ماذا يعنى اختطاف سبع من جنودنا فى سيناء جهارا نهارا وداخل أرض مصرية تخضع لسيطرة الدولة (هكذا نظن)؟.. بدون الدخول فى انفعالات لتوظيف الحادث فى إطار الصراع السياسى القائم فى مصر، فإن الحادث كشف لنا عن:
1 ـ فقدان تام لهيبة الدولة المصرية، بدرجة سمحت لمن يشاء من المجرمين بالتعدى على جنودنا خطفا أو قتلا (مثلما جرى فى رمضان الماضى) دون أن يساورهم الخوف من رد رسمى عنيف.
2 ـ تخبط تام فى صناعة القرار، وتعدد مراكز صنعه، الرئاسة كانت ينبغى أن تكون الطرف الأصيل والفاعل، وفى القلب منها المؤسسة العسكرية، لكن دخلت أطراف سياسية مع السلطة، لتكشف عن تفاوض بلا صلاحيات.
3 ـ عندما يجرى قتل 16 من جنودنا فى رمضان وتمر الشهور ولا نتحرك خطوة فى ضبط القتلة، فلا تلومن الخاطفين أو الارهابيين على التجرؤ على قواتك.
4 ـ حادثة خطف جنودنا لن تكون الأخيرة بل ستتكرر للأسف طالما بقيت الأوضاع السياسية والانقسامات وضياع هيبة الدولة كما هى.
على أطراف الحدث، سترى كما هائلا من التساؤلات، بعضها برىء والآخر ينبنى على سوء النية من كل طرف تجاه الآخر، وبسبب أجواء الصراع السياسى الدائر فى بلادنا وغياب تام للشفافية، أصبحنا نفتقد القدرة على تحديد الحقيقة من الإشاعة فيما يجرى، وإليك الأمثلة التالية:
هل هناك صراع خفى ومكتوم فى العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية (الله أعلم)، هل يرغب الجيش فى التعامل العسكرى مع الأزمة بينما الرئاسة ترفض منحه الضوء الأخضر (الله أعلم)، ما هى علاقة حركة حماس بتلك الحادثة وهل ثمة ارتباط بين قتل جنودنا فى سيناء العام الماضى والحادثة الأخيرة (الله أعلم)، هل هناك ترتيب خاص لمنطقة سيناء، يجرى الإعداد له لفصلها عن الوطن وإعلانها ولاية إسلامية (الله أعلم)، ما هى علاقة هدم الجيش للأنفاق وهى مصدر دخل عائلات وقبائل سيناوية وبين عملية خطف جنودنا بهدف الضغط لإيقاف مثل هذه العمليات (الله أعلم).
فى مواقف مشابهة لحادثة خطف جنودنا فى سيناء، سوف تستدعى ذاكرتك (غصب عنك) نماذج مشابهة جرت فى دول مختلفة، ثم تتذكر كيف أدارت حكومات تلك الدول مثل تلك الأزمات وعندما تراجع البيانات الصادرة عن المؤسسات الرئيسية لتلك الدول، فسوف تلاحظ كما من التعبيرات القاسية تجاه الخاطفين والإرهابيين وأنه لا تفاوض أو وساطة، للأسف فإن شيئا من هذا لم نره فى أداء الدولة المصرية ومؤسساتها، بل كانت الوساطة والوسطاء والتفاوض هو العنوان الأوضح لإدارة الدولة المصرية لتلك الأزمة.
وقبل الخروج من أزمة جنودنا المخطوفين، علينا ألا نتجاهل وجود أزمة ضاغطة ومزمنة فى سيناء، تمثلت فى تجاهل نظام مبارك لتنميتها ثم زادت الأوضاع سوءا بعد الثورة وخلال العامين الماضيين عندما أصبحت أرضا خصبة للسلاح المهرب واستيطان عناصر إرهابية وحركات جهادية، ناهيك عن قضية الأنفاق التى لا نعرف عنها إجابة تشفى الغليل، وفى قلب كل هذه الأزمات، تأتى أوضاع أهالى سيناء وعلاقتهم بالدولة المصرية التى لم يتم بلورتها حتى الآن.
الحقوا سيناء قبل أن تضيع.