رحل جلال أمين عالم الاقتصاد الاجتماعى الأشهر لكن سؤاله يظل معلقا فوق رءوسنا «ماذا حدث للمصريين؟» وهو فى تقديرى سؤال استنكارى لا علاقة له بالفهم أو الاستفهام، نعم هناك تحول واضح فى سلوك المصريين لا يخطئه وجدان البقية الباقية من العنصر النقى من الأسلاف.. شهد أسبوع واحد حدثين روعا الوجدان المصرى بقسوة الأول فردى والثانى ألم بجماعة من أهلنا كان من نصيبهم مأساة كارثية لاحقتهم بلا ذنب جنوه.. يعلم الله وحده إلى الآن اليد التى دبرته وهى فى كل الأحوال يد البطش سواء كانت يد الإرهاب أو الأهمال والعقل المغيب.
داهمتنى حادثة الطفل الذى نهشه وجه كلب القاضى، فليس أصعب على النفس من تصور معركة غير متكافئة بين عجز وبراءة طفل فى مواجهة شراسة حيوان مفترس. أما الذى جعل السؤال يعاود التحرك ألما فى نفسى فكان موقف الأم التى ظهرت بجوار صورة لابنها بعد أن شوه الكلب ملامحه لتشكر إنسانية المتعاطفين وترجو ألا يثير الحادث حفيظتهم تجاه الكلاب فيلجئون لتسميمهم كما ذكر البعض وترجو أصحاب الكلاب العناية بهم ومراعاتهم وملاحظتهم أثناء التمشية اليومية لهم. ما زاد من حيرتى أنى قرأت على صفحات التواصل الاجتماعى أن وزير العدل تقدم باعتذاره لعائلة الطفل!! ما دخل وزير العدل بما حدث وعن أى ذنب يعتذر وبأى صفة؟ إذا كان صاحب مسئولية الكلب قاضيا أو طبيبا أو تاجرا فهو فقط المسئول.. صنعته لا تسبغ عليه أى أهمية تنسبه إلى هيئة عليا مطلوب منها احتواء الحدث أو معالجته بتلك الصورة على الإطلاق. أما الأم فأنا لا أتصور على الإطلاق أن هذا هو شعورها الحقيقى هذا رد فعل غير طبيعى بالمرة، فى العالم المتحضر يطلقون النار فورا على الكلب الذى يهاجم إنسانا مسالما. أما لدينا فالكلب فى الحجر الصحى هادئ مطمئن يلقى أفضل رعاية هذا ما أعلن عنه والله أعلم بالحقيقة التى ربما كانت أنه ينام هادئا فى كنف أسياده!
ماذا حدث للمصريين؟.. منذ أسابيع سمعنا عن صفقة لتوريد الكلاب الضالة لبلاد تأكل الكلاب كما نأكل نحن الخراف والأبقار ولعلنا جميعا نعلم خطر الكلاب الضالة فى شوارع المحروسة. لكن هناك مجموعة من السيدات رقيقات الشعور اللائى يتزعمن الدفاع عن حقوق الكلاب الضالة التى تتجول فى مجموعات مثيرة للرعب فى الأحياء الشعبية والعشوائيات بعيدا عهن «الكمبوندات» التى يعيشون فيها بدأن الصراخ دفاعا عن تصدير تلك الثروة القومية وحرمان البلاد منها بزعم أنهم يسلمون الكلاب أحياء ليفرز الأدرينالين قبل ذبحها الأمر الذى يزيد من «حلاوة» طعمها!!
بالطبع لا أحد يتمنى هذا المصير لكلاب مصر الضالة وإن كنت لا أصدق من الأصل. لكن تسوية هذا الأمر بلا شك واردة فى شروط الصفقة إذا لزم الأمر!
بقية الحوار تلك الشماتة التى تظهر فى تعليقات الكثيرين: لماذا الاهتمام بطفل «مدينتى» بينما الكلاب الضالة تنهش أولاد «الغلابة» فى العشوائيات دون إعلان أو اهتمام؟!
مشاعر غريبة تحلق فى سموات الوطن كالركام تطال كل مفردات الوئام الاجتماعى الذى تعودناه واعتبرناه دائما سمة لمجتمع الشهامة والجدعنة والكرامة فى الحارة المصرية والشارع الشعبى.
حقا.. ماذا حدث للمصريين؟ مات صاحب الحق فى الإجابة..
رحم الله جلال أمين
المحرر