كيف وظف سمير غانم أدواته التمثيلية لرسم الابتسامة على وجوه الملايين؟ - بوابة الشروق
الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 5:37 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف وظف سمير غانم أدواته التمثيلية لرسم الابتسامة على وجوه الملايين؟

سمير غانم
سمير غانم
الشيماء أحمد فاروق
نشر في: الخميس 20 مايو 2021 - 7:30 م | آخر تحديث: الخميس 20 مايو 2021 - 7:30 م

توفي مساء اليوم، الفنان القدير سمير غانم، عن عمر ناهز 84 عاما، بعد مسيرة فنية كبيرة أثرى خلالها العمل السينمائي والمسرحي والتليفزيوني في مصر والعالم العربي، وأمتع الملايين بأعماله التي لا تنسى وبكوميديا من نوع خاص، لم يسبقه إليها أحد، خطت اسمه بين عظماء الكوميديا المصريين والعرب.

تواجد الفنان سمير غانم، منذ بداية مسيرته الفنية الكوميدية، بين نجوم على القمة وآخرون كانوا يصعدون سلم النجومية إلى جواره، وآخرون سبقوه في فترة زمنية ما، ولكنه استطاع سواء من خلال فرقة ثلاثي أضواء المسرح أو بمفرده، فيما بعد أن يفرض نفسه ويبرز بأسلوبه الضاحك، الذي استهدف به رسم الابتسامة على وجوه الناس وإسعادهم.

إن ما يميز الفنان أن يكون مختلفاً عن غيره فيقدم ما يجعل الجمهور مقبل عليه لا غيره، وأدوات الفنان في ذلك هي جسده، حيث تقول ماري إلين براون في كتاب "التمثيل السينمائي": "إذا كنا نود أن نفهم ما الذي يستطيع ممثل السينما فعله فإن علينا أن نفهم أولاً شيئاً يتعلق بطبيعة السينما ذاتها، وأولها إدراك أنها جسدية بشكل مبهر، إن تجميع الصور الجسدية هو ما يستحوذ على الجمهور، والعنصر البشري يعلو جميع الاهتمامات الأخرى لخلق صورة الشخصية".

من هذا المنطلق استغل الفنان سمير غانم حركاته الجسدية كأداة فعالة في التمثيل الكوميدي، الذي اعتمد في الأساس على المبالغة في الأداء، كأحد وسائل الإضحاك، وغانم خريج كلية الزراعة، لم يكتسب ذلك من دراسته المتخصصة في فن التمثيل، بل بالعمل والتطور مع الوقت، واعتماده في الأساس على نوع كوميديا "الفارص /farce" القائمة على المبالغة والافتعال في الحركات الجسدية والسخرية، وتهدف إلى إضحاك الجمهور وتسليته وليس شرط أن تقدم فكرة أو مضمون هادف بعينه.

يقول ملفن هيلترز في كتابه "أسرار الكوميديا": "تعد الخصائص البدنية من أكثر موضوعات الإضحاك التي يثور من حولها جدل كثير، فهي تستخدم الإساءة كوسيلة لتحقيق إحساس بالتفوق عن طريق السخرية من خصائص آخرين وبخاصة تلك الخصائص التي تبدو غير عادية للجمهور... كما أن الإضحاك يوظف الخطايا الصارخة والعيوب للسخرية منها".

كما أن المبالغة أحد أدوات الإضحاك الأساسية، فإن الإضحاك الجيد ما هو إلا شكل من أشكال التناقض الظاهري، أو المعقول إلى جوار غير المعقول وهو ما يخلق المفاجأة للمشاهد، على حد قول هيلترز.

ووظف غانم أدواته الجسدية للإضحاك من خلال السخرية من الآخرين، والمبالغة في الظهور بشخصية ما، على مستوى الشكل والحركات المستخدمة، فنراه ذو بنطال قصير، رابطة عنق ترتفع لأعلى من تلقاء نفسها -وهي لزمة شكلية متكررة عنده- عند مرور الشخصية بورطة ما، بذلة ذات مقاس أصغر من حجمه، عند تقديمه على سبيل المثال شخصية المدرس في فيلم "ممنوع في ليلة الدخلة"، أو "أذكياء لكن أغبياء"، ويعتمد في أسلوب آخر على خلق المفارقات في شكل الشخصية إلى جوار المبالغة، مثل ارتداء باروكة وفستان –شخصية امرأة- ولكن يترك شاربه، ويتسبب ذلك في موجة من الضحك على خشبة المسرح في مسرحية "أخويا هايص وأنا لايص".

ومن أبرز الشخصيات التي اعتمد فيها سمير غانم على المبالغة الشكلية، شخصية "فطوطة"، التي كانت عنواناً لمجموعة من الفوازير التي حققت نجاحاً واسعاً، في وسط نجاح فوازير نيللي السابقة له وشيريهان فيما بعد.

يذكر أن غانم هو من رسم الشكل الخارجي لشخصية فطوطة، وفق ما ورد في لقاء نادر عبر شاشة تلفزيون الكويت على لسانه: "صوت فطوطة جه صدفة واحنا بنسجل في الاستوديو، سمعت صوتي والشريط بيدور بسرعة عجبني، وقولت ليه ميبقاش ده صوت فطوطة، ولما سمعه الموجودين وضحكوا اتأكدنا إنها هتكون مضحكة، وبعدين الشكل الجزمة الكبيرة والبدلة الواسعة والشعر المنعكش، كل دي أدوات عشان تكون الشخصية مضحكة وتبين حجمها أصغر، أنا من اقترحها".

قال طارق الشناوي الناقد الفني، في حديث سابق خلال برنامج صباح مصري، إن سر بقاء شخصية فطوطة وعلاقتها القوية بسمير غانم، هو أنه أضاف الكثير لهذه الشخصية فأصبحت مقترنة به، من الصعب أن يقوم ممثل آخر بأداء دور فطوطة غيره، لأنه أصبح أيقونة للأطفال والكبار.

كما كان لغانم أسلوب في الشكل، وإضافات للشخصية، تؤدي إلى الضحك عند رؤيتها، فإن أسلوبه في الكلام كان يطوعه أيضاً ليصبح مادة للضحك، مثل صوت شخصية فطوطة المميز، أو استخدام كلمات من اللغة الأجنبية في سياق كوميدي، كما حدث في مسرحية "المتزوجون" والحوار الشهير بينه وبين الفنانة شيرين وهي تطلب منه مأكولات، لا يعرفها بسبب الفرق الاجتماعي الشاسع بين الشخصيتين.

ونتذكر هنا قول هيلترز: "يبحث المؤدي/ الممثل عن الطابع المميز له، إذ بدون هذا الطابع المميز يتحول المؤدي إلى مجرد شخص يلقي النكات وتلاوتها، وفي وجود الطابع المميز يتمكن الممثل الكوميدي من استطلاق الضحك من جمهوره حتى عن طريق الأخطاء التي قد تصدر عنه، والناجح في الكوميديا نجد أنه ابتكر لنفسه شخصية مميزة واحدة على الأقل يعرفه الناس بها".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك