ناصر عراق: أملك شغفا عميقا لفن السينما.. وبينى وبين الفصحى عشق قديم - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:01 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ناصر عراق: أملك شغفا عميقا لفن السينما.. وبينى وبين الفصحى عشق قديم

حوار ــ أسماء سعد:
نشر في: الجمعة 26 يوليه 2024 - 6:51 م | آخر تحديث: الجمعة 26 يوليه 2024 - 6:51 م


- أتمنى أن يعثر القارئ على المتعة وهو يطالع روايتى فالمتعة الشرط الأول لنجاح أى عمل إبداعى
- «الراوى العليم» هو الأنسب لتتابع الأحداث فى «أنا وعمى والإيموبيليا»
- إحكام بناء الرواية لا يتعارض مع الإيقاع السريع المشوق

يقدم فى نصوصه رحلة غنية بالتجارب والذكريات، اللغة فى أعماله الأدبية تحتل مكانة خاصة، هو الكاتب والروائى الكبير ناصر عراق، الذى تتوافر فى أعماله مجموعة من أسس الإبداع الروائى والأدبى، حيث تنجح أعماله فى ملامسة خيال القارئ وتحفيز أفكاره.
يرى ناصر عراق أن هناك أهمية كبرى لمراعاة إحكام بناء الرواية، ونسج تسلسل الأحداث بشكل منطقى، مع إيقاع سريع متوتر مشوق، وهى توليفة يعتمد عليها لتقديم أفكاره للقراء بحسب ما يؤكد فى حواره مع «الشروق»، حيث يسرد العديد من الكواليس المرتبطة بروايته «أنا وعمى والإيموبيليا».

< ذكرتَ أن فكرة رواية «أنا وعمى والإيموبيليا» طرأت من عشقك للسينما. حدثنا أكثر عن علاقتك بالسينما المصرية وكيف أثرت على مسيرتك الأدبية.

ــ تعود علاقتى بالسينما المصرية إلى أكثر من 57 عامًا، حين اصطحبنى شقيقى الأكبر المرحوم فوزى إلى سينما المؤسسة بشبرا الخيمة عام 1966 لمشاهدة فيلم عبدالحليم حافظ (بنات اليوم). آنذاك بهرتنى الشاشة الضخمة والأحجام العملاقة للممثلين ومهاراتهم فى التقمص والإقناع، لدرجة أننى لم أكن أتخيل أن ما أراه على الشاشة مجرد خيال مؤلف وتصور مخرج وأداء ممثل، بل هى وقائع حقيقية أعيشها بكل خلايا جسمى وأعصابى.
وعلى الرغم من أن عمرى لم يكن يتجاوز السادسة ساعتها، فإننى شعرت بأن روحى تنساب برفق لذيذ داخل مشاهد الفيلم، إذ لم أعد متفرجًا فحسب، بل أحد المشاركين فى الأحداث. ومنذ ذلك الوقت وعلاقتى بالسينما تزداد حبا وهياما من يوم إلى آخر. هذا الحب وذاك الهيام تمثلا فى عدة أمور منها الحرص الشديد على مشاهدة أكبر عدد من الأفلام المصرية والأجنبية بتركيز، ومنها البحث والتدقيق والتمحيص فى تاريخ السينما ونشأتها وأبرز نجومها. ثم تطور الأمر إلى كيفية اكتشاف العلاقة بين الفيلم السينمائى، وبين الواقع الاجتماعى والسياسى والاقتصادى الذى عرض فيه ذلك الفيلم أو ذاك.
هذا الشغف المستمر بالسينما دفعنى إلى تأليف كتابين هما: (السينما المصرية... 50 عامًا من الفرجة)، وقد صدر عام 2018 عن دار (كُتّاب) للنشر بدبي، وكتاب (السينما المصرية فى رمضان) والذى صدر فى 2018 أيضًا عن سلسلة كتاب اليوم الصادرة عن مؤسسة أخبار اليوم، علاوة على نشر عشرات المقالات والدراسات عن السينما ودورها ونجومها فى الصحف والمجلات المصرية والعربية المختلفة.

