دليل جدتي لقتل الأوغاد.. صرخة في وجه مجتمعنا - بوابة الشروق
الأحد 27 أكتوبر 2024 8:26 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دليل جدتي لقتل الأوغاد.. صرخة في وجه مجتمعنا

محمود عماد
نشر في: السبت 26 أكتوبر 2024 - 12:31 م | آخر تحديث: السبت 26 أكتوبر 2024 - 12:31 م

مجتمعنا الحالى الذى نحيا فيه أصبح يضج بالقضايا وبالمشاكل التى أصبحت تمسنا جميعا، وأصبح للجميع رأى فيها، وهذا بالطبع يرجع إلى مواقع التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا»، والتى أصبحت تملك من القوة الكثير للتأثير فى المجتمع.

ولكن لغرابة مجتمعنا فالسوشيال ميديا مثل الكثير من الأمور تعمل فى الاتجاه الخاطئ، لأن تلك القضايا تمس المجتمع، وبالتبعية لتلك القضايا ضحايا أبرياء ينهشهم مجرمون لا إنسانيين، وبدلا من أن يدافع المجتمع عن الضحايا ويقتص من الجناة ويحاول تشجيع هؤلاء الضحايا على تجاوز تلك الجرائم البشعة التى حدثت فى حقهم، فهو ينظر للضحايا على هيئة مجرمين لم يحافظوا على أنفسهم، وهذا يولد لدى الضحايا فكرة الخوف من محاولة أخذ حقوقهم والاقتصاص من المجرمين، بل يولد لديهم شعور بالذنب، وخاصة عندما تتعلق الجرائم المرتكبة فى حقهم بشرفهم بالتابو الجنسى المحرم فى مجتمعنا الحديث عن أى شىء يخصه.

من هنا تنطلق أسس رواية «دليل جدتى لقتل الأوغاد» للكاتبة والروائية ميرنا المهدى والصادرة عن دار الكرمة للنشر العام الماضى 2023، والتى وصلت للقائمة الطويلة لجائزة كتارا للرواية العربية المنشورة هذا العام، فتنطلق ميرنا من إهدائها لهؤلاء الضحايا الذين لم يستطيعوا البوح من قسوة المجتمع، ميرنا المهدى المعروفة بكتاباتها البوليسية والقضايا والتحقيقات تأخذ هنا الجريمة كنقطة انطلاق لتشرح قضايا الانتهاك الجنسية فى مجتمعنا وتشرح معه نفوس المتعرضين لها من الضحايا بطريقة بديعة فى الوصف والتحليل.

اختارت الكاتبة أن يكون السرد للأبطال أنفسهم أو بمعنى أدق الضحايا أسرة شرف الدين فلا يوجد أفضل من ضمير المتكلم والصوت السردى للشخصية نفسها لكى تصف حالتها وآلامها لدينا هنا رواية أصوات تبدأ بأصغر فرد فى عائلة شرف الدين وهو عيسى الشاب الذى فى نهاية مرحلة المراهقة الذى يعانى من الاكتئاب ويختلف مع المجتمع ليس ذكوريا فهو يعترف بحقوق المرأة، ويخالف فى طريقة لبسه وفى إطلاقه لشعره، وهنا نرى ذلك النعت الذى يكون من أبيه ومن الناس والمجتمع بأن عيسى ليس رجلا، بل هو «مخنث» فقط لأنه مختلف، نرى أيضا علاجه من الاكتئاب بسبب انتحار زميلته فى المدرسة بسبب أحد الجرائم الإلكترونية المتعلقة بالتزييف، وهنا أيضا ينبذها المجتمع ويتسبب فى ضياعها وفى انتحارها فى النهاية، وفى ذلك الجزء من السرد نرى أيضا إشارة لنيرة أشرف الضحية الشهيرة وكأنه تذكير بأن الخيال نابع من الواقع.

نرى أيضا علاج عيسى من الاكتئاب ونفس نظرة أبيه له على أن هذا شىء مجنون لا إفادة منه.

هنالك أيضا بتول الابنة الكبرى للعائلة المتحررة وأقوى أفراد الأسرة وربما المعقدة بعض الشىء التى لا تتوانى فى مساعدة أحد يتعرض أو تعرض للعنف الجنسى، والتى لا تنسى تعرضها للتحرش فتريد منع هذه الجريمة من الحدوث مرة أخرى، وتريد أن تعاقب الجانى عندما تحدث.

بالطبع للأب منتصر دور كبير فى الأحداث رغم هامشية حضوره هو الوجع السلبى والقبيح للمجتمع هو من لا يستطيع حماية أفراد أسرته، ولا يأخذ حقهم، بل يلومهم هم على العرض والشرف، وهو لم يكن له صوت سردى، وكأنه يجب إسكات السلبية.

الجدة ناصرة هى شخصية عجيبة لا تتفهم ماهيتها تحديدا هى انتصار نعم فلقد انتصرت فى أكتوبر بدور فعال هى وزوجها الشهيد، وانتصرت أيضا لضحايا زوجها الثانى وتخلصت من عنفه الجنسى، ومنه هو شخصيا، وبعد ذلك لن تتوانى فى حماية أحفادها هى سيدة مصرية بامتياز.

مريم البنت الصغرى الوديعة المسالمة التى لا تعرف شيئا الشخصية المعاكسة تمام لشخصية أختها الكبرى بتول فهى الرومانسية والخجل والحب.

بهيج أو بيحو الشاب الوسيم القادم من كندا الذى يتزوج مريم البنت الصغرى فى عائلة شرف الدين، ويعاملها أفضل معاملة حسنة هى وأهلها وبالأخص أخيها الصغير عيسى، ثم يتضح بعد ذلك كذبه ووحشيته وإجرامه ومرضه، ويرتكب أبشع العنف الجنسى ضد مريم زوجته وأخيها عيسى، وتكون محاولة قتله هى شرارة بداية السرد فى الرواية، وهو رمز المجرم الذى سينال جزاءه عاجلا أو آجلا.

أما شخصية صابرين الأم فهى الشخصية المسالمة الصابرة على بلائها، وعلى زوجها المتنطع عليها، هى اسم على مسمى، ولكن تلك الصابرة هى التى ستنفجر لتنتقم للظلم الذى وقع على بنتها وابنها.

إن الرواية هى صرخة جريئة تشتبك مع المجتمع وأفراده، وتحاول أن تنتصر لضحايا العنف الجنسى، وتحاول أن تقف فى وجه سلبية المجتمع، وتعلى من صوت الإيجابية فى الدفاع عن حقوق الضحايا ومساعدتهم، وكل ذلك بنسج درامى مشوق وقريب من تلابيب النفس البشرية المعقدة، وبلغة متزنة بين القوة والبساطة، وسرد انسيابى جميل



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك