عجزت القوة العسكرية الهائلة لجيش الاحتلال الإسرائيلي وعلاقات دولة الاحتلال الواسعة حول العالم عن القضاء على جذور المقاومة الفلسطينية على مدار نحو 80 سنة من الاحتلال، إذ استمر المقاومون في تنغيص حياة المستوطنين منطلقين من مخيمات غزة والضفة.
ولذلك حاولت دولة الاحتلال عبر عدة مخططات من التهجير الكامل للفلسطينيين، بحجة توفير حياة أفضل لللاجئين تارة أو بناء دولة فلسطينية أخرى، ولكن جميع تلك المخططات كان مصيرها سلة مهملات في أحداث التاريخ بعد أن أجهضها النضال الفلسطيني.
وتستعرض جريدة الشروق 5 مخططات تهجير شهيرة طرحتها دولة الاحتلال ثم باءت بالفشل، وذلك نقلا عن بي بي سي، ودويتش فيلا، ومجلة نيو لاين.
-خطة 1953 برعاية الأمم المتحدة
سببت هجمات الفدائيين المنطلقة من مخيمات قطاع غزة مطلع الخمسينيات إرباك واسع لجيش الاحتلال، إذ أوقعت نحو 400 من القتلى والجرحى الإسرائيلين خلال 3 سنوات من العمليات الفدائية، وكان رد الاحتلال بتشجيع الأمم المتحدة على الخروج بمبادرة سيناء لتوطين 60 ألف من لاجئي مخيمات غزة في أراضي سيناء المصرية وعمل مشروعات زراعية مناسبة لهم.
وأبدى الفلسطينيون درجة عالية من الوعي بالخطة التي تبدو حسنة النية وانطلقت باكورة المعارضة من جريدة المقطم المصرية التي كشفت حقيقة الخطة تبعتها موجات من المظاهرات الفلسطينية الرافضة للمشروع بلغت ذروتها في مارس 1955 في انتفاضة مارس الشهيرة.
وقامت الحكومة المصرية بقيادة الرئيس جمال عبدالناصر بدعم انتفاضة مارس وإصدار رفض رسمي لمشروع سيناء، بينما وجه الرئيس بتسليح وتدريب المجموعات الفدائية بالقطاع، وكان ذلك سببا لمشاركة دولة الاحتلال الإسرائيلي بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
-الجيش المصري يجهض خطة العريش
ظلت خطة العريش طي الكتمان بعد نصف قرن من ظهورها وإجهاضها، غير أن وثيقة بريطانية مسربة كشفت ماتحتويه، إذ استغلت دولة الاحتلال سيطرتها على سيناء بعد نكسة 1967 لتطلق مشروع إعادة توطين لأهل غزة في مدينة العريش السيناوية، وأطلع وزير النقل الإسرائيلي شيمون بيريز المملكة البريطانية على تفاصيل الخطة.
وشملت الخطة تهجير 100 ألف فلسطيني من مخيمات قطاع غزة، ما يعادل ثلث الأهالي المتواجدين والذين يتم ترحيلهم لمدينة العريش استغلالا لبيوت المصريين النازحين خلال الحرب، ولم تنجح الخطة إذ شن الجيش المصري في أكتوبر 1973 حربا شاملة تم على إثرها استرداد كامل سيناء وطرد المستوطنين الإسرائيليين أنفسهم من العريش.
-خطة آيلاند وهجمة مرتدة من المقاومة
وخرج المستشار الأمني الإسرائيلي جوري آيلاند عام 2000 بخطة زعم أنها متعلقة بحل الدولتين تقضي بتوطين الفلسطينيين على مساحة 700 كيلومتر من الأراضي الحدودية في سيناء، مقابل تعويض مصر بمساحة مماثلة من صحراء النقب، وبالمقابل تسيطر إسرائيل على 700 كيلومتر من الضفة الغربية.
لم يلق الاقتراح أي تجاوب من مصر ولا الشعب الفلسطيني ولكن المفاجأة حدثت بعد اشتعال هجمات المقاومة بقطاع غزة خلال انتفاضة الأقصي، وإشراف جوري آيلاند بنفسه على خطة ترحيل المستوطنين من قطاع غزة في خطة فك الاشتباك.
-خطة بن آريه والإغراءت الرخيصة
حاول رئيس الجامعة العبرية يوشع بن آريه النجاح فيما فشل فيه جوري من قبل ليخرج بورقة بحثية تقترح مشروع تبادل الأراضي، ويقترح فيه على الحكومة المصرية توطين الفلسطينيين بالعريش، مقابل تمويل إسرائيلي لإنشاء ميناء للمدينة والسماح لمصر باستغلال المنطقة الحدودية في عمل مشروعات سكك حديدية وخطوط لمواد الطاقة، ولكن المشروع لم يلق تجاوبا.
وتجدر الإشارة إلى أن بن آريه قد توفي بعد شهرين من هجوم الـ7 من أكتوبر ليشهد أسوأ هزائم دولة الاحتلال بتاريخها القصير.
-صفقة القرن ومحاولة ترامب تصفية القضية
وأثارت العالم صفقة اشتهرت بصفقة القرن بدأت عام 2019 برعاية جيراد كوشنار نسيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره الأمني، وتضمنت الصفقة مرحلتين أولاهما اقتصادية، والثانية سياسية، وهي التي بدأت عام 2020، وقد شملت الموافقة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة محاطة بأراضي محتلة من قبل إسرائيل، بينما لن تشمل الدولة الفلسطينية أي مساحة من القدس.
وتزامن مع الصفقة المذكورة عاصفة من التقلبات السياسية داخل دولة الاحتلال بسبب الصراعات الحزبية ما أدى لتأجيل الصفقة حتى 2023 وبمجرد بدء العام المذكور واصلت الصفقة تعثرها بمظاهرات عارمة ضربت دولة الاحتلال بسبب الإصلاحات القضائية ثم طوفان الأقصى الذي زاد الإرباك لدولة الاحتلال.
-خطة الجنرالات وصمود جباليا
وظهرت أحدث خطط تهجير الفلسطينيين مع الذكرى الأولى لعملية طوفان الأقصى، حيث أقدم جيش الاحتلال لمحاصرة شمال قطاع غزة، وأمر الأهالي بالمغادرة وسط موجة واسعة من التجويع وتفجير المنازل.
تصادمت خطة الجنرالات التي كانت من بنات أفكار جوري آيلاند صاحب خطة آيلاند سابقة الذكر مع صمود مقاتلي المقاومة الفلسطينية، إذ صمدوا خلال 3 أشهر لم تتوقف خلالها عمليات استهداف وسقوط قتلى من جيش الاحتلال لحين الإعلان عن وقف إطلاق النار.