء والكتّاب. بأسلوبه الإنسانى العميق وقدرته على تصوير تعقيدات النفس البشرية، قدم لنا أعمالًا خالدة.
نال العديد من الجوائز، أبرزها الجائزة العالمية للرواية العربية وجائزة الدولة التقديرية، مؤكّدًا مكانته كأحد عمالقة الأدب العربى. وتعد ذكراه اليوم هى احتفاء بمسيرته وإبداعه الذى سيظل منارة لكل محبى الأدب.
ولد الروائى والقاص والمترجم محمد بهاء الدين طاهر فى عام 1935 بمحافظة الجيزة، ورحل عن عالمنا فى 27 أكتوبر من عام 2022 كأديب عظيم وكاتب رفيع، سوف تحافظ رواياته وقصصه على تخليد ذكراه وجعله حاضرا على الدوام بسبب طبيعة الموضوعات التى تناولتها هذه الأعمال، شديدة الارتباط بالحس الإنسانى وتفاعلاته الحقيقية مع السياقات المختلفة من حوله.
وحملت نصوص بهاء طاهر فى طياتها انتفاضات ضمنية ضد القمع، والظلم، والطبقية، والكراهية، والعنصرية، والفساد، فبدت أعماله ثورية مغايرة، لكن ذات لغة سلسة، متنوعة فى أفكارها وأساليبها.
تخرج بهاء طاهر فى كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1956، ونال دبلوم الدراسات العليا فى شعبة إذاعة وتلفزيون عام 1973، وعمل مترجمًا فى الهيئة العامة للاستعلامات بين 1956 و1957، كما عمل مخرجًا للدراما ومذيعًا فى إذاعة «البرنامج الثانى» حتى عام 1975، وكان أحد مؤسسيه، وتم إيقافه عن العمل فى عهد السادات وعمل فى فرع الأمم المتحدة فى جنيف فى المدة من 1981 وحتى عام 1995 وشغل موقعا فى مجلس إدارة اتحاد الكتاب.
وطوال محطات رحلته الإبداعية التى بدأت عام 1962 أثرى بهاء طاهر الأدب العربى، بروائعه السردية، فمنذ صدور مجموعته الأولى «الخطوبة» 1972 وحتى صدور آخر إبداعاته المدهشة «واحة الغروب» فى نوفمبر 2006.
وتقف أعماله شاهدة على تفرد الرؤية الإبداعية، وامتلاك حقيقى لكل أدوات التمكن اللغوى والسردى والفنى فى أعماله الهامة، مثل «خالتى صفية والدير، نقطة النور، واحة الغروب»، وهى نماذج لمجموعة من أنجح المؤلفات القيمة بين الأديب الراحل بهاء طاهر، مع دار الشروق، حيث ارتبط طاهر بعلاقة إبداعية وطيدة وقوية بالدار، لنكون بصدد أعمال خالدة مثل: «الخطوبة ــ أنا الملك جئت ــ بالأمس حلمت بك ــ وقالت ضحى ــ شرق النخيل ــ خالتى صفية والدير ــ الحب فى المنفى ــ واحة الغروب ــ فى مديح الرواية».
وحقق طاهر تعاونا ناجحا مع دار الشروق، فى رواية «نقطة النور»، والذى بحث خلالها بلغته الشفافة وحكيه الانسيابى الجذاب عن «نقطة النور»، مع رواية «واحة الغروب» أحد أنجح تعاونات بهاء طاهر مع دار الشروق، والتى نجحت فى حصد الجائزة العالمية للرواية العربية «جائزة البوكر» عام 2008، وطبع منها 3 طبعات مختلفة خلال عام واحد.
وطوال مسيرته الإبداعية فى الرواية والقصص، حافظ طاهر على استخدام وعاء لغوى لأعماله يميل إلى التوازن بين الشفافية والمجاز، حيث تفصح كتاباته عن أن الحالة السردية معه تصبح أكثر يسرا وتدفقا ذلك لأن الرؤية أصبحت أكثر اتساعا ورحابة، وانصرفت كتابة بهاء طاهر إلى التعبير عن مأزق الوجود الإنسانى فى العصر الحديث؛ مع حضور ملحوظ لمعطيات الواقع الصلب، وما يزاحمه من لمسة الفانتازيا والأحلام والأساطير وأشواق المتصوفة.
وقدم طاهر أعمالا روائية وقصصية فى شكل دراما إذاعية، وكتب السيناريو، وهى التجربة التى استثمرها فى قصصه ورواياته، وخاصة تقنية الحوار التى كانت عنصرا أساسيا فى أعماله.
لم تظهر مجموعته الثانية «بالأمس حلمت بك» إلا عام 1984، ثم كتب أولى رواياته «شرق النخيل»، ثم «قالت ضحى» عام 1985، وتوالت أعماله القصصية والروائية بعد ذلك، وظهرت أغلب أعماله الروائية والأدبية فى سن متأخرة نوعا ما. اعتبره بعض النقاد مؤسس تيار الوعى فى الرواية المصرية، وترجم أعمالا أدبية منها عمل يوجين أونيل المعنون بـ«فاصل غريب» الذى ظهر عام 1970، ورواية «الخيميائى» لباولو كويلو تحت عنوان «ساحر الصحراء» عام 1996.
وتُرجمت بعض قصصه إلى لغات عالمية، وخاصة روايته «خالتى صفية والدير» التى نالت شهرة عالمية، وترجمت إلى معظم اللغات العالمية المعروفة.
نال بهاء طاهر جوائز عديدة منها جائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام 1998، وجائزة «جوزيبى أكيربى» الإيطالية عن «خالتى صفية والدير» عام 2000، وجائزة آلزياتور الإيطالية عن «الحب فى المنفى» عام 2008، والجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» عن رواية «واحة الغروب»، وردّ عقب ثورة يناير 2011 جائزة مبارك للآداب التى كان حصل عليها عام 2009.
اقرأ أيضا: