كسوة الكعبة (10).. مصر تعود لإرسالها كسابق عهدها بعد جلاء الفرنسيين عنها - بوابة الشروق
الأحد 30 يونيو 2024 3:40 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كسوة الكعبة (10).. مصر تعود لإرسالها كسابق عهدها بعد جلاء الفرنسيين عنها

منال الوراقي
نشر في: الثلاثاء 27 يونيو 2023 - 12:22 م | آخر تحديث: الثلاثاء 27 يونيو 2023 - 12:22 م
على مر التاريخ، اُعتبرت كسوة الكعبة من أهم مظاهر الاهتمام والتشريف والتبجيل لبيت الله الحرام، التي برع فيها أكبر فناني العالم الإسلامي، حتى أصبح تاريخها جزءا من تاريخ الكعبة المشرفة نفسها.

وهذا العام، أعادت مجلة الأزهر الشريف الإسلامية الشهرية، الصادرة عن مجمع البحوث الإسلامية، نشر كتاب المؤرخ الكبير السيد محمد الدقن، "كسوة الكعبة المعظمة عبر التاريخ"، الصادر في مايو عام 1985، والذي رصد من خلاله تاريخ تصنيع وزركشة ونقش كسوة الكعبة المشرفة منذ بناؤها.

استئناف إرسال الكسوة من مصر بعد جلاء الفرنسيين عنها

لم ترسل الكسوة الشريفة من مصر خلال تلك السنوات الثلاثة ۱۲۱۳، ١٢١٤، ١٢١٥هـ بسبب أحداث الغزو الفرنسي لمصر، غير أن ذلك لا يعني بطبيعة الحال أن الكعبة المشرفة بقيت دون إرسال كسوات لها خلال تلك السنوات، بل المنطق يقول: إن الدولة العثمانية صاحبة السيادة على البقاع المقدسة لم تهمل في إرسال الكسوة، ويبدو أنها قد أرسلتها صحبة المحمل الشامي بعد أن صنعتها في الآستانة.

ومما يرجح ذلك أنه في سنة ١٢١٦ هـ وفي شهر ربيع الثاني، وهو نفس الشهر الذي خرج فيه الفرنسيون من مصر، بادرت الدولة العثمانية بإرسال المحمل المصري الذي كان مودعًا بالقدس منذ سنوات ولم يرجع إلى مصر بسبب أحداث الحملة الفرنسية على مصر، فوصل المحمل بصحبة سليمان أغا ومعه بعض الأمراء القادمين من الشام فقوبل باحتفال عظيم في القاهرة.

وفي شهر جمادى الثاني، أي بعد خروج الفرنسيين من مصر بأقل من شهرين، وصل إلى القاهرة كسوة جديدة للكعبة المشرفة من الآستانة، وكان السلطان العثماني قد أمر بصنعها على وجه السرعة حينما وصلته أخبار رحيل الفرنسيين من مصر، وأرسلها إلى مصر فورًا عن طريق البحر، لتخرج من مصر إلى مكة المكرمة.

فوصلت الكسوة إلى الإسكندرية في أحد عشر يوما، واستقبلت في مصر بفرح وسرور عظیمین، ويحكي لنا الجبرتي خبر وصول تلك الكسوة ووصفها وابتهاج المصريين بها واستقبالهم لها أحسن استقبال فيقول: "ورد الخبر بوصول كسوة للكعبة من حضرة السلطان، فلما كان يوم الأربعاء ۱۹ من جمادى الثانية سنة ١٢١٦ هـ حضر واحد أفندي وآخرون وصحبتهم الكسوة، فنادوا بمرورها في صبحها يوم الخميس".

وتابع: "فلما أصبح يوم الخميس ركب الأعيان والمشايخ والأشاير وعثمان كتخدا أمير الحج، وجمع من الجاويشية والعساكر والقاضي ونقيب الأشراف وأعيان الفقهاء، وذهبوا إلى بولاق وأحضروها وهم أمامها، وفردوا قطع الحزام المصنوع من المخيش ثلاث قطع والخمسة مطوية، وكذا البرقع ومقام الخليل، كل ذلك مصنوع بالمخيش العال والكتابة غليظة مجوفة متقنة، وباقي الكسوة في سحاحير -صناديق- على الجمال وعليها أغطية جوخ أخضر، ففرح الناس بذلك وكان يوما مشهودًا".

وعن كواليس صنع كيوة الكعبة، ذكر الجبرتي أنه عندما وصل الخبر بفتح مصر وجلاء الفرنسيين عنها، أمر السلطان بعملها فصنعت في ثلاثين يوما، وعند فراغها أمرهم بالسير بها ليلا، وكان الريح مخالفا، فعندما حلوا المراسي اعتدل الريح بمشيئة الله تعالى، وحضروا إلى الإسكندرية في أحد عشر يوما.

وقد أرسلت هذه الكسوة إلى الكعبة المشرفة في موسم ذلك العام ١٢١٦هـ صحبة المحمل والصرة، في شهر شوال كما هي العادة، وكان أمير موكب الحج في تلك السنة عثمان بك كتخدا.

وظلت الكسوة الشريفة تُرسل من مصر سنويًّا كالمعتاد حتى كانت سنة ١٢٢١هـ حيث خرج المحمل كالعادة وبصحبته الكسوة، فعندما وصلوا إلى مكة كان الأمير سعود الكبير، زعيم الحركة السلفية، قد بسط سيطرته على الحجاز فتقابل مع أمير المحمل المصري وأنكر عليه هذه البدع من الطبول والزمور المصاحبة لموكب الحج، وحذره من معاودة المجيء إلى الحج على هذه الصورة قائلا له: «لا تأتِ بذلك بعد هذا العام، وإن أتيت به أحرقته».

فتوقفت مصر عن إرسال الكسوة الخارجية للكعبة، فكساها الأمير سعود كسوة من القز الأحمر، ثم كساها بعد ذلك بالديباج والقيلان الأسود، وجعل إزارها وكسوة بابها "البرقع" من الحرير الأحمر المطرز بالذهب والفضة، وعندما استردت الدولة العثمانية سيادتها على الحجاز، عادت مصر إلى إرسال الكسوة الخارجية للكعبة كل عام كسابق عهدها.

اقرأ أيضا
كسوة الكعبة (9).. توقف إرسالها من مصر إبان الغزو الفرنسي


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك