في مشهد سياسي معقد تنعقد اليوم اجتماعات وزراء خارجية مجموعة العشرين بعاصمة جنوب أفريقيا، جوهانسرج، حيث يتصدر الموقف الأمريكي المعادي لجنوب أفريقيا المناقشات، حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، عدم مشاركته في الاجتماع، متهماً جنوب إفريقيا باتباع "أجندة معادية لأميركا"، وهو ما يتوقع المراقبون أن يؤثر على المناقشات والنتائج المتوقعة من الاجتماع.
وتأتي المقاطعة الأمريكية لاجتماعات وزارء خارجية مجموعة العشريين كاجراء عقابي بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بقطع التمويل عن جنوب إفريقيا ما لم تبدأ تحقيقاً في سياساتها المتعلقة بملكية الأراضي.
وزادت الأزمة بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة في أعقاب تولي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب السلطة في يناير الماضي، حيث أقرت جوهانسبرج قانوناً يسمح بمصادرة الأراضي دون تعويض في حالات تعتبرها "للمصلحة العامة"، بهدف معالجة التفاوتات التاريخية في ملكية الأراضي منذ حقبة الفصل العنصري، فضلاً مواقف جنوب أفريقيا المتعلقة بالتوترات الدولية الراهنة، مثل الأزمة الأوكرانية، والقضية الفلسطينية، وتأثيراتها على الأمن والاستقرار العالمي.
كانت الولايات المتحدة قد أرسلت خلال العقدين الماضيين مساعدات تبلغ قيمتها أكثر من 8 مليارات دولار إلى جنوب إفريقيا، وفق تقرير صادر عام 2023 عن دائرة أبحاث الكونجرس، ركزت في مجملها على برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، ومشاريع التنمية الأخرى.
ومنذ توليه السلطة هدد ترامب جنوب إفريقيا بفرض عقوبات اقتصادية من خلال فرض تعريفة جمركية بنسبة 100% إذا ابتعدت عن استخدام الدولار الأميركي.
يذكر أن مسألة ملكية الأراضي في جنوب أفريقيا تثير جدلاً منذ الاستقلال ونهاية عصر الفصل العنصري، حيث لا يزال ملاك الأراضي البيض يمتلكون ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية المملوكة ملكية حرة في جنوب إفريقيا، في مقابل 4% من نسبة الأراضي يمتلكها السود الذين يشكلون 80% من السكان، فيما يمثل البيض حوالي 8%..
أجندة الاجتماع
ويركز الاجتماع الذي تستضيفه جنوب أفريقيا، على عدة أولويات منها بحث سبل تمويل العمل على تعبئة الموارد المالية لدعم الدول المتضررة من الكوارث المناخية، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية، وتخفيف أعباء الديون من خلال السعي لتمديد وتوسيع نطاق تخفيف الديون على الدول النامية، وضمان استدامة ديون الدول منخفضة الدخل.
وتستهدف جنوب إفريقيا في أجندتها خلال الاجتماعات الدفع الجهود لإصلاح المؤسسات الدولية لتكون أكثر تمثيلاً وفعالية، بما في ذلك إصلاح هيكلية الأمم المتحدة والنظام المالي الدولي.- حسب بيان لوزارة خارجية جنوب أفريقيا.
وتناقش الدورة الحالية سبل زيادة التمويل المخصص لمساعدة الدول النامية في الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، ومن جانب آخر تسعى جنوب إفريقيا إلى أن تضمن الدول والمجتمعات المنتجة للمعادن الأساسية الاستفادة بشكل عادل من مواردها الطبيعية.
ومن المتوقع أن يتناول الاجتماع قضايا أخرى مثل الوضع الجيوسياسي العالمي، وقضايا الأمن الغذائي، والتحديات الاقتصادية العالمية، والتعاون الدولي لتعزيز السلام والأمن.
أهمية تجمع دول العشرين
مجموعة العشرين هي منتدى للتعاون الاقتصادي والمالي بين هذه الدول وجهات ومنظمات دولية تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد والتجارة في العالم حيث تشكل دول مجموعة العشرين ثقلاً هائلاً، إذ تمثل حوالي 85% من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وأكثر من 75% من التجارة العالمية، وحوالي ثلثي سكان العالم، وهذا ما يجعلها منصة قوية ومهمة.
وتضم مجموعة العشرين (G20) 19 دولة هما الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وجمهورية كوريا والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب إفريقيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وهيئتين إقليميتين: الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي - اعتبارا من عام 2023.
ويجتمع قادة الدول سنوياً في إحدى الدول الأعضاء فيها. وكان وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في الدول الأعضاء في مجموعة السبعة الكبار قد قرروا في قمة المجموعة عام 1999 توسيع المجموعة وضم نظرائهم في دول مجموعة العشرين.
وجاء القرار حين ساد الاضطراب أسواق المال العالمية بسبب الأزمة الآسيوية في ذلك العام. لكن في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008 رُفع مستوى المشاركة في اجتماعات قمة مجموعة العشرين إلى مستوى الرؤساء.