< كيف حرصتَ على توثيق معلوماتك عن السينما المصرية فى تلك الحقبة بدقة؟


ــ أتخيل أنه من الضرورى إيجاد الرابط بين الواقع الاجتماعى بمفهومه الشامل وبين السينما، الأمر الذى جعلنى أبحث بجدية عن تاريخ السينما فى أربعينيات القرن الماضى، حيث تدور أحداث روايتى (أنا وعمي... والإيموبيليا)، خاصة، وأنى أعلم جيدا دور الأجانب المقيمين فى مصر يومئذ فى تأسيس هذه الصناعة الجديدة علينا. وهكذا عدت إلى العديد من الكتب والمراجع ومعلوماتى المستقاة من المشاهدة المتأملة لآلاف الأفلام المصرية والأجنبية حتى أستطيع بناء رواية متقنة الصنع قدر المستطاع. ولا تنسى أن أحد أبطال الرواية الرئيسيين هو روبرت شارفنبرج مهندس الديكور الألمانى المقيم فى مصر، والذى تولى تصميم ديكورات مناظر أفلام كثيرة منها (سى عمر) لنجيب الريحانى، و(سلّامة) لأم كلثوم، وغيرهما.

< هل هناك ذكريات أو تجارب معينة حوّلتها إلى أحداث روائية فى «أنا وعمى والإيموبيليا»؟


ــ لا توجد تجارب شخصية بالمعنى الواضح، فأحداث الرواية تجرى وقائعها فى أربعينيات القرن العشرين، وبالتالى كانت قراءاتى وأبحاثى ومعلوماتى عن مصر والعالم فى تلك الحقبة هى البستان الضخم الذى تجولت فى ممراته لأقطف منه أهم وروده وزهوره، ثم أبتكر من هذه الورود والزهور أحداث الرواية ومشاهدها التى عكفت عليها عامًا كاملا.

< ما هى الرسائل الإنسانية التى أردتَ إيصالها من خلال شخصيات الرواية؟


ــ أهم رسالة، إذا جاز القول، هى أن القارئ يعثر على المتعة وهو يطالع روايتى، فالمتعة هى الشرط الأول لنجاح أى عمل إبداعى. ولقد حاولت أن أوفر للقارئ هذه المتعة المنشودة من خلال عدة أمور منها: إحكام بناء الرواية. تسلسل الأحداث بشكل منطقى. إيقاع سريع متوتر مشوق. طرح أفكار جريئة تثير العقل وتثرى الوجدان. معلومات جديدة عن السينما ورجالها وتاريخها موظفة فى سياق روائى منضبط. صياغات لغوية رائقة ورشيقة وجذابة. الحفاوة بالغرام الجميل والعلاقة الودودة بين الرجل والمرأة. كل ذلك حاولت أن أنجزه فى (أنا وعمى والإيموبيليا)، والحكم على نجاح محاولتى الروائية هذه يعود إلى القارئ الكريم والناقد الحصيف.

< لماذا اخترت أن يكون بطل الرواية هو من يتحدث ضمن تقنيات السرد؟


ــ أظن أن هذا الاختيار كان الأنسب، فبطل الراوية شاب محروم يتيم يعيش فى كفالة رجل ألمانى هارب من هتلر وحزبه النازى. هذا الشاب يحلم بالحب والنجاح والشهرة، ممزق المشاعر بين عدة نساء مختلفات الوعى والثقافة والطموح. يصبو إلى الاقتران بفتاة يرقص لها فؤاده ليؤسس معها أسرته الخاصة. دفعته المقادير ليصبح فى دائرة نجوم السينما المصرية فى الأربعينيات، فيراهم ويسمعهم ويترصد سلوكياتهم بحب وإعجاب وذهول. لذا رأيت أن تقنية (الرواى العليم) هى الأنسب لنتابع الأحداث المتلاحقة من خلال رؤيته الخاصة ووعيه الذى ظل يتطور من مشهد إلى آخر.  

