ليلة يزين ملامحها زخارف من الصراخ والعويل، التي تخرج من أهالي ضحايا مركب الموت التي تحمل إسم «موكب الرسول رقم واحد"، منتظرين قدوم الضحايا التي انقذتها القوات البحرية أو على سفن الصيد التي تنتشل الجثث التي تطوف على سطح المياه، وتأتي بها إلى البوغاز.
وتحولت مدينة «رشيد» للوحة مأساوية وكارثية، فالمشهد بها مُفجِع ولا يمكن وصفه، كما رفعت المحافظات الثلاث الموجودة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، درجة الاستعداد القصوى؛ لاستقبال الأهالي المكلومة القادمة للتعرف على الجثث من ذويهم، داخل الثلاجات بمحافظات (كفر الشيخ، والبحيرة، والإسكندرية).
وقال حسن عمر، صياد من قرية الجزيرة الخضراء بمحافظة كفر الشيخ، إنه شاهد الناجون في تمام الساعة 9 صباحا، ممن يجيدون السباحة وبالأخص السودانيين، والباقين استغلوا الأخشاب الموجودة على سطح المركب؛ لمساعدتهم على النجاة لمدة أكثر من 6 ساعات، حتى خروج المراكب للصيد بعد تصريح من البوغاز.
وأضاف، أن العدد سوف يكون أكثر من ذلك، حيث أن أصحاب مراكب التهريب تقوم بتخزين عدد كبير في ثلاجات السفن؛ لعدم التحرك على السطح، واذا كانت أبوابها مفتوحة، فسوف تطفو الجثث بعد 3 أو 4 أيام على سطح البحر، وممكن أن تظهر جثث في محافظات الساحل، حسب الرياح.
وفي حزن شديد، قال حمدي بدران من مدينة رشيد، "السماسرة يقومون بإيهام الشباب، وتسهيل عمليات السفر حتى لصغار السن الذي تبدأ أعمارهم من 15 عاما، وإقناع الأهالي بسفر أبنائهم، والعودة بالأموال كغيرهم الذين تحسنت حياتهم بعد السفر"، مضيفاً: "السماسرة منتشرين بـ(قرية البرج برشيد، والجزيرة الخضراء، وبرج مغيزل بكفر الشيخ)، ولهم مناديب بجميع المحافظات".
ويذكر أن حادث غرق مركب الهجرة غير الشرعية، الذي وقع صباح الأربعاء 21 سبتمبر أمام سواحل مدينة رشيد على بعد 12 كم شمال شرقي البوغاز، وصل عدد الجثث منذ بداية الحادث حتى بعد عصر، أمس الجمعة، إلى 166 جثة، تم نقلهم جميعا إلى مستشفيات «البحيرة، والإسكندرية»، (6 جثث بمستشفى أبو قير، و6 جثث بمستشفى صدر المعمورة ، و28 جثة بمستشفيات مطوبس، وبلطيم، وبيلا، وفوة، وجمصة، وكفر الشيخ).
وقد وجه الدكتور محمد سلطان محافظ البحيرة، بإستمرار رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات، وسرعة إجراءات التعرف على الجثامين؛ لتسليمهم إلى ذويهم، مع متابعة الموقف أولا بأول عن طريق غرفة العمليات بمدينة رشيد.
كما أمر المحافظ، بتمركز أطقم وسيارات الإسعاف عند البوغاز، لنقل الجثث وتوفير العدد الكافي من أكياس حفظ الموتى، تحسبا لأي حالات جديدة.