في خطاب وداعه في 15 يناير، أشار الرئيس جو بايدن إلى خطر الأوليغارشية على الديمقراطية الأمريكية. وحذر من "التركيز الخطير للسلطة في أيدي عدد قليل من الأشخاص الأثرياء"، واصفًا ذلك بأنه تهديد للديمقراطية وحقوق المواطنين وحرياتهم.
ووصف بايدن "التركيز الخطير للسلطة في أيدي عدد قليل جدًا من الأشخاص الأثرياء للغاية والعواقب الخطيرة إذا تُرك إساءة استخدامهم للسلطة دون رادع".
وقال بايدن: "تتشكل في أمريكا أوليغارشية من الثروة الهائلة والقوة والنفوذ التي تهدد حرفيًا ديمقراطيتنا بأكملها وحقوقنا الأساسية وحريتنا وفرصة عادلة للجميع للتقدم".
ما هي الأوليغارشية؟
بحسب صحيفة الجارديان البريطانية، تُعرّف الأوليغارشية بأنها نظام حكم تسيطر فيه قلة على السلطة، استنادًا إلى الثروة أو المكانة الاجتماعية أو الدينية أو العسكرية، وفقًا لعالم السياسة جوناثان هانسون. ورغم أن الولايات المتحدة ديمقراطية تمثيلية دستوريًا، فإن الفجوة الهائلة في الثروة تشير إلى مظاهر أوليغارشية، حيث يمتلك 1% من الأسر نحو 30% من الثروة، بينما تمتلك 50% من الأسر الدنيا 2.5% فقط.
تأثير الأثرياء والتكنولوجيا
تُظهر البيانات أن أغنى الأميركيين يساهمون في تمويل الانتخابات. قرار المحكمة العليا في قضية "سيتيزنز يونايتد" سمح بضخ أموال غير محدودة في الحملات الانتخابية. ووفقًا لدانييل كيندرمان، فإن رؤساء شركات التكنولوجيا مثل إيلون ماسك، ومارك زوكربيرج، وجيف بيزوس يتمتعون بتأثير هائل على تدفق المعلومات، ما يثير مخاوف من تشكيل "أوليغارشية جديدة وأكثر خطورة".
لماذا حذر بايدن من انزلاق الولايات المتحدة نحو الأوليغارشية؟
يرى دانييل كيندرمان، أستاذ السياسة المقارنة والعلاقات الدولية بجامعة ديلاوير، في حديث لـالجارديان، أن ثلاثة أسماء تلخص هذا الخطر: ماسك، زوكربيرج، وبيزوس. ويشير إلى أن بايدن يشعر بالقلق من تزايد تركيز السلطة السياسية، والاقتصادية، والتكنولوجية، والإعلامية في أيدي نخبة ضيقة، ما يخلق شكلاً جديدًا وأكثر خطورة من الأوليغارشية مقارنة بالماضي.
ويؤكد كيندرمان أن "العالم الرقمي" قادر على تشكيل كيفية فهمنا للواقع وطريقة تفكيرنا، مما يمنح أباطرة التكنولوجيا نفوذًا كبيرًا. ويحذر من أنه إذا تركزت هذه القوة في خدمة طرف واحد فقط، أو مصالح مجموعة واحدة، فقد تواجه الولايات المتحدة تحديًا خطيرًا. هذا السيناريو يصبح أكثر احتمالًا إذا تعمّقت العلاقات بين قادة شركات التكنولوجيا وإدارة ترامب المقبلة.
أوليغارشيات أخرى حول العالم
تشمل الأمثلة على الأوليغارشية دولًا مثل روسيا، حيث يرتبط رجال الأعمال الأثرياء بالقيادة السياسية، وإيران، حيث تتكون الأوليغارشية من الزعماء الدينيين.
هل يمكن أن تتحول الأنظمة الأوليغارشية إلى ديمقراطيات؟
"نعم، هذا ممكن"، وفقًا لما أكده مات سيمونتون، أستاذ بجامعة ولاية أريزونا ومؤلف كتاب "الأوليغارشية اليونانية الكلاسيكية: تاريخ سياسي"، لصحيفة الجارديان.
يوضح سيمونتون أن أثينا في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد كانت مثالًا واضحًا، حيث شهدت انقلابين أوليغارشيين خلال فترة قصيرة. قادت الانقلاب الثاني مجموعة عُرفت باسم "الطغاة الثلاثين"، لكنها لم تستمر طويلًا، إذ تمت الإطاحة بها خلال حرب أهلية.
عقب ذلك، أصدر الأثينيون عفوًا عن معظم الأوليغاركيين، وعادوا إلى نظام الديمقراطية، الذي استمر بشكل مستقر لما يقرب من مئة عام. ويشير سيمونتون إلى أن مثل هذه الدورات السياسية كانت متكررة، حيث اضطرت أثينا مرارًا للتعامل مع النزاعات الداخلية والمصالحة.