< كيف استخدمتَ اللغة العربية الفصحى فى الرواية مع الحفاظ على سهولة قراءتها وفهمها؟


ــ بينى وبين اللغة الفصحى عشق قديم (ثابت ويزيد) كما يقول جميل بثينة. فقد نشأت فى أسرة عاشقة للآداب والفنون، فالوالد الجليل المرحوم عبدالفتاح عراق كان عاشقا لشعر المتنبى وبشار بن برد وشوقى وحافظ، وقد أورث أبناءه السبعة (ترتيبى السادس) عشق الأدب والفن، فشقيقى الأكبر المهندس فكرى، رعى الله أيامه ولياليه، شغوف بالشعر ويكتبه بإتقان، وكذلك كان شقيقى المرحوم إبراهيم عراق. هكذا إذن باتت الفصحى جزءا أصيلا يرطب ذائقتى ووجدانى منذ صباى البكر. وأذكر أننى فتنت بأسلوب طه حسين فى (الأيام) حين كنت فى الصف الثالث الإعدادى، لدرجة أننى كنت أحفظ من هذه (الأيام) فقرات من فرط حلاوتها وإعجابى بها.
كما أسرنى أسلوب توفيق الحكيم ونجيب محفوظ بشكل كبير جدا عندما كنت طالبًا فى المدرسة الثانوية. ومع مرور الوقت تعمق شعورى بالفصحى، فحرصت حرصا شديدا على الكتابة بها، محاولا قدر استطاعتى تطوير مهاراتى اللغوية من خلال الاستزادة من القراءة اليومية والبحث الدءوب فى الأساليب اللغوية المختلفة، حتى توصلت إلى ما يمكن تسميته بأسلوبى الخاص. ولعلك تعلمين أن عالم النفس الأمريكى هوارد جاردنر تكلم كثيرا عن (الذكاء اللغوى)، وأرجو أن أكون أحد الذين منحتهم المقادير نعمة هذا الذكاء.

< كيف نجحتَ فى التعمق فى شخصيات الرواية وفهم دوافعها وتطورها على مدار الأحداث؟


ــ كى يكتب المرء رواية ناجحة عليه أن يكون مدججًا بمعارف عدة من أبرزها... علم النفس والتاريخ والجغرافيا والسياسة والاقتصاد والفنون الجميلة إلى آخره، وفوق كل ذلك أن يكون ممتلكا لأدواته اللغوية بشكل كاف. وأتخيل أننى حاولت جاهدًا طوال 13 رواية أصدرتها حتى الآن أن أقبض بالنواجذ على فنون الرواية وكيفية صناعتها، فالرواية عمل عقلانى بامتياز كما يقول الناقد الإنجليزى تيرى إيجلتون. عمل يحتاج إلى ذهن صاف ومخيلة خصبة ورؤى واضحة للعالم وما يعتمل فيه من صراعات وتناقضات وأحلام وطموحات إلى آخره. من هنا يمكن القول إن الرواية الناجحة هى التى تراعى التوازن بين كل هذه المعارف وفق بناء محكم مثير للإمتاع.

< كيف وظّفتَ الأحداث الواقعية والخيالية فى الرواية لخلق تجربة قراءة غنية وفريدة؟


ــ أرى أن السبب فى ذلك هو الخبرات الطويلة المتراكمة فى فن كتابة الرواية.

< هل تفكر فى كتابة روايات أخرى مستوحاة من تجاربك الشخصية أو من فترات زمنية أخرى؟


ــ لا أستطيع التحديد الآن، لأن الفكرة قد تأتى فى أى لحظة، هذه الفكرة قد تتكئ على دراما تاريخية قديمة أو حديثة، لا أدرى. لكنى حاليًا أعكف على كتابة رواية جديدة تدور أحداثها عقب ثروة يناير 2011.

< هل يمكن أن تخبرنا مَنْ مِنَ الكتاب والمؤلفين الذين أثروا فى ذائقتك الأدبية؟ ومن هو الأديب الأقرب لقلبك؟


ــ الحق أننى تأثرت فى شبابى الأول بالعديد من المفكرين والفلاسفة والشعراء والروائيين والمسرحيين والنقاد المصريين والعرب والأجانب، ولو أعددت لك الأسماء، فالقائمة طويلة وممتدة، ولكنى أذكر بكل إجلال وتوقير واحترام كل من: هيجل وماركس وفيورباخ واسبينوزا وهيدجر وسارتر وماركيز وريتشارد رانجهام وتيرى إيجلتون وطه حسين ونجيب محفوظ وزكى نجيب محمود وشوقى ونزار قبانى ومحمود درويش وبدر شاكر السياب وصلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطى حجازى وشكسبير وموليير وهنريك إبسن ونعمان عاشور والفريد فرج ومحمد مندور ومحمد التابعى وفاروق عبدالقادر ومحمود بقشيش وعزالدين نجيب وغيرهم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك