كتاب جديد يتناول تلاعب وسائل الإعلام بالحقيقة لخدمة أغراض شخصية وسياسية - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:17 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كتاب جديد يتناول تلاعب وسائل الإعلام بالحقيقة لخدمة أغراض شخصية وسياسية

منى غنيم
نشر في: الجمعة 26 يوليه 2024 - 6:49 م | آخر تحديث: الجمعة 26 يوليه 2024 - 6:55 م

كما يوجد ما يُسمى بـ«الصحافة الصفراء»، هناك نوع آخر من الصحافة يُسمى بـ «صحافة العلاقات العامة» هدفه دعم السلطة الاستبدادية فى جميع أنحاء العالم مقابل الأموال اللازمة، ومن هذا المنطلق وفى خطوة جريئة غير مسبوقة، قرر صحفى العلاقات العامة فى واشنطن، فيل إلوود، نشر كتاب جديد شهر يونيو الماضى بعنوان «كل أراذل البشر» نقل فيه بصدق تجربته كصحفى يعمل فى مجال العلاقات العامة البعيدة كل البعد عن أخلاقيات النزاهة والصدق ونقل الحقيقة على حد وصفه؛ والتى لا تهدف سوى لتلميع صورة الجهة التى تطلب ذلك فى أعين العامة مقابل الأموال الغزيرة.

ووصف نفسه فى مستهل الكتاب بالقول: «أنا أساعد هذه الآلات على العمل عبر غسل خطايا الطغاة من خلال الصحافة»، وأوضح للقراء ــ منذ الصفحة الأولى ــ أن هذا الكتاب يضم كامل مذكراته عن حياته المهنية التى قضاها فى التلاعب بوسائل الإعلام نيابة عن الأشرار كما وصفهم.
وقال الكاتب إنه ليس بالأمر المستغرب أن يدفع الأثرياء مبالغ كبيرة لشركات العلاقات العامة من أجل «تغيير سرد ما حدث» أو تعديل الرواية الأصلية لصالحهم، والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو الجهات التى تعمل لصالحها هذه الشركات؛ حيث إنها فى معظم الأحيان تكون كبيرة جدًا ومعروفة للجمهور، وأيضًا ما هى على استعداد للقيام به حيث إنهم لا يعترفون بوجود الحدود أو المعايير الأخلاقية، وذكر الكاتب مثالا حدث فى عام 2018، حين حصلت شركة «كورفيس» فى واشنطن على 18.8 مليون دولار من السعودية فيما أسماه «إلوود» بـ «رسوم التنظيف الخاصة بالعلاقات العامة» بعد مقتل الكاتب فى صحيفة «واشنطن بوست»، جمال خاشقجى، وتقطيع أوصاله فى القنصلية السعودية فى إسطنبول. وفى دورة الألعاب الأولمبية فى «سوتشى»، كانت وكالة «كيتشوم» فى نيويورك تعتبر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أحد أكبر وأهم عملائها وذلك بعد أن حصلت على مبلغ 40 مليون دولار من كل من الكرملين وشركة «جازبروم» (وهى شركة مساهمة تعد واحدة من أكبر الشركات فى العالم فى مجال استخراج الغاز الطبيعى ومقرها الرئيسى موسكو).
وكانت الشركة التى كشف «إلوود» مكائدها بأكبر قدر من التفاصيل عبر صفحات كتابه هى الشركة التى كان يعمل بها، وهى شركة «براون لويد جيمس»، وهى شركة «استشارات استراتيجية» أسسها رجل الأعمال بيتر براون، الذى كان يدير فرقة البيتلز ذات يوم.
وفى شجاعة يُحسد عليها، اعترف «إلوود» أنه ساهم بنفسه فى العديد من عمليات «التلميع الإعلامى» تلك التى كانت تُجرى «من الباطن» أثناء عمله فى الشركة، وقال إن رئيسه فى العمل «براون» كان إنسانًا ماديًا، ويعيش بمبدأ «كل شىء ممكن مقابل القدر المناسب من المال»، وكان قريبا من دائرة ملوك موسيقى الروك وحضر حفل زفاف المغنى الإنجليزى بول مكارتنى، ويحتوى دفتر أرقام الهواتف لديه على بعض الأسماء الأكثر شهرة على هذا الكوكب، ومن بين الضيوف المعتادين على التردد على حفلاته الكثيرة: الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب والإعلامية الأمريكية باربرا والترز والمغنية اليابانية يوكو أونو وغيرهم، كما أنه لا يخشى استخدام دائرة اتصالاته ومعارفه الكبيرة فى خدمة من يصفهم «إلوود» بمجموعة «قوى الشر الأجنبية».
وقال «إلوود» إن إحدى أولى المهام التى كُلف بها فى شركة «براون» بصفته رجل العلاقات العامة هى مرافقة المعتصم القذافى، نجل الدكتاتور الليبى الراحل معمر القذافى، فى جولة مليئة بالمخدرات والكحول عبر مدينة لاس فيجاس الأمريكية، وتمحورت مهامه حول محاولة إبعاده عن الصحفيين، ومراقبة المحيط حول فندق «بيلاجيو» الذى يمكث به المعتصم، وجلب الشمبانيا والطائرات الخاصة وكل سبل الراحة والرفاهية والدعة، ومن بين عملاء شركة «براون» الآخرين الذين وصفهم الكاتب بـ «الطغاة» أو «المستبدين» فى أوساط شعوبهم: زعيم الجابون على بونجو والرئيس السورى بشار الأسد.
وقد أجرى «براون» بنفسه مقابلة لصالح مجلة «فوج» الأمريكية مع زوجة بشار الأسد، أسماء الأسد، عن طريق الاتصال بصديقته القديمة آنا وينتور، بغرض «تلميع» صور عائلة «الأسد» فى عيون الصحافة العالمية، وقد كلف «براون» «إلوود» بكتابة المقال الذى ظهر بعد ذلك تحت عنوان «وردة فى الصحراء»، قال من خلاله إن «أسماء» كانت شابة أنيقة مليئة بالطاقة والحيوية بالإضافة لكونها واحدة من أكثر السيدات الأوائل نضارة وجاذبية، وقال الكاتب إنه وصف عائلة الطاغية من خلال ذلك المقال بأنها «ديمقراطية إلى حد كبير».
وأضاف الكاتب أن عملية «تبييض» النظم المجرمة أو المستبدة ليس أمرًا غير قانونى، ولكن بعض حملات شركة «براون» الأخرى اقتربت من ذلك الحد الفاصل بين القانونى وغير القانونى؛ فوفقًا للكاتب كانت هناك تلك الحملة التى أطلقها لنسف محاولة الولايات المتحدة لاستضافة كأس العالم 2022، قد لجأت دولة قطر ــ بالتعاون مع شركة «براون» لتقويض العرض الأمريكى مقابل القطرى، والذى كان يواجهه الرئيس الأمريكى بيل كلينتون، من خلال إثارة شبح المقاومة السياسية فى الداخل.
ونجح «إلوود» باستخدام تكتيك «العمليات السوداء» المعتاد فى العلاقات العامة، فى تأسيس منظمة غير ربحية «وهمية» للضغط على الرأى العام فى اتجاه نبذ العرض الأمريكى لاستضافة كأس العالم على أساس أن الأموال الأمريكية يجب أن تُنفق بدلًا من ذلك على القضايا الوطنية المُلحة؛ مثل معالجة السمنة لدى الأطفال على سبيل المثال، وهى القضية المفضلة لدى زوجة الرئيس السابق ميشيل أوباما وفقًا لـ «إلوود».
ليس ذلك فحسب، بل وأطلقت شركة «براون» على تلك المنظمة غير الربحية اسم «تحالف الأطفال الأصحاء»، وهى فى ظاهر الأمر تبدو كحملة تستهدف الصحة العامة للأطفال فى أمريكا تثير إعجاب الآباء والأطفال على حد سواء ولكنها فى واقع الأمر ليست سوى قشرة خارجية تخفى يد العملاء الحقيقيين لشركة «براون»؛ ألا وهم العائلة المالكة القطرية، ولجعل حملته الزائفة أكثر مصداقية، تمكن «إلوود» من الحصول على دعم الكونجرس الأمريكى، ودفع عشرة آلاف دولار لإقناع أحد المُشرّعين باقتراحه ــ وقال «إلوود»: «يمكنك حملهم على فعل أى شىء مقابل الأموال اللازمة».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك