اكتمل الوحي الإلهي بقول الله -تعالى- في سورة المائدة: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"، ليكون الإسلام منهجًا متكاملًا يحكم حياة المسلمين وفق كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
وبعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، اجتهد العلماء في فهم نصوص الوحي، واستنباط الأحكام الشرعية، فظهر علم أصول الفقه ليضع القواعد المنهجية التي تضبط عملية الاجتهاد والاستنباط.
وفي هذه السلسلة، نطوف معًا بين رفوف "المكتبة الإسلامية"، نستكشف في كل حلقة كتابًا أثرى الفكر الإسلامي، ونتأمل في معانيه وأثره في مسيرة العلم والدين.
الحلقة العاشرة..
من هو الإمام البيهقي؟
هو أحمد بن الحسين البيهقي، وُلد عام 384 هـ في خراسان، ونشأ في أسرة علمية جعلته أحد كبار علماء الحديث في عصره، تتلمذ على يد الحاكم النيسابوري، وتأثر بمنهج الإمام الشافعي في الفقه، كما ذكر الذهبي في "سير أعلام النبلاء".
وتوفي البيهقي عام 458 هـ بعد أن خلف إرثًا علميًا ضخمًا، وفقًا لما ورد في "طبقات الشافعية" للسبكي.
- تجربة تأليف دلائل النبوة
لكل علم مصادره التي يستقي منها مادته، والسيرة النبوية بما فيها الدلائل والمعجزات لها مصادرها في الأخذ منها والاعتماد عليها، وتتفاوت بحسب قيمتها وصحتها، ويأتي في مقدمتها القرآن الكريم، فهو أوثق هذه المصادر وأصحها.
ثم تأتي كتب الحديث التي اشتملت على عدد وافر من دلائل النبوة، ففي كتاب المناقب من صحيح البخاري باب "علامات النبوة في الإسلام"، وفي كتاب الفضائل من صحيح مسلم باب فضل "نسب النبي صلى الله عليه وسلم"، "وتسليم الحجر عليه قبل البعثة".
كما تضمنت كتب تراجم الصحابة عددا وافرا من دلائل النبوة، كما هو الحال عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى"، والبغوي في "معجم الصحابة"، وابن عبدالبر في "الاستيعاب"، وابن الأثير في "أُسْد الغابة"، وابن حجر في "الإصابة في تمييز الصحابة".
ثم كتب السيرة النبوية، خاصة تلك التي أفردها أصحابها للتأليف في دلائل النبوة، والتي اشتملت على جملة وافرة من هذه الدلائل، كما هو الحال عند ابن حزم الظاهري، حيث أفرد في كتابه "جوامع السيرة" فصلا خاصا لأعلام النبوة، وكذا القاضي عياض في كتابه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى".
-اقتباس من الكتاب
يقول الإمام البيهقي في مقدمة "دلائل النبوة": "إن المعجزات التي أيّد الله بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لا تُحصى، وهي برهان ساطع على صدق نبوته، جمعتُها في هذا الكتاب ليكون مرجعًا للمؤمنين في معرفة حجج الله على خلقه."
وغدا نلتقي مع كتاب جديد من المكتبة الإسلامية..
اقرأ أيضا
المكتبة الإسلامية (9).. رسالة للإمام الشافعي أول كتاب في أصول الفقه