• تحت شعار «التغطية مستمرة».. فادي نقل الصورة على مدار عام وسط تهديد مستمر بالخطر وفقد للأصدقاء والأهل
في عالم يعتبر فيه الصحفيون مراسلو الحقيقة، يوجد هناك من يضحي بكل شيء من أجل نقل الصورة ومعاناة الشعوب إلى العالم.
فادي الوحيدي، مصور فلسطيني شاب من غزة، عمره 25 عاما، واحدًا من هؤلاء الأبطال الذين وضعوا حياتهم على المحك من أجل الواجب، حتى أصيب في التاسع من أكتوبر عام 2024، إذ كان يغطي الأحداث في غزة، حيث واجه قناصا إسرائيليا أطلق النار عليه مباشرة، تاركا إياه مصابًا بطلقة في الرأس نتج عنها فيما بعد إصابته بالشلل.
داخل مستشفى معهد ناصر بالقاهرة يرقد فادي الوحيدي، وخلال لقائه مع "الشروق"، كشف عن استمراره في التغطية الصحفية المصورة داخل الميدان في غزة تحت شعار "التغطية مستمرة" خلال الفترة من 7 أكتوبر 2023 وحتى 9 أكتوبر 2024 يوم إصابته في مخيم جباليا أثناء تغطية نزوح المدنيين في المنطقة الآمنة التي حددها جيش الاحتلال.

روى الوحيدي يوم إصابته قائلا: "بينما كنت واقفا مع مجموعة من الصحفيين لتغطية الأحداث، فوجئنا بظهور طائرة (كواد كابتر) أطلقت النار علينا بشكل مباشر، ولكني اختبأت في أحد الشوارع، وعند خروجي مرة أخرى هاجمتني الطائرة مجددا، وأصابتني في رأسي، ولم أشعر بنفسي إلا داخل المستشفي المعمداني في غزة".
وتابع أنه بعد الإصابة شخّص الأطباء حالته في غزة وأكدوا ضرورة إجراء عملية عاجلة نظرا لوجود كسر انفجاري في الفقرة الصدرية الأولى، مما قد يتسبب في شلل نصفي: "وخلال هذه الفترة حاولت منظمة الصحة العالمية إجلائي من غزة في ظل رفض مستمر من قبل قوات الاحتلال، مما تسبب في إصابتي بالشلل".
الاحتلال كان رافض خروجه من قطاع غزة وسفره للعلاج رغم مطالب من منظمة الصحة العالمية وجهات أخرى خارج القطاع منظمات تانية يعني معنية بالمصابين .
وواصل: "رفض الاحتلال خروجي من غزة وسفري للعلاج، رغم مطالب بذلك من منظمة الصحة العالمية ومؤسسات أخرى خارج القطاع، مما جعلني راقدا على سريري في غزة لمدة 4 أشهر دون حراك، حتى تمت الهدنة في أواخر يناير 2025، ووافق الاحتلال على إجلائي، حيث دخلت لمصر عبر معبر رفح يوم 8 فبراير الجاري".

وعن دخوله إلى مصر، قال فادي: "دخلت عبر معبر رفح حيث تم نقلي لمستشفى في سيناء ومنها إلى معهد ناصر بالقاهرة، لتلقي العلاج"، مؤكدا مشاعر الود التي غمره بها المواطنون في مصر، وترحيبهم به منذ قدومه، موجها الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي لاستقباله المرضى الفلسطينيين.
وعبر عن إحساسه الدائم بالخطر خلال التغطية الصحفية في غزة طوال فترة الماضية: "كان الخطر يلاحق الجميع ولم أستطع التخلص منه طوال فترة التغطية، فكل فترة أفقد أحد أصدقائي سواء الصحفيين خلال التغطية، أو أصدقائي غير الصحفيين خلال النزوح والقصف المستمر".
وسرد بعض المخاطر التي تعرض لها خلال تغطيته، قائلا: "في أحد الأيام، كنت أغطي الأحداث، سقط صاروخ بالقرب مني مباشرة رغم أنني كنت واقفا بجوار سيارة إسعاف تنقل المصابين، كما أنني نجوت من قصف بالحزام الناري خلال التغطية في المستشفى الإندونيسي".
وذكر فادي كيف كان بعيدا عن أهله لفترات طويلة، حيث كان يغطي الأحداث في الميدان بمستشفيات مثل المستشفى الإندونيسي، أو مستشفى كمال عدوان أو مستشفى العودة، بينما كان أهله يعيشون في مناطق نزوح أو في منازلهم، غير قادرين على التواصل بسهولة، حيث كانت الاتصالات صعبة، ولم يكن يعرف دائما مكان وجود أهله.
ذكر الوحيدي، أنه نزح حوالي 10 مرات خلال الحرب، ينتقل من منطقة إلى أخرى؛ هربا من القصف، وبالتوازي كان أهله ينزحون أيضا لمناطق أخرى، وخلال الحرب فقد الاتصال بأهله تماما، حيث ذهب إلى منزله فلم يجد أهله ولم يستطع التواصل معهم تليفونيا، إلى أن عرف مكان نزوحهم وذهب إليهم، بينما لم يستطع الوصول لأخته وزوجها طوال فترة الحرب، وشاهدته أخته لأول مرة منذ الحرب بعد إصابته.
فادي الوحيدي لم يفقد الأمل رغم الظروف القاسية التي واجهها، ومازال لديه أمل في الشفاء والوقوف على قدمه مرة أخرى والعودة للعمل الصحفي والتصوير، فهي المهنة التي حلم بالعمل بها منذ دخوله إلى الجامعة في غزة ودراسة الصحافة والتي تخرج منها عام 2023.
