نظمت دار الشروق أمس الثلاثاء، ندوة لمناقشة كتاب "ألواح أورفيوس..مختارات شعرية" للشاعر السوري نوري الجراح في حضوره، والتي اختارتها وقدمت لها الدكتورة ناهد راحيل، وناقشهما الكاتب والناقد سيد محمود، في مبنى قنصلية.
جاءت الفعاليات بحضور الأستاذة أميرة أبو المجد العضو المندب لدار الشروق، والأستاذ أحمد بدير مدير عام دار الشروق، الفنان جمال سليمان، والروائية منصورة عز الدين، والروائية ميسون صقر، والأستاذ ماهر حسن رئيس القسم الثقافي بجريدة المصري اليوم، والأستاذة نانسي حبيب مسؤول النشر بدار الشروق، وعمرو عز الدين مسؤول التسويق بالدار.
افتتح الكاتب والناقد سيد محمود المناقشة مؤكدا، أن الشاعر نوري الجراح هو صوت شعري مهم، وكل المطلعين على الشعر والمهتمين به يعرفون قيمة شعره وقيمته بين الشعراء.
وأضاف محمود: "ناهد رحيل رغم صغر سنها، لكنها تملك العديد من المساهمات في الأدب والنقد"، مؤكدا أن تناولها ليس تناولا نقديا عاديا.
فيما قالت الأكاديمية والناقدة الدكتورة ناهد راحيل، إنها بدأت مشروع مختارات نوري الجراح بعنوان " ألواح أورفيوس" منذ أربع سنوات، وكان هنالك بعض الوقفات خلال المشروع، وكان هدفي هو إنجاز عمل شعري عن مجمل أعمال نوري الجراح.
وقالت راحيل: أنا منحازة لشعر نوري الجراح، وأعماله بها الكثير من الجماليات، وبه ذاتية مميزة، والمعجم الشعري لنوري الجراح ثري للغاية، موضحة أن المكان عند نوري الجراح مهم للغاية، ويبدأ من سوريا بلده، ثم ينطلق في المنفى بكل تأثيراته عليه سواء السلبية أو الإيجابية.
وأردفت: "هنالك أيضا بنية دائرية في شعر نوري الجراح، وهذا ما جعلني أطلب منه أن نضم للمختارات القصائد التي نشرت بشكل منفرد، لتؤكد على أن اشعار الجراح ثرية للغاية بكل تفاصيلها، وأتمنى أن يجد القارئ في مشروع نوري الجراح ما وجدته أنا من أهمية في شعر نوري الجراح، وأن يعرف كيف يقرأ شعره".
وقالت راحيل إن الشاعر نوري الجراح يميل في التاريخ إلى الهامش، ويستخدم الأسطورة ليلقي بها على ظلال الواقع، وأكدت أنه يستخدم أقنعة تلك الشخصيات الأسطورية ليتخفى خلفها، ويقول ما يريد.
واختتمت راحيل بأن عنوان المختارات الشعرية "ألواح أورفيوس" مستوحى من أحد عناوين قصائد نوري الجراح يحمل نفس الاسم، ولكن لم يكن قصدي أن أشير إلى هذه القصيدة تحديدا، ولكن أردت أن أشير إلى أن نوري الجراح هو أورفيوس العصر، وقصائده هي ألواح هذا العصر.
ووجه الشاعر السوري نوري الجراح، إشادة بجهود الناقدة والأكاديمية ناهد راحيل في المختارات الشعرية التي صدرت حديثا عن دار الشروق بعنوان " ألواح أورفيوس"، قائلا إن هذا العمل ليس مجموعتي الشعرية، ولكنه يعتبر عمل لناهد راحيل لأنها من أنجزته بعد قرائتها لكل أعمالي.
واحتفى نوري الجراح بما قدمته ناهد راحيل، قائلا إن ما قدمته أمر ليس بالسهل، وأن إنجاز هذا العمل أمر صعب، موضحا أن عنوان المختارات "ألواح أورفيوس" هو من اختيار راحيل، وأشكرها كثيرا لذلك الاختيار.
أضاف بقوله: الفكرة السائدة عن شعري أنني أستخدم فيه الكثير من الأساطير الإغريقية، وهذا تصور خاطئ، مشيرا إلى أن علاقته بالأسطورة ليست جديدة، وبدأت مع الشغف المبكر، كما انسقت بعدها إلى أسطورة ألف ليلة وليلة، وشغفي بفكرة الأسطورة جعلني أقرأ كل ما طبعته المكتبة المصرية حول المسرحية الأسطورية ثم كل ما كتب عنها من دراسات نقدية، وهو ما دفعني كي أذهب إلى المسرح وأكون بين كواليسه.
وأكد نوري الجراح أن قصيدة "ألواح أورفيوس" التي يحمل كتاب المختارات الشعرية اسمها فتحت له الباب للثورية في كتابة الشعر، وفي استخدام الأسطورة، والتاريخ بشكل ثوري ومختلف، موضحا أن الشاعر خالق كلام كما يقول الفرنسيون.
فيما قال الفنان جمال سليمان، إنه يقرأ الشعر كمتذوق، وليس كمتخصص، وتتملكه رهبة من قول رأيه في الشعر، وأكد سليمان أنه في البعد عن الوطن توقف في الزمن، وربما هذا ما يجعل نوري الجراح يتحدث كصبي في شعره بسبب تغربه عن وطنه منذ الصغر، وأوضح أنه يلفت نظره دائما دور الأسطورة في شعر نوري الجراح.
جدير بالذكر أن الشاعر نوري الجراح قدم عبر مسيرته سردية شعرية مضادة تمثل الذات في صورتها الحقيقية، وتنقل المأساة السورية إلى مصاف التراجيديات الإنسانية الكبرى، وتفتح نصوصه الشعرية على التراث الإنساني الذي طوره مفهوم المنفى مع الاشتغال على فاعلية الرمز والإحالات إلى التاريخ والدين والأسطورة، كما عمد إلى استعادة الدور الحضاري للشرق في الحضارة الإنسانية وتشكيل الهويات المفقودة وإعادة بنائها بعيدا عن سيرورات سوء التعرف التاريخية.
تحاول المختارات في هذا الكتاب التمثيل لمراحل شعرية نوري الجراح؛ بشكل لم يغفل إنتاجاته الشعرية الأولى، ويحيلنا العنوان «ألواح أورفيوس» إلى المضمون العام لقصائد الجراح، فأورفيوس؛ الشخصية الأسطورية من الميثولوجيا الإغريقية، موسيقي وكاتب عرف برحلاته البحرية وقدراته السحرية الخارقة، مما جعله يجذب الجميع إلى ألحانه، ومن هنا يمكن اعتباره الوجه المناسب لنوري الجراح الذي يتوحد عبره مع أناه داخل النص الشعري ويشير إلى إمكانية تفاعل تجربة أورفيوس وتداخلها مع تجربته.